الكاتب: دكتور ناجى صادق شراب
يصف البعض حوارات المصالحة في الجزائر بالفرصة الأخيرة لقناعة أن هذه المرة إن لم تحقق نتائجها فسيذهب الجميع للخيارات البديلة التي تقوم على مقاربة الإنفصال الكامل. والفوضى السياسية الشاملة والتي قد تصل لحد حرب أهلية. فهذه المحاولة جاءت بمبادرة جزائرية مدعومة من الجامعة العربية ويقصد بذلك انها إذا ما تحققت قد تكتسب شرعية وتأييدا من القمة العربية. كل هذه إحتمالات ودوافع. ورغم صدور البيان الختامي الذى يؤكد على التوصل لخطوات لإنهاء الإنقسام. تبقى التساؤلات قائمة .والسؤال الرئيس ما الذى أستجد في عملية المصالحة لنذهب إلى التفاؤل أو التشاؤم؟الجديد في عملية المصالحة الجزائر ، وهنا الجزائر ليس كمجرد مكان تلتقى فيه وفود الفصائل؟ الجزائر هنا الدور والمكانة والعلاقة التاريخية مع كل الفصائل، فلا ننسى أن الجزائر فتحت أبوابها لفتح وغيرها ومن عاصمتها كانت اللقاءات والقرارات الفلسطينية ، ومن عاصمتها تم الإعلان عن قرار قيام الدولة الفلسطينية , وفى الجزائر توجد مكاتب لكل من فتح وحماس. أضف إلى ذلك القمة المرتقبة التى ستعقد في الجزائر ،وتهدف الجزائر إلى طى ملف الإنقسام في القمة وكسب التأييد العربى لأى مبادرة مصالحة ,الجديد أيضا في هذا الدور هذا الاهتمام المباشر من الرئيس الجزائرى نفسه ولقائه بالوفود الفلسطينية .هذا البعد قد يبعث على التفاؤل. في الوقت ذاته هناك ما يدعو للتشاؤم وعدم التفاؤل حتى لو تم الاتفاق على بيان ختامى ،فما زالت الفجوة من عدم الثقة تتسع،والتنازع على الشرعية والتمثيل قائما، وغياب اللقاءات الدورية على مستوى القيادات بإستثناء لقاء القمة الوحيد الذى عقد بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسى لحركة حماس في الجزائر بحضور الرئيس الجزائرى والمصافحة التي أخفت الكثير من عدم الثقة.وما يدعو لعدم التفاؤل بعض التصريحات التي صدرت من قيادات فلسطينية تؤكد على تباعد الرؤية الوطنية بين حماس وفتح والإختلاف حول ماهية النظام السياسى ومفهوم الشراكة الوطنية ، وكيفية التعامل مع بنية الإنقسام التي تحولت لكينونة يصعب دمجها في أي بنية وطنية بعد إنقسام دام 17 عاما.والإختلاف حول الموقف من عملية السلام والتسوية السياسية وأولوية الخيارات الفلسطينية وعلاقة المقاومة بالقرار السياسى.والإختلاف حول شكل الحكومة الفلسطينية وآلية ألإنتخابات على كافة مستويات المؤسسات الفلسطينية , وماهيةمنظمة التحرير الفلسطينية .ولا تقف عملية المصالحة الفلسطينية اليوم عند مكونها الفلسطينى فقط، فهى أبعد وأعمق من ذلك ,فأولا الموقف الإسرائيلي يمارس تأثيره على أي مصالحة وقد يربطها بالسلام والمفاوضات ووقف المقاومة المسلحة . والموقف العربى الذى يتأرجح بين فتح وحماس ، فلا يمكن تجاهل هذا القرار. والموقف الأمريكي الذى ما زال يعتبر حركة حماس حركة ومنظمة إرهابية , لا ننسي دور الأخوان المسلمين والحرص على الحفاظ على ما أنجزته حماس من بنية للحركة تنطلق منها في المستقبل.كل هذه المتغيرات لها أدوارا متناقضه على عملية المصالحة ومخرجاتها. ويبقى التحدى ألأكبر في بنية الإنقسام وبنية المقاومة المسلحة في غزة وكيفية التعامل معها مع أي حكومة وطنية يتم تشكيلها في حال تمت الانتخابات. والسؤال ثانية هل يعنى ذلك أن الإنقسام بات خيارا حتميا لا مفر منه، وإذا كان ألأمر كذلك فلماذا اللقاءات والحوارات. وألإجابة ببساطة أن لا شرعية لأى فصيل ولأى كيان بعيدا عن الشرعية الفلسطينية وان خيار الأمر الواقع لا يفيد ولا يحقق أهداف كل من حماس وفتح، وخيار الإنفصال لا يحقق الأهدا ف ذاتها بل يدفع في إتجاه القبول بالحلول السياسية . ومن هنا لا يبقى إلا خيار المصالحة والشرعية الفلسطينية التي من خلالها يمكن لكل منمها ان يتم التعامل معه إقليميا ودوليا. وفى هذا السياق تبقى المصالحة خيارا حتميا. ونعود للدور الجزائرى هل يمكن ان يلغب دورا يتجاوز دور المكان . والإجابة بنعم من خلال تقديم مبادرة وآلية تحظى بالتأييد العربى تفرض على طرفى ألإنقسام الرئيسيين فتح وحماس وما تم يعتبر إنجازا. والآلية لذلك أولا بالإنتخابات الفلسطينية الشاملة على أسس جديده أساسها انتخابات الدولة الفلسطينية ، وتشكيل مؤسسات الدولة ,وإنتخابات على مستوى مؤسسات المنظمة المجلس الوطنى والذى تنبثق منه بقية المؤسسات, وبعدها يأتى دو وتشكيل حكومة وطنية واحده وقبلها تشكيل حكومة إنتقالية كإختبار ثقة، وسلطة تشريعية يتنبثق عنها لجنة وطنية منتخبة توكل مهمة بلورة رؤية وطنية يتم التصديق عليها تمثل إستراتيجية إنتقالية حتى إنها ءالإحتلال وقيام الدولة الفلسطينية ,. بهذه الرؤية يمكن ان تبدا الخطوة ألأولى نحو المصالحة .والبديل لذلك لن ينعكس على مستقب ل حماس وفتح بل على مستوى القضية الفلسطينية والبحث عن الحلول البديلة بديلا للدولة .ويبقى إعلان الجزائر للمصالحة ينتظر الإرادة والتنفيذ على ألرض وهذه إرادة فلسطينية وليست للجزائر.