الكاتب: عائد حوشية
شباب فلسطين وبنية سيكولوجية وسوسيولوجيا مفاجئة تعبر حدود الاعتقال و الموت...
يقول كين فانتوري : (لا يجيء إلا هكذا ، إما أن يكسر الإنسان أسور الذات ويخرج وإما أن يظل حبيس حبه لنفسه ولا يعرف أبدا مذاق الحب)..انتهى الاقتباس ...٢٠١٥ بدأت ما اصطلح عليها لاحقا انتفاضة السكاكين ، وكان متوسط اعمار جنود هذه الانتفاضة بين ال ١٥-٢١ سنة ، وازداد عنفوان هذه الانتفاضة وتطور باستخدام السيارات وعمليات الدهس...وقف المحللون أمام هذه الظاهرة بعمق ، فمنهم من عزاها لمشاكل مرتبطة بالاسرة ، وآخرون عزوها لحالة الاحباط العام والبطالة وفقدان الافق...وسط تساؤلات كثيرة وغزيرة ...من أين أتى هؤلاء الفتية بهذه الروحية والاندفاعة منقطعة النظير...فهم جيل عندما اندلعت انتفاضة الاقصى ٢٠٠٠ ، لم تكن اعمارهم قد تجاوزت ال ٣ سنوات...أو لعل بعضهم لم يكن قد وُلد أصلاً...وقد تطرفنا كثيرا في وصفهم بجيل السوشيال ميديا ، والبناطيل الساحلة ، وقصات الشعر الغريبة أو الغربية...وما لبثت هذه الحالة تهدأ...حتى تشكلت حالة أخرى قادها أيضا هذا الجمهور من الشباب ، تمثلت في وضع حد لما أسمته اسرائيل الاحتلال النظيف ، وهو الدخول للمدن والمخيمات والارياف الفلسطينية ، والاعتقال والقتل والتخريب ، دونما خسائر تذكر بين جنودها..."دخول سريع وانسحاب اسرع".والذي امتد عمره من ٢٠٠٢ وحتى ٢٠٢٠...لتتغير قواعد اللعبة ويصبح الدخول لجنين ونابلس مكلفا ومجهدا وخطيرا...وأيضا تقدم هؤلاء الشباب فئة ال ١٨_٢٤ هذه المشهدية الملحمية الفريدة من نوعها...والتي تخللها أيضا عمليات جريئة في عمق مدن الداخل المحتل...خارقة لمخاوف وهواجس الموت او الاعتقال ، او حتى ما سيترتب بعد هذه العمليات من هدم بيوت والاعتداء على عوائل وأسر المنفذين...فمن أي طين صُنع هؤلاء ، وما هو لغز بنيتهم السيكولوجية الفولاذية ، في ظل حالة من التردي والضعف والترهل التي تسللت لمختلف حركات وقوى التحرر الوطني...
لقد توج عدي تميمي مشهدية التفوق على حب الذات ، وواجه مصيره منفرداً أمام ماكينة حرب مدججة بكافة وسائط القتل المتطورة ...فهل نحن أمام تحول صادم في المواجهة من حيث الأدوات والروحية ، وأن هنالك فعلا من يدرس ويحلل هذه الحالة ، ويضع سيناريوهات مختلفة بهدف وأدها ، واستئصال انتشارها....؟؟هذا ما ستبرهنه الأيام القادمة....الانسان يتفوق على ذاته.