الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

القدس في وجدان شعب اوزباكستان

نشر بتاريخ: 23/11/2022 ( آخر تحديث: 23/11/2022 الساعة: 12:06 )

الكاتب: يونس العموري

ان تكون القلب النابض لوسط اسيا كدولة انما تعتبر مسؤولية كبيرة وعظيمة لما تشكله هذه المنطقة من أهمية وحيوية في السياسات الدولية وحيث ذلك استحقت جمهورية اوزباكستان بجدارة ان تحتل هذه المكانة المتميزة والمتمايزة في هذه المنطقة الحيوية من العالم ، أوزبكستان أو رسميًا جمهورية أوزبكستان ، هي دولة غير ساحلية في آسيا الوسطى، تحدها 5 دول أخرى غير ساحلية هي: كازاخستان من الشمال، وقيرغيزستان من الشمال الشرقي، وطاجيكستان من الجنوب الشرقي، وأفغانستان من الجنوب، وتركمانستان من الجنوب الغربي. تعد طشقند عاصمتها وأكبر مدنها. تعد أوزبكستان جزءًا من عالم اللغات التوركية، وعضوًا في منظمة الدول التركية. مع أن اللغة الأوزبكية هي اللغة المحكية في البلاد على نطاق واسع، تُعد اللغة الروسية اللغة المتبادلة بين الطوائف العرقية واللغة المستخدمة في الحكومة. الإسلام هو الديانة السائدة في البلاد، لكن معظم المسلمين الأوزبكيين هم مسلمون بلا طائفة.

كانت الشعوب الإيرانية الرحالة من أولى الشعوب التي وُثق استيطانها في المنطقة التي تعرف اليوم بأوزبكستان، ويُعرف هؤلاء الإيرانيون باسم السكوثيين، وهم الذين أسسوا ممالكًا في خوارزم (بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد) وباختر (بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد) والصغد (بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد) وفرغانة (بين القرنين الثالث قبل الميلاد والسادس ميلادي) ومرغوش (بين القرنين الثالث قبل الميلاد والسادس ميلادي). ضُمت المنطقة إلى الإمبراطورية الأخمينية الإيرانية، وعقب فترة الحكم المقدوني، حكمتها الإمبراطورية الفرثية ثم الإمبراطورية الساسانية لاحقًا، حتى جاء الفتح الإسلامي لفارس. إبان الفتوحات الإسلامية المبكرة وفترة الدولة السامانية، اعتنق معظم الناس الإسلام، من بينهم النخب المحلية الحاكمة. ازدهرت في هذه الفترة مدن مثل سمرقند وخيوة وبخارى نتيجة موقعها على طريق الحرير التجاري، وشهدت صعود شخصيات قيادية في العصر الذهبي للإسلام، من بينها البخاري والترمذي والخوارزمي والبيروني وابن سينا وعمر الخيام. دُمرت الإمبراطورية الخوارزمية في آسيا الوسطى كليًا إبان الغزو المغولي في القرن الثالث عشر، فهيمنت الشعوب التركية لاحقًا على المنطقة. كانت مدينة شهرسبز مهد الفاتح المغولي التركي تيمورلنك، مؤسس الدولة التيمورية في القرن الرابع عشر الذي تبوأ منصب الأمير الأعظم لطوران، واتخذ من سمرقند عاصمة له، فأصبحت الأخيرة مركزًا علميًا إبان حكم أولوغ بيك ومهد عصر النهضة التيموري. احتل الشيبانيون الأوزبك أراضي السلالة التيمورية في القرن السادس عشر، ونقلوا مركز السلطة إلى بخارى. انقسمت المنطقة إلى 3 دول: خانية خيوة وخانية خوقند وإمارة بخارى. أدت الغزوات التي شنّها ظهير الدين بابر شرقًا إلى تأسيس سلطنة مغول الهند. أُلحقت كامل آسيا الوسطى، تدريجيًا، بالإمبراطورية الروسية إبان القرن التاسع عشر، وأصبحت طشقند مركزًا سياسيًا لتركستان الروسية. في عام 1924، أدى ترسيم الحدود الوطنية في الاتحاد السوفياتي إلى تأسيس جمهورية أوزبكستان الاشتراكية السوفيتية ضمن الاتحاد. أعلنت أوزبكستان استقلالها عقب تفكك الاتحاد السوفييتي، وتأسست جمهورية أوزبكستان في 31 أغسطس عام 1991.

