الكاتب: د. أحمد رفيق عوض
بدعوة كريمة من الوزير رئيس ديوان الموظفين العام ورئيس مجلس إدارة المدرسة الوطنية للإدارة الأخ موسى أبو زيد، فقد شهدت حفل تخريج 35 متدرباً من 16 مؤسسة من كافة القطاعات الحكومية حيث كان من ضمن هؤلاء مدراء عاميين وكبار الضباط في الأجهزة الأمنية ومدراء عاميين في المؤسسات الإعلامية ومدراء من القطاع الخاص والأهلي، تلقوا تدريباً عالياً ومتقدماً في الإدارة والقيادة وإدارة الأزمات والمفاوضات المالية وغيرها، كما تضمن هذا الحفل الذي جرى في مقر المدرسة في بلدة أبو شخيدم على تلة مشرفة تقابل جامعة بيرزيت من جهة الشرق، تخريج 50 متدرباً من 22 مؤسسة وهيئة حكومية وهم مدراء من فئات ABC حيث تلقوا تدريباً في موضوعات عدة تتعلق بتحسين الأداء الوظيفي كالتخطيط الاستراتيجي والاتصال والتواصل والقيادة الفاعلة وإدارة الفريق والهياكل التنظيمية وذلك من أجل تعزيز قدرات الموظفين في تصميم الخطط التنفيذية ومتابعة مؤشرات الأداء.
استوقفني في هذا الحدث عدة أمور أحببت ان اتحدث عنها من منطلق الشعور بالفخر والإعتزاز بالإنجاز والدأب والمثابرة والرغبة في اثبات الحضور الجمعي وتوحيد الجهود الفردية وحضور الرؤية وترجمتها إلى أفعال والتفاني بالعمل، عندما يكون هناك قرارات ومعطيات يمكن تجميعها ولو بصعوبة. كان مبنى المدرسة مثلاً مبنى ذكياً في تركيبه وتوزيعه وهندسته تشبه وتلائم طبيعة عمله والمقصود منه والهدف المرجو له، هندسة البناء هندسة بقدر الجدية الظاهرة الا انها تتميز بالرشاقة والاناقة أيضاً، وهي تأخد بعين الاعتبار معطيات البيئية من الضوء والهواء والمنظر الطبيعي حيث انطلاق الريف ونظافته وألقهِ كما استوقفني أن هذه المدرسة المرتبطة فعلياً بديوان الموظفين العام المسؤول عن هيكلة وتوزيع وتغذية وتجديد الجهاز الحكومي برمته، هي مدرسة لتكريس التقاليد والأعراف واللوائح والقوانين ضمن رؤية مرنة وحداثية للخدمة الحكومية، بمعنى أن هذه المدرسة تؤسس للروتين الحكومي بمعناه النشط ومضمونه الحديث القائم على السرعة والكفاءة والرقابة والتقييم.
كما استوقفني ان هذه المدراسة تستجلب التجارب العالمية وتوطِنها وتكيفها للظرف الفلسطيني المركب والمعقد، حيث أن الوطن الفلسطيني يواجه عمليات التهديم والتهديد والتآكل، وحيث ان المؤسسة الفلسطينية، حكومية او أهلية، تواجه التعقيدات المتواصلة والمختلفة، لهذا، فإن مدرسة تدرب الكوادر على الإدارة وعلى القيادة يعني ان هذا الكادر يتدرب على المواجهة والاشتباك وابتكار الحلول واختراع الأدوات والوسائل، وبالقدر الذي ترى المدرسة نفسها ناقلة للتجارب فإنها – بهذا المفهوم – صانعة للتجارب ايضاً.
عند وجود مدرسة– كل مدرسة – فهي تقوم عملياً بوضع المعايير والقيم والسقوف لنوع الخدمة الحكومية المقدمة للجمهور من جهة، وتقوم عملياً بخلق ثقافة لهذه الخدمة من حيث الكم والكيف ومن حيث التقييم والتصويب والمراجعة.
استوقفني ايضاً أنه رغم كل ما يحيط بنا من ظروف قاسية ومعاناة لا يعلمها إلا الله، إلا ان تكريس الجهد وكامل الايمان بضرورة بناء الانسان القادر على ممارسة عمله كجزء من صموده ومواجهته، يعني ان الدولة تستحق ولا يمكن بناء الدولة خصوصاً مثل دولتنا العتيدة إلا بطريقة المداميك، مدماكاً بعد مدماك، ويبدو ان هذه المدرسة هي احد الأمثلة المناسبة على ذلك.
أخيراً، يفرحني شخصياً أن أرى مستشفى يقدم خدمة فائقة، والمؤسسةالحكومة تعامل الجمهور بطريقة لائقة، ويجعبني الموظف الذي يقوم بوظيفته وكأنه يصلي، وأفرح جداً أن اتلقى الخدمة التي اطلبها من أي مؤسسة حكومية او أهلية دون المرور بتعقيدات يمكن التخلص منها.
المدرسة أسست سنة 2016، وخرّجت حتى الآن (7) آلاف متدرب حسب ما ذكره الأخ الوزير موسى أبو زيد الذي يستحق الإشادة والتحية.