الأربعاء: 25/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

فلسطين وإسرائيل في الإنتخابات النصفية الأمريكية

نشر بتاريخ: 20/11/2022 ( آخر تحديث: 20/11/2022 الساعة: 15:31 )

الكاتب: العميد أحمد عيسى

انتهت تقريباً الإنتخابات النصفية الأمريكية، ولم تحدث نتائجها موجة حمراء كاسحة لمجلسي الشيوخ والنواب كما وعدت قيادة الحزب الجمهوري، لا سيما الرئيس السابق دونالد ترامب الذي حرص على ترشيح عدد من مؤيديه في كثير من الولايات تمهيداً لعزمه الترشح للإنتخابات الرئاسية العام 2024، إذ ظل الحزب الديمقراطي مسيطراً على مجلس الشيوخ فيما أصبحت الغالبية للحزب الجمهوري في مجلس النواب بفارق بسيط عن الحزب الديمقراطي.

وفضلاً عن إظهار هذه النتائج لمدى الإستقطاب السياسي داخل المجتمع الأمريكي، والإنقسام داخل الكونجرس، الأمر الذي سيحد من قدرة إدارة بايدن على تنفيذ إستراتيجيتها الداخلية والخارجية، فهي خيبت من آمال الرئيس ترامب، وكذلك آمال بنيامين نتنياهو الفائز لتوه في الإنتخابات الإسرائيلية التي حقق فيها معسكره (اليمين القومي الديني المتطرف) فوزاً ساحقا على المعسكر المناهض له، لجهة أن هذه النتائج قلصت من فرص فوز ترامب في انتخابات العام 2024، التي أعلن بعد صدور النتائج أنه يعتزم الترشح للرئاسة.

والأهم هنا أن النتائج التفصيلية للإنتخابات على المستوى الوطنى ومستوى الولايات تؤكد أن مؤشر قياس التحول في المجتمع الأمريكي لصالح دعم الحق الفلسطيني والرواية الفلسطينية آخذين بالصعود، الأمر الذي يعمق من مستوى القلق لدى مؤسسات الحكم ومؤسسات التقدير الإستراتيجي في إسرائيل، لاسيما وأن هذا الإنزياح لصالح الحق الفلسطيني مقترن باتساع الفجوة بين الجالية اليهودية في أمريكا وإسرائيل، هذه الفجوة التي بات واضحاً أنه لم يعد بالإمكان تقليصها خاصة بعد هيمنة اليمين القومي الديني الفاشي على البرلمان الإسرائيلي بعد جولة الإنتخابات الأخيرة التي جرت في الأول من نوفمبر الجاري.

وفيما يخص ارتفاع عدد المؤيدين والمدافعين عن الحق الفلسطيني داخل الكونجرس وبرلمانات الولايات خلال الإنتخابات النصفية للعام الجاري، فقد كتب البعض من المراقبين الأمريكان في مقالات وتحليلات لهم في الكثير من الصحف والمواقع الإلكترونية الأمريكية مثل السياسة اليوم (Politics today) وموندويس (Mondoweiss) مشيرين أن الإنتخابات النصفية الأمريكية الأخيرة قد تضمنت الكثير من الفرص لدعم الحق الفلسطيني، إذ أصبحت مساحة فلسطين وحق الفلسطينيين أكثر اتساعاً داخل المؤسسة التشريعية الأمريكية، وأضاف بعضهم أن النواة الصلبة المؤيدة للحق الفلسطيني قد تضاعفت في هذه الدورة من الإنتخابات، الأمر الذي يشير أن التحول على مستوى الرأي العام الأمريكي قد بدأ يأخذ طريقه إلى داخل المؤسسة التشريعية الأمريكية، واللافت هنا أنه يجري بوتيرة تفوق التوقعات.

أما على صعيد تراجع الرواية الإسرائيلية وكذلك تراجع تأثير منظمة الإيباك في قطع الطريق أمام المعارضين للرواية الإسرائيلية والمؤيدين للرواية الفلسطينية من الوصول للكونجرس، فقد تجلت أيما تجلي في فوز الديمقراطية سمر لي (Summer Lee) المؤيدة للحق الفلسطيني في السباق الإنتخابي في ولاية بينسلفانيا (Pennsylvania)، متقدمة على مرشح الحزب الجمهوري مايك دويلو (Mike Doyle) المدعوم من منظمة الإيباك، واللافت هنا أن الإيباك كانت قد أنفقت أكثر من أربعة ملايين دولار في حملتها المعادية لسمر لي، إلا أنها حققت فوزاً ساحقاً على مرشح الإيباك بفارق كبير في الأصوات.

المؤشر الثاني على تراجع تأثير الإيباك تجلي في ولاية فرجينيا (Virginia)، حيث فشلت الإيباك في تأمين نجاح المرشحة عن الحزب الديمقراطي اليمينية أحد أقوى المؤيدين للرواية الإسرائيلية إلين لوريا (Elaine Luria)، وذلك على الرغم أن لوبي تجار السلاح والسجائر في فرجينيا قد مول حملتها الإنتخابية.

وفي ذات الشأن أشار ميشيل بليتنك (Mitchell Plitnick) في تحليل له نشر بتاريخ 11/11/2022 على موقع موندوويس، أن هناك الكثير من الشباب الذين يعتنقون أفكاراً ليبرالية داعمة لحقوق الإنسان من أصحاب البشرة البيضاء والملونين والذين تنقصهم الخبرة والدراية في السياسة الخارجية، والذين يقيناً سيطفون الى جانب المدافعين عن الحق الفلسطيني، لا سيما وأن إسم إسرائيل قد أصبح مقترناً بالأبارتايد والتفرقة العنصرية، وأصبح يهيمن على برلمانها وحكومتها اليمين القومي الديني الذي لا يخفي فاشيته وعنصريته.

وأضاف بليتنك في مقالته أن سرعة تجند الفائزين الجدد في الكونجرس من المحسوبين على التيار التقدمي الليبرالي إلى الفريق المؤمن بالرواية الفلسطينية تعتمد على مدى قدرة الناشطين الأمريكان، لا سيما الناشطين الفلسطينيين واليهود الليبراليين المؤيدين لحركة المقاطعة (BDS)، الأمر الذي يزيد من مسؤولية الفلسطينيين الأمريكان خاصة من الجيلين الثاني والثالث الذين ثبت مؤخراً أن تأثيرهم في السياسة الداخلية الأمريكية آخذ في الإزدياد، ربما يستدعي هذا التطور أن يسارع أصحاب الرؤية من الفلسطينيين خاصة من أبناء الجالية الفلسطينية الأمريكية الى مأسسة نشاطهم من خلال مراكز متعددة النشاط يتقدمها مركز بحثي متخصص في الشأن الأمريكي ودور واشنطن في منطقة الشرق الأوسط خاصة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.