وحيث ذلك فقد شكلت هذه الجمهورية مركزا اسيا الوسطى المؤثرة بشكل مباشر بسياسات وتوجهات هذه المنطقة عالميا ، ومما لا شك فيه انه هذه الجمهورية كانت وما زالت تحاول الانفتاح على قضايا العالم واتصالها بالمشرق العربي والإسلامي عموما ، وتشكل قضية القدس أولوية قصوى لهم من باب عقائدي وهو الامر الملموس والمحسوس في نبض الشعب الأوزبكي ، برغم الإهمال الكبير من قبل السياسة الفلسطينية الرسمية بالتواصل والاتصال مع طشقند العاصمة ، وهو الامر الذي ندعو الى ضرورة تكثيف الاهتمام والتواصل في مواجهة أنشطة دولة الاحتلال في اوزباكستان ، ومن المعلوم ان طشقند كانت دائما الى جانب الحق الفلسطيني في كافة المحامل الإقليمية والدولية حيث الصوت الاوزبكي دائما مساندا لمشاريع القرارات الخاصة بفلسطين عموما وبالقدس خصوصا .

انطلاقا من الفهم الموضوعي والعملي لدور دولة اوزباكستان كانت رحلتنا الى هذه البقعة المنسية للأسف من وجدان التواصل التنسيق ، حيث انه وضمن خطة عمل المؤتمر الوطني الشعبي للقدس الإستراتيجية والعمل الدؤوب، ووفقا لتوجهات و ورؤية ورسالة المؤتمر قام وفد رسمي بزيارة رسمية إلى جمهورية اوزباكستان ، حيث اللقاء بعدد من المؤسسات والشخصيات الأوزبكية الفاعلة، بهدف توفير الدعم اللازم لمدينة القدس وسكانها الذين يكابدون أبشع المخططات الإسرائيلية التي تخنق حياتهم اليومية، كذلك تعزيز سبل التعاون المشترك بين المؤتمر الوطني الشعبي للقدس والمؤسسات الرسمية والمنظمات الشعبية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لصالح مدينة القدس وسكانها.

حيث تم الوقوف عند الإجراءات الصهيونية المتعاقبة في مدينة القدس المحتلة التي تنتهجها حكومات الإحتلال الرامية إلى تفريغ المدينة كلياً من الوجود العربي الفلسطيني فيها بكل أساليب الترهيب والترغيب، وتحديدا فيما يخص اوضاع المسجد الاقصى والاجراءات الاحتلالية الاخيرة والهبة الجماهيرية ( هبة نصرة الاقصى ) كما قدم الوفد الممارسات الأخيرة المتصاعدة يومياً في المدينة وضواحيها، المتعلقة بالاجراءت تجاه الاقصى والبلدة القديمة ومصادرة الأراضي وهدم المنازل والمنشآت والتضييق على عملية البناء والتوسع بالمقابل سطو ممنهج على العقارات وإستمرار الحفريات وتشييد كنس ومتاحف ومراكز شرطة يهودية لتشويه محيط المسجد الأقصى المبارك بالطابع اليهودي على حساب الطابع العربي والإسلامي، كذلك مواصلة الإقتحامات اليومية للمسجد وباحاته للسيطرة عليه وتقسيمه زمانياً ومكانياً والإستيلاء على العقارات وإستمرار الحفريات أسفل وحول المسجد الأقصى وإقتحامه يومياً، كما تم الحديث عن الوضع السياسي والإقتصادي والثقافي المرير الذي يعانيه المقدسيون بفعل سياسات المحتل بحقهم لتهجيرهم.

هذه الزيارة تمخض عنها قرارات هامة لدعم الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة، أبرزها اطلاق مشروع شد الرحال الى القدس والأراضي الفلسطينية وذلك من خلال الاجتماع مع دار الإفتاء الاوزبكية وأركان الكنيسة الأوزبكية ، بهدف اطلاق هذا المشروع في كافة المدن الأوزبكية والبدء بتنظيم رحلات منظمة الى الأماكن المقدسة في القدس والمدن الفلسطينية الأخرى ( بيت لحم والخليل ...الخ ).

وأخيرا انه ومن خلال فهمنا لدور هذه الدولة لابد من الالتفات دبلوماسيا وفعليا وعمليا لتوطيد أواصر العلاقة مع الشعب الاوزبكي الذي برأيي من الممكن تعليق الآمال الكبرى عليه لما يمثله هذا الشعب من هوية حضارية متجددة ، وارتباط كبير بالقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.