الخميس: 19/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

عن (عدم) المشاركة الفلسطينية في انتخابات الكنيست الإسرائيلي

نشر بتاريخ: 14/10/2022 ( آخر تحديث: 14/10/2022 الساعة: 11:10 )

الكاتب: حيدر عيد

لست من المؤيدين للمشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي على الإطلاق و أتمنى ألا يشارك أبناء شعبنا بها لا ترشحاً و لا تصويتاًكون هذا "البرلمان" يجسّد من ناحية، العنصرية البغيضة للأيديولوجيا الصهيونية، و من ناحية أخرى يشكّل ورقة التوت التي تغطي عورة نظام الاستعمار الاستيطاني على أرض فلسطين التاريخية. في المحصلة النهائية فإن مشاركة أعضاء عرب في هذه المؤسسة يمنحها الشرعية الليبرالية التي تروج لها ماكينة البروباجندا الإسرائيلية بدعوى مشاركة أبناء الأرض الأصلانيين في التشريعات التي تصدرها حتى لو كانت تؤدي لإبادتهم.

و الحقيقة أن أزمة القيادة القائمة والأحزاب السياسية الفلسطينية كافة، في مناطق ال48، باتت عميقةً جدًا لدرجة أن السبب الوحيد الذي يتم طرحه بدون خجل لتبرير المشاركة هو تحسين شروط الاضطهاد العنصري الممارس بحق 1.4 مليون فلسطيني تعتبرهم المؤسسة الأشكنازية الحاكمة إما “طابور خامس” أو “عبيد” يمكنتدجينهم ثم الاتكاء عليهم في صراعاتها الداخلية و لعبة تشكيل الحكومات و التوصية برئيس وزراء مجرم حرب على حساب مجرم حرب آخر.

تكمن إشكالية المشاركة في هذه الانتخابات في أنها تحصر الخيارات، إما في "الاقتناع" بشرعية العمل ضمن النظام وقبول الهياكل القائمة تبعًا لذلك - نموذج منصور عباس و القائمة المشتركة- وإما في التوصل إلى أنه لا مكان للتغيير الجذري والتردد بطرح راديكالي بعيداً عن اختزال المشكلة بالمساواة في المواطنة-التجمع لحد ما-. و لكن تكمن مشكلة العمل ضمن النظام القائم الفاقد للشرعية في أنه يشوّش على الأمر الممكن، أي إسقاط هياكل منظومة الاستعمار الاستيطاني، بالأمر الواقع.

في هذه الحالة و إذا أردنا تسليط الضوء على قوة ما هو ممكن للشعب الفلسطيني، لا بد أن يتم سحب المشاركة في الهياكل السياسية الاستعمارية، وإلا فإن الخيارات ستظل محدودة جدًا في إطار الحصول على ما يتكرّم به المستعمِر، بمعزل عن الحق في تقرير المصير لجزء أصيل من الشعب الفلسطيني.

إن من الضرورة بمكان أن يتم رفض النظام القائم ونزعته الأيديولوجية العنصرية و الاستعمارية و ميله للفاشية و تعريةصفاته الاستغلالية والاستبدادية بدلاً من إضفاء الشرعية عليها. وهذا يقتضي "الانسحاب من المشاركة" من أجل استعادة الفاعلية الفلسطينية في مناطق ال48 و ربطها بالنضالات الفلسطينية في مناطق ال67 و الشتات، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الجغرافيّة. باختصار، إن عدم المشاركة يعني وضع شرعية النظام القائم على المحك، والعمل في الوقت نفسه على إيجاد بدائل أخرى.

ومن غير المرجح أن يأتي التغيير من القوى السياسية المتواجدة الآن على الساحة، حتى تلك غير المشاركة، يسارية ستالينية و يمينية، كون بعضها تملك برامجاً سياسيةً تعكس عملية الأسرلة، و في بعض الحالات الصهينة، التي مرّت بها و في حالات أخرى أحزاب لا يتخطى سقف نضالاتها التخفيف من عنصرية واضطهاد المستعمِر. و هنا تبرز أهمية بروز تيار متحرر تمامًا من إرث الأسرلة و القبول بدونية الفلسطيني، تيار قادر على تحدى الوضع الراهن.