الكاتب: السفير حكمت عجوري
في سنة 2003 وفي شهر اكتوبر تحديدا اجرى الاتحاد الاوروبي استطلاع للراي شمل 15 دولة من اعضائه بحيث تم استطلاع راي 500 شخص من كل دولة وكانت النتيجة صادمة لاسرائيل كما للقائمين على الاستطلاع الذي افاد بان 59% من المستطلعة ارائهم يرون بان اسرائيل هي اكبر مهدد للسلام العالمي متقدمة في هذا الصدد في حينه على دول مثل كوريا الشمالية وطبعا لم ينشر الاستطلاع وانما تم تسريبه لبعض الصحف ومنها الهيرالد تريبيون الدولية وجريدة El Pais.
هذا الاستطلاع تطرقت له اكثر من مرة ضمن مقالات كنت انشرها في الصحف اليومية الايرلندية لاذكر اصدقائنا هناك بان الراي العام الاوروبي في اسرائيل كمهدد للسلام العالمي لم يتغير قيد انملة بل على العكس وذلك من خلال ما اقترفته اسرائيل من جرائم وهي موثقة اثناء اجتياحاتها لغزة والتي قال فيها القاضي غولد ستون بانها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ناهيك عما تفعله في ايامنا هذه من اقتحامات وقتل بدم بارد ومن نقطة الصفر بحيث لا تفرق بين صحفي وطبيب وطفل ولكنها تقتل من اجل القتل وعلى الهوية اضافة الى تعدياتها شبه اليومية على دول الجوار.
العودة الى هذا الاستطلاع الان سببه هو قرار البرلمان الاوروبي بعنوان " افاق حل الدولتين لاسرائيل و فلسطين " (معا 17/12) وذلك لتذكير دول الاتحاد الاوروبي بضرورة احترام راي الاغلبية في دول الاتحاد الاوروبي او بالاحرى القاعدة الشعبية التي تصنع الساسة وتصنع معهم القوانين الملزمة لهؤلاء الساسة وهي المنبثقة اساسا من القيم الاوروبية التي من المفروض ان تكون بمثابة البوصلة التي توجه السياسة الاوروبية الخارجية وذلك بحسب ما قاله خافير سولانا وزير خارجية الاتحاد الاوروبي الاسبق الذي قال " ان سياستنا الخارجية في الاتحاذ الاوروبي مستمدة من قيمنا الاوروبية" وهو ما يتناقض تماما مع دعم اوروبا لاسرائيل القوة القائمة بالاحتلال .
التهديد ب "تعليق تمويل الاتحاد الاوروبي للمناهج الفلسطينية اذا ثبت انها تحض على الكراهية والعنف ومعاداة السامية مع ادانة خطاب الكراهية والعنف ومعاداة السامية التي لا تزال موجودة في مناهج السلطة الفلسطينية" كما طلب الافراج عن جثماني الاسيرين الاسرائيليين لدى حماس وكانهما قتلا اثناء قيامهما بنزهة في غزة , وطبعا بقية ما ورد في القرار المنحاز جدا للاحتلال وفي ذلك انسلاخ اوروبي كامل عن القيم الاوروبية واساسها حقوق الانسان وذلك للاسباب التالية
اولا العداء للسامية هو قانون سنته الحركة الصهييونية لابتزاز دول اوروبا التي تبنت هذا القانون دون ان تعرف بان اغلبية سكان اسرائيل من اليهود الغربيين هم من اليهود الذين اعتنقوا اليهودية وليس لهم اية صلة بالسامية وان القصد من قانون العداء للسامية هو التغطية على جرائم اسرائيل كون القانون يمنع انتقاد اي من ممارسات اسرائيل حتى وان تساوت مع جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية .
ثانيا وبالرغم من انني انبذ استخدام جثث الموتى في اي تعامل سياسي الا ان اسرائيل هي الكيان الوحيد في العالم التي تحتفظ بجثث الشهداء الفسطينيين من محاربي الحرية بدون اسماء ولكن بارقام وهذا ما بات يعرف بمقابر الارقام بينما جنود اسرائيل قتلوا وهم يقصفون و بشكل عشوائي بدبابتهم غزة الاكثر ثكافة سكانية في العالم وحتى لا نعيد ذكر ما يعرفه الاتحاد الاوروبي نذكر فقط بان عدد من استشهدوا على يد قوات الاحتلال في هذا العام فقط بلغ 222 الى لحظة كتابة هذه السطور منهم اطفال ومنهم اطباء ومنهم ايقونة الصحافة الفلسطينية شيرين ابوعاقلة.
