السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وفي فهم العلاقات مقارنات ومفارقات

نشر بتاريخ: 25/11/2022 ( آخر تحديث: 25/11/2022 الساعة: 12:33 )

الكاتب: د. سهيل الأحمد

يفهم من طبيعة العلاقة المطمئنة والمراد من خلالها إرساء قواعد الفهم والمعرفة بحقيقة تنوع الحكم على تصرفات الناس ومدى التدقيق في أصنافهم من حيث العلم وعدمه؛ أن الشخص العالم والنافع المفيد هو الذي لا يمكن تجنب الاستماع إليه ممن يقدر عمله من المنصفين والراغبين في تقرير الحق وبناء منظومة العدل في الفهم والعلم والسلوك، وهو من يفهم على مفرداته ومصطلحاته وكتاباته وتصرفاته أمثاله من العقلاء والعلماء، فيقدرون له صنيعه ويكافئونه ويبجلونه لاعتباره من الرواحل ومن يرتفع بهم وبفعلهم الجليل المقام والشأن والمبتغى، وأما الشخص الجاهل والفارغ فهو الذي لو كان لديه ما يقوله وما يقدمه للناس لجاء به وقدمه؛ ولكن لجهله وفراغه الموضوعي وقلة محتواه الفكري والنفسي؛ لجأ إلى الشكليات وجملها بالكذب ليصل إلى مبتغاه ومقصوده، وذلك عند من يظن أنه قد يمكنه من مراده>

ولكن تأتي المشكلة والمصيبة هنا في تقبل العاقل له بل وبمدحه واستقباله وكأنه القريب الحبيب الذي لا يشق له غبار، بل وحتى بتبني كل مظاهر التشجيع على أهمية التعلم منه، وتقبل ما يصدر عنه من الأقوال والتصرفات بغض النظر عن صحتها وبطلانها، مع أن أمثال هؤلاء قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم في حقهم: "تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاءِ بِوَجْه"، وقال أيضًا: "ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيهًا"، وقال كذلك: "من كان ذا لسانين في الدنيا جعل الله له لسانين من نار يوم القيامة">

وبناء على ذلك فإنه يقتضي في هذا المقام التذكير بأن من إشكالات التعامل مع الآخرين أن تحكم عليهم حسب ما تسمع بأذنيك عنهم من أشخاص من طبيعتهم مرض القلوب وهمهم الأساس الانشغال بالناس.. وهم من صميم بناء فكرهم التفاني في وصولهم إلى مصالح دنيوية فانية .. والحاصل أن في تقربهم خسارة لا تحمد عقباها.. مع أن الأصل والعدل أن ينبع حكمك على هؤلاء من خلال رؤية ذلك المسموع على الأقل لأجل الوقوف على تفاصيله بموضوعية وسلامة قلب وصدق ضمير، وألا تجعل حكمك مقدمًا وبلا دليل، حيث إن الأصل في كل ذلك الالتزام بأمر الله تعالى: "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، وهذا مدعاة للطمأنينة في إصدار القرارات واتخاذ المواقف وبناء الثقة وبالتالي الصمود في وجه الصعاب والتحديات في المستقبل، ويجمل ذلك كله قدرة المرء على معرفة مصيره حين يلقى الله تعالى في الآخرة.