الأربعاء: 15/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

أحياء في سجونهم ينتصرون..

نشر بتاريخ: 05/09/2022 ( آخر تحديث: 05/09/2022 الساعة: 00:05 )

الكاتب: وليد الهودلي

عندما يتخذ الاسرى قرارا بالإضراب فإنه يمرّ بمراحل يجري فيها إعداده على نار هادئة، تُطرح الفكرة على قواعد التنظيمات ويتم عقد جلسات مناقشة ثم يجري الاستفتاء العام لتفوق نسبة الموافقين على الاضراب التسعين بالمائة ثم يناقش موضوع التوقيت المناسب مناخيا وسياسيا ثم تبدأ التهيئة والسير وفق خطة مدروسة، ويكون التواصل بين التنظيمات على أفضل وجه للوصول الى اضراب موحّد تشارك فيه كل الفصائل، ومن الخطة التواصل مع الخارج وتهيئة الأجواء لتحريك الشارع الفلسطيني بشكل جيّد وكذلك التواصل مع الاعلام للوصول الى أفضل تغطية إعلامية ممكنة.

هذه المرّة تم تحقيق أغلب النقاط والتي من شانها أن تخرج اضرابا ناجحا، فقد تحققت الوحدة واصطفاف الكلّ الفصائلي دون أي استثناء، وتهيأت الأجواء خارج السجون أفضل تهيئة ممكنة، وعقد الاسرى عزمهم على الشروع في الاضراب وفق خطة متدحرجة بحيث تكون البداية مع الف ففاقت التوقّع وقرّر المشاركة الف ومائتين وكان فيهم من الاسرى القدامى والمؤبدات مما شكّل ثقلا كبيرا وازنا كان من شأنه أن يلهب الشارع الفلسطيني ويحقّق حراكا كبيرا.

أتوقّع من خلال رؤيتي للمشهد الإسرائيلي أن تقدير الموقف عندهم قد أنذر بمخاطر وتوقّعات قاسية على أمنهم وأن مردود هذا الاضراب سوف يفضي الى نتائج غير متوقعة وقد لا تحمد عقباها، وأن الوضع الانتخابي عندهم سوف يتأثّر تأثرا كبيرا، وأنّ هناك خسارة كبيرة لبعض الأحزاب التي تشكل الحكومة اليوم لو انتصر الاسرى ووصلوا الى مطالبهم، وأن التراجع أوّل الامر خير من التراجع بعد تدحرج الأمور لصالح الاسرى في السجون.

وهنا لا بدّ من استخلاص العبر والوصول الى الأسباب التي أدّت الى تحقيق نجاح الاضراب قبل الشروع فيه والتي أذكر منها:

- وحدة الاسرى وقرارهم دخول الاضراب موحدين وهذه رسالة جليّة وواضحة للخارج تقضي بضرورة نبذ الانقسام وتوحيد الجبهة الفلسطينية وصولا الى برنامج نضالي موحّد.

- أثبت ما جرى أننا نمتلك القدرة على إدارة المعركة والتخطيط لها وحشد كل إمكاناتها وصولا إلى أهدافها وأن علينا أن لا نقلّل من ثقتنا بما لدينا من قدرات وان لا نخفض سقف توقعاتنا أبدا.

- ان نبني على هذه الخطوة الناجحة خطواتنا التالية بالمزيد من رصّ الصفوف وتوسيع أفق الحوار وتكثيف الجهود للعمل المشترك بحيث يصبح ديدننا والصفة الدائمة التي تجمع شتاتنا وتعزّز عوامل انتصارنا في المعارك القادمة.

- تكثيف التواصل بين داخل السجون وخارجها على أنها جبهة واحدة متكاملة فأسرانا ليسوا حالة إنسانية ينبغي التضامن معها والشعور بمعاناتها بل هم قلب المعركة وهم جزء أساسي من القرار السياسي الفلسطيني وهكذا ينبغي التعامل معهم على أنهم بالفعل لا بالشعار قادة وفي مقدمة الصفوف وسبّاقون في ميادين العمل السياسي والثقافي والاجتماعي، فعلينا أن لا نحسب أسرانا أمواتا في سجونهم بل هم أحياء ينتصرون ويصدّرون لنا الفكرة والموقف والخطة والقرار وسبل الانتصار والارتقاء في كل مجالات الحياة.