الكاتب: معتز خليل
تسببت أقوال ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية في غزة بردود فعل واسعة ، خاصة وأنه أعلن إن أسعار الشقق التي ستبنها مصر بالقطاع سيصل إلى قرابة 50000 دولار لكل شقة (خمسون ألف دولار). وهو ما مثل مشكلة كبيرة لحماس قبل يوم واحد من استعراضها للاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيسها.
وقد اشتكى كثير من الفلسطينيين من أن حماس تستغل الظروف السيئة للمواطنين وتتقاضى أموالا مقابل مساعدة مصر.
وبالطبع تخشى حركة حماس من أن تضر هذه الشكاوى بجهودها الاقتصادية من أجل إعادة الإعمار ، وهو ما دفعها للتوضيح من أنه لا يوجد سعر للشقق بعد وأن مصر وحدها هي التي ستحدده.
ما الذي يجري؟
بادرت مصر ومعها بعض من الدول العربية فور تدمير الكثير من البنايات والمرافق في قطاع غزة نتيجة للحرب الإسرائيلية على القطاع بالتعهد بإعادة بناء البنايات المنهارة ، والأهم من ذلك التكفل بتوفير المسكن الملائم إنسانيا وصحيا للمواطنين ممن فقدوا مساكنهم في غزة.
وتزامنا مع هذه الخطوة كانت هناك خطوات بارزة منها:
1- موافقة عدد من الدول العربية على إعادة الإعمار ومنها قطر التي تعهدت بتوفير نصف مليار دولار.
2- مصر تعهدت بالدعم التقني والمالي لمشاريع إعادة الإعمار في غزة خاصة مع أهمية هذه المشاريع والأهم من هذا ان مصر تعتبر بمثابة الملاذ التقني واللوجستي المؤهل والقادر على إدخال أي معدات للبناء في أي وقت للقطاع.
تطورات دقيقة
غير آن هناك بعض من التطورات الحاصلة منذ الإعلان عن خطوة إعادة إعمار غزة ومنها :
1- تصاعد تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا وهو ما تسبب في أزمات اقتصادية واسعة.
2- الأزمات الاقتصادية باتت تمس مصر والعالم، وبلغ متوسط سعر الدولار في السوق المصري قرابة الثلاثين جنيها.
3- هناك بعض من الأزمات التي تواجه مصر في قضية إعادة الإعمار ومنها عدن تلبية بعض من الدول للمتطلبات الإنشائية التي تحتاجها غزة من أجل إعادة الإعمار، فضلا عن وجود صعوبات اقتصادية في هذا الصدد
الحاصل فإن هناك أيضا بعض من المعلومات الأخرى المتعلقة بمستحقي هذه الشقق في غزة ومنها :
أ- إن جميعهم تعرضوا للتشرد نتيجة للعدوان الإسرائيلي على القطاع.
ب- غالبية من فقدوا منازلهم في غزة يقيموا في العراء حتى الآن ، وهو ما يمثل أزمة كبيره لهم خاصة مع الأحوال الجوية الصعبة في غزة في فصل الشتاء.
ج- يرى الفلسطينيون أن من حقهم الحصول على هذه الشقق بالمجان ، خاصة وأن وضعهم يشبه تماما أوضاع المصريين ممن تهدمت منازلهم في حرب ١٩٦٧ نتيجة للحرب مع إسرائيل ، أو العراقيين ممن فقدوا منزلهم في البصرة نتيجة لغزو داعش أو غيرها من النماذج العربية التي عانت التشرد نتيجة للحرب ، غير أن الحكومات وقفت بجانبها وساندتها ومنحت المواطنين شقق ومنازل مجانيه لا يزالون بها حتى الآن .
تقدير استراتيجي
وفي هذا الصدد بات من حق الفلسطيني الذي فقد المنزل أو المأوى الحصول على شقة بالمجان ، وهو حق أصيل وإنساني ، وفي اعتقادي إن حركة حماس أو الهيئة المعنية بإعادة الإعمار في غزة تعرف ذلك وتؤمن به ، وتدرك حجم معاناة المواطنين الفلسطينيين ممن فقدوا منازلهم في الحروب الأخيرة ، الأمر الذي يفسر سرعة رد فعل حركة حماس لنفي وجود مقابل يجب أن يدفعه المواطن للحصول على شقة ، وهو أمر سياسي ودافع إنساني تصرفت الحركة من خلاله.
غير ان تحليل مضمون ما يجري من أحداث يشير إلى بعض من الاستنتاجات ومنها:
1- يبدو ان مصر أو جهات بها ترى ضرورة دفع ثمن هذه الوحدات السكنية باعتبار انها اجتهدت وبادرت بالبناء ومن ثم من حقها تلقي ثمن هذه الخطوة.
2- بات من الضروري مبادرة مصر ومعها السلطة الفلسطينية وقطر تحديدا بتدشين صندوق أو هيئة أو كيان اقتصادي يتابع تدشين منظومة إعادة الإعمار ويوفر للفلسطينيين ما يحتاجونه من خدمات إنسانية والأهم يوضح حقيقة أي تصريح خاص يتعلق بالماديات للشقق السكنية محل النقاش.
3- من الأفضل أن يحتوي هذا الصندوق على بند للتبرعات العربية لدفعها للجهة التي قامت بالبناء خدمة للمواطن الفلسطيني الذي فقد المنزل ويقيم الآن في العراء و وهو حق أصيل من المفترض توفيره للمواطن.
أخيرا ، من الأفضل أن تصدر التصريحات المتعلقة بعملية إعادة الإعمار من جهة إعلامية مسؤولة بعيدا عن أي جهة أخرى ، خاصة مع حساسية هذه القضية ، والأهم من هذا أيضا تأثيرها على الوضع الفلسطيني بصورة عامه شعبيا وإنسانيا.