الكاتب: يونس العموري
يا بائعة الهوى ، وانت الجالسة عند زاوية من زوايا الزقاق تنتظرين القادم لعل وعسى ، وانت الشاهدة على اوجاع المدينة وليلها الحالك ، وانت العابسة ، هل أتاك حديث ذوي الكروش المنتفخة الذين يقتحمون مجلسك عنوة وارغاما ..؟؟ هل كشفوا عن قبحهم ..؟؟ ومارسوا سلطانهم بحضرة رذيلتهم ..؟؟ وتناطحوا ببطولاتهم الوهمية على اعتاب البوابات الموصدة ..؟؟ هل اغتصبوا لحظات الصفاء وانت تمعنين بالشرود بكيفية الفرار من لحظة صناعة الهوى بألاعيب التجارة في أسواق النخاسة ..؟؟ هل كشفوا عن رتبهم وبزاتهم ..؟؟ أصحاب المعالي والاسماء الكبيرة ، كانوا قد اعتلوا قبل قليل منصات الخطابة وتغنوا بالشهيد وبالمناضل القادم من البعيد ومن الحواري الفقيرة العتيقة حيث تسكنين وتستكنين ، هل تعالى صراخهم وهم سكارى ..؟؟ وشتموا القابض على الجمر والنار ..؟؟ هل ابدعوا وابتدعوا بحقيقة المؤامرة على النظام والقبيلة وامراء اللحظة ..؟؟ وكيف لحفنة من فتية ينغصون رغد العيش مع الاخر المتلعثم بالكلمات من خلال امتشاق البنادق والمتربص ليهوذا الكامن بالمكان ..؟؟
سيدتي الساكنة في قاع المدينة ، هل تناهى الى مسامعك اعتقال رفيق الرفيق محمد الأسود ( جيفارا غزة ) ناهض الحر ، من قبل حراس امارة ارض النخيل بغزة ، والتهمة الإساءة لمفتي قوات الناتو ..؟؟
لا شك انهم قد قالوا الكثير بحضرة الشعوذة وممارسة رجولتهم المزيفة ، ولاشك انهم قد لعنوا والتعنوا .. كل صبية الحواري ، هؤلاء الذين مضوا ما بدلوا تبديلا ، وكانت احلامهم بسيطة ربما واحدة من تلك الاحلام ارتماء بأحضانك ولربما ممارسة العيش ان كانوا قادرين بكل خطاياهم واخطاءهم ، وافعالهم ، هم الأبرياء يا سيدتي فلم يخططوا ليكون الابطال ، هم فتية أمنوا بأحقيتهم بالعيش بكرامة العيش فكانت المطاردة للحلم و واحالة الحياة لسجون متلاصقة سجان يقف عند اعتاب الحواجز ، ومستوطن منفلت من امكنة الجنون ، ويأتيك من يأتيك بوجه عابس ليطارد احلامك ومحاولة العيش، ويريدون للشمس ان تشرق من الغرب، وان تتوارى عن الانظار، والشمس ستظل ساطعة رغما وارغاما عنهم، وسيد الحرف الناظم للأبجدية منذ عهد التكوين يئن من وجع اللحظة وأنينه قد اضحى ازعاجا للسادة في جحور القصور وتكون الأوامر بمصادرة الحق بالقول والكلام والجلوس والاعتصام ، وموسيقانا صارت من الافعال المحرمة والاجرام بعهد ضجيجهم قد فُصلت مقاييسه وفقا لإرادة امراء اللحظة المباغتة وسادة الصدفة ... وبالجهة المقابلة ضرب واعتقال وقتل على الاشهاد، وسادة القوم على مختلف الوانهم وتلاوينهم بالصفقات منشغلين والاشتغال هنا له اصوله وقواعده التي لا يجيدها المهمشون والجالسون على ارصفة الانتظار.... في ظل الموت، والاعتصام والاضراب للطبيب والمعلم والمحامي القانوني المدافع عن احقيته بالوجود وذاك المعلم الذي كاد ان يكون رسولا ، وفي ظل ارادة القابعين بالعلب الاسمنتية، وفي اللحظة التاريخية الفاصلة ما بين الحياة والخلود، وفي ظل الاستكانة والخنوع والخضوع وجعجعة الكلام، يجول الفتى ابن العرين وابن كتيبة القهر في جنين ، وابن المخيم وذاك القاطن بجنوب الجنوب ليصرخ صرخة مدوية احتجاجا وأحجاما على ممارسة هذا النوع من العيش .
يا بائعة الهوى وهم جالسون في مجلسك هل تغنوا بالشرعية والتمثيل الوطني الحر ، والقرار الوطني المستقل ..؟؟ وعن الاشتباك السياسي الدبلوماسي مع العدو ..؟؟ وعن إنجازات السادة في الفنادق الفارهة ..؟؟ وعن الخطط والمخططات الرقمية في سبيل تمكين الصمود للرعاع في العاصمة الأبدية للدولة العتيدة ..؟؟ وعن توفير مقومات الصمود من خلال استجداء شركات الاتصالات العربية بإضافة التعرفة النقدية الصغيرة الصاغرة على فواتير الناطقين بلغة الضاد ..؟؟ ام ابتدعوا مرة أخرى القرض الدوار لتمكين البنوك من الاستثمار في سياسات نهب الفقراء ...
سيدتي اعرف انك تملكين الكثير من المعلومات والمعرفة ورموز المعادلة الذهبية لاعتلاء هؤلاء منصة الحكم والتحكم برقاب العباد ،
يا بائعة الهوى ، وسيدة لحظتهم ، لابد من الصراخ الأن ، ولابد من العويل، ولابد من محاولة رسم لوحة الواقع الذي نحيا، ولابد من مواجهة الحقيقة بمواجهة الذات .. ولابد من ان نعي ان ثمة انكسار بأنفسنا قد حدث. وان في النفس الكثير من التناقض وثمة ضجيج مشاغب يغزو الوجدان، فما بين ممارسة القتل على الاشهاد في باستيلات يهوذا، وتشويه ابتسامة طفل يحاول ان يعبث بسنين عمره الشقي، وما بين القمع بميادين المدن المحتلة من قبل من يلبسون بزات العسكر الوطني، وما بين النوم في بحر التنظيرات بالوطن المسلوب يكمن تمزق الذات والهوية، تلك الهوية التي اصبحت مشرذمة منقسمة ما بين الجغرافيا وقوانينها والتي لطالما اعتبرناها واحدة موحدة. لنا احلامنا وصراخنا وآمالنا التي كنا نعتقد انها ممزوجة بتلك المعاناة من صلف الاحتلال والة التدمير والقتل، الا ان المشهد هذه المرة مختلف، ويأتي اختلافه باختلاف وقائع البلد في ظل اللحظة الراهنة بعنوانها الابرز معركة الفتية المؤمنين باحقيتهم بالدفاع عن الذات والحي والحارة العتيقة من عبث العابثين والانعتاق من عبودية الوهم بالتسوية ورغد العيش في ظل ( السلم والسلام والتسليم .. )..
يا بائعة الهوى أُنبئك ان هؤلاء الفتية قد اعلنوا انسجاما وقناعاتهم الفطرية بأن لا صوت يعلو فوق أصوات الجماهير الرابطة المرابطة القانعة المقتنعة ... ولسان حالهم شعارا لا يقبل التأويل او التصريف ، مقسمين بكل مقدساتهم ، وشعارهم فعلا بكل الأمكنة والازقة والشوارع .