الكاتب: د.فوزي علي السمهوري
إعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 40 / 32 الصادر في الثاني من كانون اول 1977 تخصيص 29 / 11 من كل عام يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي حرم من حقه بإقامة دولته المستقلة وغياب مؤشرات أو إمكانية إقدام إسرائيل على إنهاء إحتلالها الإستعماري لفلسطين لذا لم يكن إختيار هذا اليوم جزافا وإنما لتزامنه مع قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين الصادر عن الجمعية العامة في 29 / 11/ 1947 ويحمل رقم 181 الموجب تنفيذه .
أهداف يوم التضامن:
لم تهدف الجمعية العامة بإتخاذها هذا القرار أن يكون في سلسلة قراراتها رقما دون تنفيذ وإنما ياتي لتحقيق أهداف منها :
• التأكيد على أن الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من شعوب العالم فبالتالي تمثل تمكينه من حقوقه أسوة بباقي شعوب العالم ضرورة قصوى وواجبا إتجاههم .
• تذكير المجتمع الدولي بأن الشعب الفلسطيني لم يزل محروما من التمتع بحقوقه الأساس بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بسبب إستمرار معاناته وخضوعه لإحتلال إستعماري عنصري دموي إسرائيلي .
• دعوة لتحمل دول العالم عامة ودول دائمة العضوية بمجلس الأمن خاصة للإضطلاع بمسؤولياتها دون إنحياز وإزدواجية بدعم نضال الشعب الفلسطيني من اجل الحرية والإستقلال والتحرر من نير الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي إعمالا لميثاق الأمم المتحدة وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتنفيذا للقرارات الدولية بتصفية الإستعمار وللقرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية .
• رفضا للرواية الصهيونية الإسرائيلية بحقها على أرض فلسطين وإنكارها لوجود شعب فلسطيني ضاربة جذوره لآلاف السنين في وطنه التاريخي وما تهجير وطرد مئات الآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني خارج وطنهم التاريخي وإحلال بديلا عنهم في مدنهم وقراهم مجموعات يهودية من أصقاع العالم إلا دليل على كذب وخداع السردية الصهيوإستعمارية .
المجتمع الدولي والدعم الأمريكي الأوربي للكيان الإسرائيلي :
يرى الكيان الإستعماري الإسرائيلي نفسه ليس فوق القانون الدولي فحسب بل فوق مبادئ وميثاق الأمم المتحدة ويرى في قراراتها أن لا قيمة لها ولا تعدوا أكثر من حبر على ورق .
هذه السياسة الإستراتيجية للكيان العدواني الإسرائيلي منذ صناعته نابعة من وظيفة إنشاءه من حيث الأساس كمشروع إستعماري بريطاني فرنسي أمريكي يستهدف :
* ضمان إستدامة تقسيم الوطن العربي الكبير
* وتهديد أمن وإستقرار أقطاره
* والهيمنة على ثرواته
هذه العوامل تفسر لنا مدى وأسباب الإنحياز الأعمى والدعم اللامحدود للعصابات الإرهابية الصهيونية وللكيان المصطنع التي تقوده على مدار قرن من الزمن وتمكينه الدائم الإفلات من المساءلة والعقاب على جرائمه وإنتهاكاته الصارخة بحق الشعب الفلسطيني ورفضه تنفيذ اي من مئات القرارات الدولية الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة بمجلسيها الجمعية العامة ومجلس الأمن .
بناءا على ما تقدم فالمجتمع الدولي في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني مطالب بالإنتقال ودون تردد أو تباطؤ بشكل تضامنه إلى مرحلة جديدة من التضامن العملي قوامها :
* الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية خاصة للكف عن إزدواجيتها كونها الراعي والداعم والحامي لسلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي والمانع أمام الإعتراف بدولة فلسطين كدولة كاملة العضوية وعلى باقي الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن لإحترام واجباتها ومسؤولياتها لردع الكيان الإسرائيلي المارق المعتدي على ميثاق وأهداف الأمم المتحدة وإلزامه بتنفيذ القرارات الدولية .
* الدعوة لعقد مؤتمر خاص بجدول أعمال محدد بوضع برنامج عمل وفق جدول زمني متصاعد يفرض عقوبات سياسية ودبلوماسية وإقتصادية وثقافية على " إسرائيل " كمقدمة إلى سحب الإعتراف و عزل الكيان الإستعماري الإسرائيلي دوليا وتجميد عضويته بالأمم المتحدة ومؤسساتها لإلزامها إنهاء إحتلالها الإستعماري الإحلالي لأراض الدولة العربية الفلسطينية المعترف بها دوليا المحدد حدودها ومساحتها بنصوص بنود قرار التقسيم رقم 181.
* إتخاذ كافة الإجراءات لضمان حماية الشعب الفلسطيني من الجرائم والإنتهاكات التي لم تتوقف من قبل سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وميليشياته " مستوطنين " ومقاطعة الدول التي تقف حائلا دون ذلك .
* دعم نضال الشعب الفلسطيني من اجل الحرية والإستقلال بكافة مقومات وأشكال المقاومة المكفولة دوليا وتعزيز صموده في وطنه التاريخي .
في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يستدعي من القيادة الفلسطينية العمل المؤسسي الدائم للتقدم دون الإلتفات لأي ضغوط والعمل على تشكيل وفود مشتركة نواتها الأردن ومصر والسعودية والجزائر وفلسطين تتولى مسؤولية الإتصال بدول العالم المؤمنة بتصفية الإستعمار وبحق تقرير المصير للشعوب عامة وللشعب الفلسطيني خاصة الإنتقال بالتضامن من مرحلة الفعاليات السنوية إلى مرحلة العمل حتى إنجاز الحرية والتحرر من نير الإستعمار الإسرائيلي العنصري الذي يتبجح قادته بتحديه لإرادة المجتمع الدولي بغالبيته الساحقة المعبر عنها بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية ودوراتها السابقة .
مواجهة السياسة الإسرائيلية العدوانية التوسعية لحكومات الكيان الإستعماري الإسرائيلي المتعاقبة وحكومة الإرهاب والتطرف برئاسة مجرم الحرب نتنياهو ومشاركة إرهابيين دوليين كابن غفير وسموتريتش ومعسكره التي تعلن جهارا عبر مكوناتها عن إستراتيجيتها بتصعيد ممارساتها وإرتكاب جرائمها من قتل وإعدام خارج القانون وتهجير ومصادرة للأراضي الفلسطينية وإعتقالات تعسفية وتدمير قرى بأكملها بات واجبا دوليا ليس إنتصارا للشعب الفلسطيني فحسب بل إنتصارا لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وللإنسانية وهذا يتطلب تحديدا من امريكا أن تكف عن إنحيازها ودعمها لإسرائيل بسياستها العدوانية الإستعمارية والإلتزام بواجباتها المناطة بها كدولة محورية في العالم ودولة دائمة العضوية بمجلس الأمن .
سيبقى الكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصر الأساس في تقويض السلم والأمن الدوليين ما لم يتم إرغامه على إنهاء إستعماره لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948....
كل التحية والتقدير لاحرار العالم دولا وشعوبا الداعمة والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية والإستقلال....
إرادة الشعوب لم ولن تهزم والحق سينتصر والإستعمار الإسرائيلي إلى زوال بإذن الله....