الأربعاء: 15/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الخوف الاسرائيلي من انتفاضة فلسطينية عارمة

نشر بتاريخ: 06/09/2022 ( آخر تحديث: 06/09/2022 الساعة: 11:39 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

خوف الاحتلال الصهيوني من امكانية حصول انتفاضة عارمة في دولة فلسطين المحتلة يعكس حالة من الاستغباء الصهيوني الذي ستكون نهايته الحتمية زوال اسرائيل ككيان عنصري، اذ وبالرغم من معاناة الفلسطينيين اليومية من جرائم الاحتلال الصهيوني الا ان الفلسطينيين كاصحاب حق ما زالو يقفون كالجبل لا يهزه الريح بكل تحدي وصمود في وجه هذا الاحتلال العنصري وذلك بالرغم من الفرق الشاسع في ميزان القوة العسكرية بين الطرفين لصالح الاحتلال الا انه وبدون شك يميل انسانيا واخلاقيا وسياسيا لصالح اصحاب الحق، الفلسطينيون.

الحركة الصهيونية تعي انها في نهاية المطاف ستفشل امام شعب يزداد قوة بعد كل ضربة توجهها له هذه الحركة العنصرية بدليل ان الشعب الفلسطيني يصنع من المعاناة صمود ومن اللجوء القسري ملاذ آمن لجماية روايته التي لم تعد قابلة للشطب بعد ان نقشها الفلسطينيون على ذاكرة العالم ، هذه الرواية يحملها في جيناتهم كل من هُجِروا قسرا من فلسطين ليورثوها للابناء والاحفاد الذين هم ايضا يحملونها في جيناتهم حيثما يعيشون في كل بقاع الدنيا والغريب انهم اي الصهاينة ازاء كل ذلك يزعمون بانهم يخشون من اندلاع انتفاضة فلسطينية عارمة مع انهم يعون اكثر من غيرهم بان عدم اندلاعها ان استمرت الامور على ما هي عليه يعني سكوت الفلسطينيين عن حق هم اصحابه امام باطل المحتلين لارضهم .

الفلسطينيون يؤمنون بان سكوت اهل الحق عن الباطل سيجعل اهل الباطل يعتقدون بانهم على حق وهذا لا يمكن له ان يكون لانه ليس من شيم الفلسطينيين الذين تربوا على هذه الثقافة التي تعود بجذورها الى من كرم الله وجهه سيدنا علي بن ابي طالب صاحب نظرية الحق والباطل التي لم يثبت عكسها طوال اربعة عشر قرن.

من الناحية الاخرى وفي نفس السياق بدأ يطل علينا في الاشهر الاخيرة الاستغباء الامريكي الذي يجسده الرئيس بايدن بكل جدارة فهو لا يتوقف عن تصريحاته بخصوص تحسين حياة الفلسطينيين ولكن بدون كرامة لانه يريدهم ان يعيشوا عبيدا تحت الاحتلال الصهيوني كونه وبالرغم من تاكيده على الدولتين كحل لصراع العصر الا انه لا يرى اي امل بقيام دولة للفلسطينيين قبل عودة سيدنا المسيح خصوصا وانه يعتقد كما صرح بنفسه في العلن بان قيام دولة فلسطينية حتى ولو كانت على اقل من ربع ارض فلسطين التاريخية بحاجة الى المسيح لتحقيق ذلك مع ان الرئيس الامريكي هو من يملك الحل والقادر على فرضه لو شاء ذلك.

الرئيس الامريكي يعرف بان الدولة الفلسطينية ليست منة من احد وانما هي كما اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال ولدت من رحم الشرعية الدولية وعلى نسبة 46% وليس 22% من مساحة فلسطين التاريخية وذلك ضمن قرار التقسيم رقم 181 الصادر في التاسع والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1947، واقول استغباء امريكي كونه ليس سرا في ان هذه الشرعية الدولية وتحديدا الخاصة بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني هي في واقع الامر رهينة في يد الفيتو الامريكي الذي ما زال يتحكم فيه والى درجة كبيرة اللوبي الصهيوني بزعامة الايباك.

