الكاتب: مصطفى ابراهيم
اسمها فلة رسمي المسالمة 16 عاماً فقط. قتلت أمس برصاص جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، بأعذار كاذبة، ومطالبة دولية بالتحقيق بدون أي مساءلة ومحاسبة. فلة هي الشهيدة الـ 146 منذ بداية العام في الضفة الغربية والقدس المحتلة، إضافة إلى 52 شهيداً في قطاع غزة بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
يمكن للأوربيين وغيرهم من اللذين طالبوا بالتحقيق أن يغضبوا حتى يوم غد على عملية قتل فلة، لكن طالما أنهم جزء من دعم وحماية وحش الظلم للاحتلال، سيستمر في القتل والافلات من العقاب.
فلة طفلة لم تحمل السلاح ولم تكن قنبلة موقوتة، وسينتهي التحقيق بدون أي نتيجة، ومن يحمي غيرها من الفلسطينيين، وآيالا بن غفير، زوجة إيتمار بن غفير، تضع مسدس على وسطها، واستغرابها من اللذين فوجئوا بذلك وأنها يهودية ولا تخرج بدونه، وكثير من الناس يعرفون ذلك، وتريد أن تحمي نفسها، لا تذهب إلى أي مكان بدونه، مسموح لها بالدفاع عن نفسها.
صورة بن غفير، هي التعبير الواقعي عن الترخيص بالقتل، وسياسة الإعدام الميداني ضد الفلسطينيين، وترخيص القتل وشرعتنه بإجماع يهودي لا مثيل له في العالم. وبترخيص مفتوح لكل من يشعر بالخطر من اليهود المستوطنين، وهو تعبير حقيقي عن دموية حقيرة غير إنسانية، وستطل رخصة الشعور بالخطر، ماركة عالمية مسجلة باسم الحكم العسكري ونظام الفصل العنصري الفاشي الإسرائيلي.
وفي ذات السياق وما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية، والحديث عن الفشل الأمني، والأسئلة الموجهة للأجهزة الأمنية، التي تعبر عن الاستعلاء والفوقية اليهودية لدولة الاحتلال، وشعور قيادات أمنية إسرائيلية بالإحباط والصدمة من نجاح الشاب محمد صوف بتنفيذ عملية طعن ودهس أدت إلى مقتل ثلاثة مستوطنين.
والقول أن المنطقة التي وقعت فيها العملية يتواجد بها أمن مدني وعسكري كثيف. والأسئلة المتداولة، من هو المنفذ، وما انتماء والده السياسي؟ وسجله الأمني، وكيف وصل منفذ عملية الطعن والدهس، واستمر 20 دقيقة وهو على قيد الحياة.
والجميع يشاهد ويصور الحدث دون أن يكون هناك اي تدخل، أو حتى وجود جندي واحد. فقط جندي مبتدئي لاحظ الشاب صوف ولاحقه وقتله. الفشل وشعور قيادة الجيش الإسرائيلي بالإحباط والصدمة، ليس فقط من تنفيذ العملية، إنما من بقاء الشهيد صوف على قيد الحياة مدة 20 دقيقة، وعقلية القتل والإجرام المتأصلة، ولم يجرؤ أي مسلح يهودي في منطقة تعج بالمسلحين برخصة وبدون رخصة على قتله خلال هذه الفترة القصيرة!
أمس الإثنين أخطرت الولايات المتحدة الأمريكية دولة الاحتلال الإسرائيلي بأن "إف بي آي" فتح تحقيقا في ظروف استشهاد الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وعليه جن حنون دولة الاحتلال، وخطوة وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بأنها استثنائية وغير مسبوقة. ورد رئيس وزراء دولة الاحتلال يائير لبيد بالقول: لن يتم استجواب الجنود الإسرائيليين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي أو أي هيئة أو دولة أجنبية أخرى، مهما كانت صديقة، ولن نتخلى عن الجنود الإسرائيليين ونتركهم عرضة للتحقيقات الخارجية.
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، سبق لبيد في رفضه للقرار الأمريكي، وقال: أن قرار وزارة العدل الأميركية بالتحقيق في وفاة شيرين أبو عاقلة خطأ فادح، وادعى أن الجيش الإسرائيلي أجرى تحقيقًا مهنيًا ومستقلًا، تم عرضه على الأميركيين وتمت مشاركتهم بالتفاصيل.
الولايات المتحدة الأمريكية تدرك كذب دولة الاحتلال وانكارها، لكنها تحميها، وأن التحقيق الذي أجرته تحقيق صوري وبدون أي مساءلة ومحاسبة، كما جرى في محاولة التغطية على استشهاد عمر أسعد (78 عاما) الذي يحمل الجنسية الأمريكية. وكذلك في تدمير برج الجلاء أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار/ مايو 2021، الذي توجد فيه شبكة الجزيرة ووكالة AP الأمريكية، وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها وصنفتها منظمات حقوق الانسان الأممية والدولية أنها جرائم حرب.
إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية صادقة في التحقيق الجنائي في قضية الشهيدة أبو عاقلة، من أجل تحقيق العدالة، لماذا لا ترفع الحصانة عن دولة الاحتلال، وتوفر لها الحماية، وتهدد المحكمة الجنائية الدولية بعدم فتح تحقيق في الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال؟
دولة الاحتلال تكذب ولا تمتع بأي مصداقية، وبثت ولا تزال تبث الرسائل الكاذبة بطريقة احتيالية، والتي روجتها عبر المراسلين العسكريين الإسرائيليين الشركاء في الجرائم في حينه، للتضليل في عملية فاشلة، والاستمرار في الهجوم على عمارة الجلاء وتدميرها.
من غير المعروف ما هي أسباب الخطوة الامريكية وما هي النتائج التي ستصدر عن التقرير في حال سمحت دولة الاحتلال لها بالتحقيق، والأسئلة: هل الولايات المتحدة صادقة أو أن التحقيق الأميركي لا يمثل سوى بيانا رمزيا، أم أنها خطوة تحذيرية للحكومة القادمة قبل أداء اليمين الدستورية برفع البطاقة الصفراء في وجهها؟
قد يكون العالم سئم من الجرائم التي تقوم بها دولة الاحتلال، والتغطية على سياسته طوال الوقت وحجب الحقيقة، وبث الأكاذيب حول التحقيق وإخفاء جرائمها. وتعتقد أنه لا حدود لقوتها وغطرستها، ولا تهتم لقتل الفلسطينيين، وفي ظل الحصانة والحماية التي توفرها لها الولايات المتحدة والدول الأوربية.
هي مناسبة للفلسطينيين لتقويم أنفسهم وترتيب بيتهم، وتمتين جبهتهم الداخلية، وتعزيز المقاومة بكل أشكالها، والادراك أن دولة الاحتلال وحكومتها المقبلة أشد خطورة والأكثر تطرفاً وعنصرية وفاشية، من الحكومات السابقة والتي عبرت أيضاً عن توجهات يمينية لا تقل خطورة عن الحكومة الجديدة، وجميعها أسقطت من حساباتها أي أفق سياسي وخيار العودة للمفاوضات والحل السياسي مع الفلسطينيين، أصبح بدون أي جدوى.