الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حكومة بينت -لبيد وثقافة الجيش الاسرائيلي الجديدة

نشر بتاريخ: 04/12/2022 ( آخر تحديث: 04/12/2022 الساعة: 13:01 )

الكاتب: د. علي الأعور

ربما تنامي اليمين واليمين المتطرف في اسرائيل اصبحت هي العنوان الحقيقي لتوجهات الجمهور الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي نحو ايديولوجيا اليمين واستراتيجية اليمين المتطرف المتمثلة في سياسة الضم والتوسع ومزيدا من الاستيطان واعتبار الضفة الغربية وشرقي القدس هي موروث ديني وثقافي لليهود ولا بد من السيطرة على جميع الاراضي في الضفة الغربية وتهجير السكان الفلسطينيين من الخليل والقدس وغيرها من المناطق التي تمثل استرايجية جابوتنسكي ومناحيم بيغن في اقامة الوطن الواحد لليهود وان الفلسطينيين مجرد اقليات تعيش تحت السيادة والسيطرة اليهودية.

قامت حكومة ما تسمى باليسار ووسط اليسار بقيادة لبيد وبيني غانتس ومنصور عباس بزعامة نفتالي بينت وبالتالي كانت الاجندة واضحة اجندة اليمين الاسرائيلي بقيادة نفتالي بينت ووزيرة الداخلية " ايليت شاكيد " التي تمكنت من اقناع اليمين الاسرائيلي بالتصويت لصالح منع جمع الشمل لمئات الالاف من الفلسطينيين خوفا من التغيير الديموغرافي في اسرائيل وفقا لتصريحاتها العلنية مع يائير لبيد.

وكان السؤال الذي يشغل الشارع الاسرائيلي و العربي في اسرائيل : هل حكومة بدون نتنياهو سوف تحقق الامن و الامان للجماهير العربية؟ هل حكومة نفتالي بينت وبدعم من منصور عباس سوف تحقق حل الدولتين ؟ هل فعلا حكومة بينت – لبيد تمثل حكومة البيسار ووسط اليسار؟

كانت الاجابة واضحة من نفتالي بينت لا اعتراف بدولة فلسطينية ولا اعتراف بحل الدولتين ولا اعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره واقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل.

ومهما يكن من امر فان حكومة بينت – لبيد كانت حكومة يمينية بامتياز في السياسة وفي الاستراتيجية وتمكنت من تحقيق اهداف استراتيجية تعادل ما حققه " دافيد بن غوريون في اقامة اسرائيل وهي " ادخال ثقافة جديدة للجيش الاسرائيلي تتمثل في القتل بدون قيود.

وفي الثامن من ابريل 2022 صرح نفتالي بينت " أنه تقرر منح الجيش والمخابرات العامة "الشاباك"، وأجهزة الاستخبارات، وقوات الأمن كافة، حرية مطلقة للعمل من "أجل القضاء على الإرهاب"، بعد عملية تل أبيب، وأنه "لن تكون هناك أية قيود في هذه الحرب"، بحسب ما جاء على لسانه"

وقال لابيد ، مساء السبت في تغريدة له إنني "أدعم كليا ضابط حرس الحدود الذي أعدم فلسطينياً في حادثة حوارة أمس، وبادر بقتله وأنقذ الأرواح". وفق زعمه.

وبالتالي اصبحت ثقافة الجندي الاسرائيلي هل القتل بدم بارد بدون اي مساءلة او تحقيق او ادانة من قبل الحكومة المنتهية ولاياتها ، هذه الثقافة قبل ان يصل بن غفير وزيرا للامن القومي الاسرائيلي والتي اكد قبل تسلمه الوزارة بانه سوف يحرر الجنود والشرطة وحرس الحدود من كل القيود المفروضة عليهم في محاربة الارهاب حسب زعمه مع العلم ان لبيد ونفتالي بينت قد منحوا الجيش و الشرطة الحرية الكاملة و بدون قيود في اطلاق النار .

وربما ثقافة الجندي الاسرائيلي الجديدة تمثلت ايضا في اعتبار نفسه صاحب الارض و صاحب السيادة و السيطرة على هذه الارض وانه جاء للقتال وبدون تقديم اية محاضرة له على ان هذه الاراضي الفلسطينية هي اراضي محتلة بل اصبحت ثقافة الجندي الاسرائيلي على مساعدة المستوطنين في اقامة البؤر الاستيطانية و حمل الكرافانات على ظهورهم والتخلي عن مهامهم في توفير الامن . وعندما تحدث اعتداءات من المستوطنين على الفلسطينيين و املاكهم نجد ان الجيش الاسرائيلي يوفر الحماية للمستوطنيين رغم اعتداءاتهم و الحاق الاذى بالسكان الفلسطينيين ووصل الامر الى احد الجنود من لواء جفعاتي في الخليل ان يصرح بانه جاء الى الخليل للقتال ولم ياتي للتعامل و التوافق مع المتضامنين الاسرائيليين مع الفلسطينيين ، بمعنى ان الجندي الاسرائيلي يعتبر نفسه مقاتل وجاء للقتال مع الشعب الفلسطيني و المتضامنين الاسرائيليين وبكل الاحوال هذه الثقافة الجديدة للجيش الاسرائيلي لم تكن بالصدفة بل جاءت هناك مقدمات في المدارس الثانوية و في البيت و في الاعلام الاسرائيلي الذي يدعم سياسة الحكومة الاسرائيلية و عدم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني على هذه الارض المحتلة .

واخيرا... تمثل هذه الثقافة الجديدة للجيش الاسرائيلي من اهم الاهداف التي حققتها حكومة بينت – لبيد وهي تمثل حكومة يمينية متطرفة واعتبار الاستيطان الاسرائيلي مشروعا واصبح الجندي مستوطن و المستوطن جندي ودعوات الى حمل السلاح لجميع الاسرائيليين ، وان الاحتلال الاسرائيلي اصبح مجرد وجهة نظر داخل المجتمع الاسرائيلي حتى ان اصوات السلام و التي تدعم الشعب الفلسطيني في انهاء الاحتلال واقامة دولته المستقلة لم تتجاوز نسبة الحسم مثل حركة ميرتس التي ربما اصبحت من الماضي ولم يبق في المجتمع الاسرائيلي و الجمهور الاسرائيلي الا سياسة واحدة تقوم على القتل و السيطرة و التهويد و الضم و التوسع ولكن في المقابل .. ستكون النتائج عكسية على المجتمع الاسرائيلي سوف تخلق استراتيجية جديدة داخل الفلسطيينين وهي العنف يولد العنف و التصعيد يولد التصعيد وربما الشارع الفلسطيني يتوجه الى خيار الانتفاضة الشعبية العارمة التي تعم الاراضي الفلسطينية المحتلة ولكنها بعيدة طالما الانقسام مازال قائما .. ومازالت اسباب الانقسام قائمة ومازالت المصالح الخاصة قائمة .. ومازالت قيادات ترفض المصالحة .. فان الشعب الفلسطيني لا خيار امامه سوى الانتفاضة على الجميع بما فيها اسرائيل .