طبعا ما سبق لا يحمل اي جديد لاي متابع ولكن تكراره صار ضرورة على امل ان تكراره قد يؤدي الى تصويب البوصلة باتجاه الحل الذي طال انتظاره وذلك بعد ان قبلنا مرغمين بان تكون قبلة الحل السياسي و منذ سنة 1993 هي البيت الابيض الذي شهدت حديقته على توقيع انهاء الصراع الا اننا وبعد مرور قرابة العقدين من الزمن ما زلنا ننتظر في الحديقة بعد ان اصبح واضحا وضوح الشمس ان البيت الابيض لا يتسع الا للصهاينة اليهود ولا مكان فيه للفلسطينيين الذين ما زال جرحهم ينزف بسبب طعنات الخناجر الصهيونية المممولة اساسا من البيت الابيض .

في مقال سابق قلت بان المتغطي في امريكا عريان وهذا ايضا ليس سر وها انا اكرر ما قلت لان الاستمرار في العلاقة مع امريكا المنحازة لدولة الفصل العنصري لا يعني سوى اطالة عمر الاحتلال لان امريكا تجسيد لحضارة القوة وهي لا تحترم غير الاقوياء ولا مكان حقيقي في سياستها الخارجية لا لحقوق الانسان ولا لحق الشعوب في تقرير مصيرها مع لن كل ذلك يشكل اساس الدستور الامريكي .

الاخ المرحوم صائب عريقات كان يقول بانه لم يكن هناك اي داعي لحضور اي اسرائيلي الى اي اجتماع تفاوضي بين الاسرائيليين والفلسطينيين وذلك عندما يكون مندوب البيت الابيض دينيس روس حاضرا في الااجتماع ، ليس هذا فقط وانما يحضرني ايضا ما صرح به بنيامين بن اليعازر وكان وزيرا للجيش الصهيوني في حينه وذلك بعد لقاءه مع ديك تشيني (نائب الرئيس الامريكي بوش) قال انه اخبرني بانهم لا يمانعوا "اي الامريكان" من شنق او قتل ياسر عرفات.

بالرغم من كل ما ذكرت الا ان الفلسطينيون ما زالوا والى يومنا هذا ملتزمين بكل ما اتفقوا عليه مع الامريكان والذي ورد في خطاب الشهيد عرفات في جنيف سنة 1989 والذي تتوج لاحقا بزيارة كلينتون لغزة سنة 1996 وحضوره لاجتماع المجلس الوطني الفلسطيني ليشاهد ويشهد على موافقة المجلس غلى تغيير ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية لصالح دولة الفصل العنصري كما وان الفلسطينيين ملتزمين ايضا بما اتفقوا عليه مع رابين سنة 1993 واساسه مكافحة الارهاب ونبذ العنف والاعتراف باسرائيل وكان كل ذلك في مقابل تطبيق قرارات الشرعية الدولية 242 و 338 من اجل اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وذلك قبل نهاية الالفية الثانية والمفروض ان كل ذلك كان بضمان امريكي ولكننا تفاجئنا بان الضامن على ما يبدو هو سيدنا المسيح والى ان يعود ستعمل امريكا كما ورد على لسان رئيسها على تحسين حياة الفلسطينيين ولكن كعبيد تحت الاحتلال وستعمل اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال على زيادة عدد تصاريح العمال الفلسطينيين في الداخل وفي المستوطنات.

ما سبق في اعتقادي يفسر سبب الخوف الصهيوني من اندلاع انتفاضة فلسطينية عارمة خصوصا وان الصهاينة يعرفون اكثر من غيرهم بان الفلسطينيين ولدوا اسيادا في فلسطين ولن يقبلوا باقل من ذلك حتى لو منحت اسرائيل القوة القاتئمة بالاحتلال تصاريح عمل لكل الفلسطينيين .

حتاما وازاء هذا الخوف والقلق الاسرائيلي اتذكر مثل كان يردده حكمائنا المسنين رحمهم الله "اللي بيخاف من العفريت بيطلع له" ولكنه ان طلع هذه المرة فسوف يحول القلق الصهيوني الى كابوس لن ينتهي الا بكنس الاحتلال.