ثالثا المناهج الفلسطينية وهذه لا تدرس في السرولكنها تدرس لتلاميذ يعيشون تحت الاحتلال تلاحقهم كلاب المستوطنين في كل يوم وهم ذاهبين الى المدرسة وبين فترة واخرى يغيب عن مقاعد الدراسة والى الابد واحد او اكثر من زملائهم على يد جندي صهيوني مجرم حاقد او يعودون الى بيوتهم ليجدوا ان اخاهم الاكبر او والدهم قد استشهد او اختطف من قبل المستعربين الصهاينة او انهم يعودون ليجدوا ان بيتهم قد تم هدمه اضافة الى ما يسمعه هؤلاء التلاميذ في كل يوم من عبارات الشتم والموت للعرب من افواه صهيونية او حتى من رجال دين مثل عوفاديا يوسف الذي لم تكن مواعظه تخلو من وصف الفلسطينيين بالافاعي والصراصير ويجب ابادتهم ومع كل ذلك نجد ان المناهج الفلسطينية متزنة ويجب ان تكون كذلك وهي كذلك بدليل وجود حامعات تخرج لفلسطين اجيال من الاطباء والمهندسين والصيادلة والمعلمين والتقنيين وعلماء في العلوم والتكنولوجيا بحيث لا يوجد دولة في العالم تخلو من مبدع من انتاج هذه المناهج الفلسطينية وهو ما يؤكد عاى انه من غير الممكن لمبدع ان يكون قد تاسس على منهج تدريس يحتوي على الكراهية والعنف,
بالطبع فنحن لا ننكر بان هناك كراهية وهناك عنف في وسط الشباب الفلسطيني بل والكل الفلسطيني ولكن هل يعقل ان يخفى على اي عاقل في هذا الكون في ان سبب كل ذلك هو الاحتلال العنصري الكاره لكل من هو غير يهودي وهل هناك من ضرورة لنذكر اصدقائنا الاوروبيين بقتلة محمد الدرة وفارس عودة وحرق محمد ابو خضير والدوابشة وهم احياء ودهس شقيقين محمد ومهند مطير بينما يقفان على حافة الطريق لاصلاح مركبتهما على يد مستوطن والطفلة جنى زكارنة التي كانت جريمتها انهت تواجت على سطح منزلها وبالطبع لا داعي للتذكير بالنكبة التي بسببها يعيش نصف الفلسطينيين في المحيمات وفي الشتات.
الاتحاد الاوروبي هو اكثر جهة تعرف صحة ما ذكرناه وذلك بسبب العدد الكبير من زواره وسفراءه الذين نجلهم بسبب صدق نقلهم لحقيقة ما يجري على الارض وانا التقيت بعضهم وقد سبق وان تم تسريب بعض من تقاريرهم وهو ما يعني ان انحياز الاتحاد الاوروبي بالرغم من كل ذلك لدولة الاحتلال وحصوصا في هذ ا الوقت الذي نتوقع فيه حكومة يرأسها مدان باربع جرائم ووزير امنها القومي بن غفير فاشي ارهابي ووزير أخروهو درعي متحرج من السجن بسبب الفساد المالي واخر ارهابي وهو سموتريتش الذي سيضاف لوزارته وزارة اخرى ضمن وزارة الامن (الحرب) ، هذا الانحياز هو بمثابة ادانة ذاتية لقرار الاتحاد الاوروبي بسبب ما ورد في القرار من ندية ومساواة بين الضحية والجلاد وعليه ازعم وبكل اسف بان ما ورد في القرار يضع الاتحاد الاوروبي في خانة الشراكة مع الاحتلال.
الى ما سبق اضيف بان الاتحاد الاوروبي يعلم علم اليقين بان اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وبهكذا حكومة و برئاسة النتن ياهو الذي لم يأل جهدا وباعترافه لتدمير حل الدولتين ما يعني انه لن يسمح بتطبيق هذا الحل طالما بقي القرار في يده في الوقت الذي يدرك فيه الاتحاد الاوروبي كما نحن بانه يملك السلطة الاكبر لمحاسبة ومعاقبة اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال واجبارها على تطبيق هذا الحل لعدة اسباب منها الجوار والمشاطئة اضافة الى ان الاتحاد كان المساهم الاكبر في انشاء هذا الكيان كما انه ما زال يمسك بشريان الاقتصاد الاسرائيلي بحكم انه الشريك التجاري الاكبر لدولة الفصل العنصري .
اذ وعلى الرغم من مرور اكثر من عشرين سنة على الاستطلاع المذكور الذي تم ابان الانتفاضة الثانية وفي عهد مجرم الحرب و صبرا وشاتيلا وقبية.