الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

مباراة نائل البرغوثي وكريم يونس لتنس الطاولة في سجن عسقلان ومباريات قطر ؟!

نشر بتاريخ: 22/11/2022 ( آخر تحديث: 22/11/2022 الساعة: 16:55 )

الكاتب: وليد الهودلي

بداية ونحن يصلنا هذا الخبر أسير فلسطيني يدخل في الاسر عامه الثلاث وأربعين هو إدانة لنا جميعا، كيف لنا أن ننام هانئين في بيوتنا؟ ماذا فعلنا لحرية نائل ومن معه من اسرى الحريّة؟ هل بذلنا كلّ ما نقدر عليه؟ وكما يقولون " لم يكن بالامكان أكثر مما كان" وكفى الله المؤمنين القتال؟ ماذا فعل كلّ أصحاب القرار: الرسمي والفصائلي؟ أفرغوا كلّ ما بجعبتهم من حسن الكلام وجميل التصريحات وضخّوا من مشاعرهم ما يلين له الحديد وتُكسر له الاقفال!؟

تجاوز سنة جديدة في السجن على من أمضوا فترات طويلة في السجون يعني الكثير، نائل وكريم اليوم وهما في عقدهما السابع مختلف وهما في عقدهما الثالث، بالامكان القول "يا جبل ما يهزّك ريح ونذهب الى الشعاراتية العالية ولكن الحق يقال اننا أمام إنسان، صحيح أنهما قويّا الإرادة ثابتا المبدأ لم تهن عزائمهما وبقيا كما هما مصدر خصب للطاقة الايجابية وللروح الثورية وقدوة لجموع الاسرى، ولكن يبقى الواحد منهما انسان له حقوق علينا وواجبات، ولهما آمال وتطلعات أن يعيشا الحريّة وأن يكونا آمنان في بيتهما، في أعماق نائل حنين وشوق لزوجته وأخته وأهله المقربين، توفي الاب ثم الام ثم الأخ عمر رحمه الله وهو في غياهب السجون وكذلك كريم حيث توفي الاب وتوفيت الام قبل سنة من اتمامه لحكمه الأربعين سنة.

كلّ سنة جديدة تعني لنائل فتح معركة يضيفها الى معاركه التي تجاوزت الاثنتين وأربعين، حرب ضروس بينه وبين السجّان اللئيم لا تفتر أبدا ولا يخبو نارها، وكريم وكل أسرانا البواسل كذلك، نائل الان ينشد الحرية ولو اردنا صياغة رسالة مقتضبة تعبّر عمّا يريده نائل بروحه الجميلة وبفكاهته التي تصيب القلوب وتحدث الأثر المطلوب أعتقد أنه سيقول لنا:

أتمنى لكم متابعة ممتعة لمباريات كاس العالم في قطر، لا اريد أن أنغّص عليكم متعة المشاهدة ولكن تذكّروا أن هناك من لا يستطيع مشاركتكم، هناك في السجن من ينتظر لحظة حريّة، هناك من طال عليه الأمد فقست قلوبكم فحالت بينه وبينكم عقود أربعة من الزمان وها هي تغدو في العقد الخامس، فماذا تنتظرون؟ قطر الان وسّعت أفقها لتحتضن كلّ جنسيّات العالم وضاقت الأرض بما رحبت على قطر وأمة العرب والإسلام أن تنجز احتضان محارب قديم قد نذر حياته كلّها لعزة ورفعة الامّة. لقد بات المطلوب أن توسّعوا من أفقكم كثيرا أو قليلا بحيث يسع هذا المحارب القديم.

في دوري القدم لكأس العالم ستفوز فرق وتهزم فرق، سيدور رحى المعركة في محيط ملعب كرة قدم، ستنجز أهداف ويفرح مهدّفوها ومناصروهم ومشجعوهم، وستضيع فرص وتهتبل فرص، وستكتب الصحافة الرياضية كثيرا، وسيشاهد العالم هذا الملعب وغبار المعارك وسيستمعون للمعلّقين الرياضيين بكلّ حماسة، ستخفق القلوب كثيرا ويرتفع الادرينالين وينخفض، سيصفق الناس كثيرا، سيقفزون فرحا وتلتهب مشاعرهم بهجة وستكون نتائج المباريات محط حديث الناس صباح مساء.

في معركة نائل الثالثة والأربعين لن يسمع أحد بما يجري في ذاك الملعب القديم، لن يحظى بالتصوير ولا التعليق ولا عمل الصحافة وستضيع أخباره بعيدا بعيدا عن وهج ملعب قطر، ملعب نائل حدوده الفورة والزنزانة، لاعب ستّيني يشتبك مع فرق الموت، يحاول هزيمتها وتسجيل الأهداف في مرماها، يشحن همم الشباب ويعزّز انتماءهم للثورة والقضية.

يخرج للرياضة الصباحية ساخرا من جحيم السجن وويلاته القاسية، يلعب تنس الطاولة مع كريم يونس ويلتف الاسرى مشجعين لنائل وكريم، جمهور صغير لا يذكر أمام جمهور قطر، ولكنّه في صناعة التاريخ وحريّة الشعوب قد يكتب له عظيم الأثر، ينظر السجان بعين الى مباراة نائل وكريم في ساحة السجن والبهجة البريئة على وجوه جمهور هذه المباراة، بينما في العين الثانية يتابع على شاشته الصغيرة ما يجري في قطر، يحسّ بانتفاخ شديد في صدره على هذه المفارقة الهائلة، يغتاظ من مشهد الفورة فيعلن انتهاءها ويصيح بلزوم الدخول الى الغرف.

في الغرف الضيّقة التي ينتشر في ثناياها العفن، ترفّ شاشة تلفاز قديم بمباريات قطر، حديث العالم عن هذا الملعب في قطر الذي تتمظهر فيه الدول بفروسية كاذبة بينما واقعها حروب دامية، القوي يأكل الضعيف والكل محتدم ببسالة في صدام الحضارات وصراعات الدول على النفط والغاز والثروات وطحن الشعوب الضعيفة وقهرها ، وهنا في قطر يمثّلون مسرحية: " الكيوت" الدول التي تتنافس بنزاهة وشرف، الاسرى يتحدّثون عن مباراة تنس الطاولة بين نائل وكريم يونس الذي بقي أربعين يوما من حكمه الأربعين سنة، هناك الدوري 22 سنة 2022 وهنا 40 من 40.

مباراة نائل وكريم في فورة السجن أهم وأعظم من مباريات قطر ذلك بان الاخيرة معجونة بالنفاق والكذب وإظهار ابتسامة الثعالب مع إخفاء انياب الذئاب، هنا في السجن ابتسامة نائل وكريم ورفاقهم نقيّة صادقة معجونة بالإيمان والامل والمستقبل المشرق للحرية الحقيقية الصادقة لكل المظلومين والمقهورين في الناس أجمعين.