الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة
ضمن مسلسل إجرامي منظم، تهدف من ورائه قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى المس بالحركة الرياضية الفلسطينية التي تمثل أحد الرموز الوطنية الفلسطينية كجهة ترعى قطاع الشباب الذي يعول عليه تشييد المستقبل الفلسطيني، فقدت الأسرة الرياضيّة الفلسطينيّة، فجر اليوم الخميس، اللاعب أحمد عاطف مصطفى دراغمة (23 عاما) من مدينة طوباس، بعد إصابته برصاصتين في الظهر والقدم، خلال اقتحام جنود الاحتلال للمنطقة الشرقية من المدينة، أثناء تأمين اقتحام المستوطنين لمقام يوسف، وكان "أبو سياج" كما كان يحب أن ينادوه به، ينشط في فريق "ثقافي طولكرم"، ويلعب في مركز خط الوسط المهاجم، وكان هداف فريقه وأحد هدافي الدوري الفلسطيني، شهيدا جديدا لينضم لشهداء الحركة الرياضيّة، التي فقدت ما يزيد عن(550) شهيداً منذ عام 2000 وحتى تاريخ كتابة هذا المقال.
لا شك أن الحركة الرياضية الفلسطينية سجلت حضوراً رياضياً قوياً وانجازات كبيرة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية؛ رافقها رفع العلم الفلسطيني وعزف النشيد الوطني في العديد من المحافل الرياضية الدولية؛ ولذلك تعمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى منع وعرقلة تشييد البنية التحتية للمنشآت الرياضية، وإلى تدمير المنشآت القائمة، واقتحامها وتدمير ممتلكاتها، وإغلاق البعض منها، ومنعها من ممارسة نشاطاتها؛ فضلًا عن استهداف حياة اللاعبين والإداريين ليرتقي العديد منهم شهداء؛ كما عملت على تقييد حرية انتقالهم وسفرهم، وزجت بأعداد كبيرة منهم في السجون والمعتقلات. ناهيك عن الكثير من العقوبات والإجراءات الصارمة بحق الحركة الرياضية كاحتجاز الأدوات والمعدات الرياضية في المعابر والموانئ، وفرض الرسوم الجمركية الباهظة عليها إن سمحت بدخولها.
إن أشكال النضال والمواجهة مع الاحتلال مُتعددة، وهناك الكثير من أنواع النضال الموجعة له والتي تُكبده خسائر كبيرة دون بذل الكثير من الجهد، واحداها هو الساحة الرياضية، والتي لا تتطلب أن يكون الرياضي محسوب على احد الفصائل او مقاتل يحمل بندقية، بل تتطلب منه أن يكون فقط فلسطيني ويجيد لعبته بمهارة ليمثل وطنه خير تمثيل، لذلك فإن ملاحظتي الأولى هي: انه لا يجب على أي فصيل فلسطيني أن يتبنى الشهيد ويعلن بأنه ينتمى لمجموعاته المسلحة وسقط خلال معركة لان هذا سوف يعفي المحتل من تبعات الادانات الدولية ويعفي الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" إدانة جريمة الاغتيال والطلب بمعاقبة الجناة مادام أنه سقط خلال قيامه بالاشتباك في معركة مسلحة، وستكون كهدية لتبرئة جيش الاحتلال من جريمة اعدام رياضي.
أما ملاحظتي الثانية أنه: يجب على الدبلوماسية الفلسطينية أن تنشط أكثر في دبلوماسيتها وان تضع صورا لشهداء الحركة الرياضية داخل السفارات وفي المعارض الدولية والتوضيح للعالم بأن دولة الاحتلال تنتهك كل المواثيق والأعراف الدولية؛ وعلى وجه الخصوص الميثاق الأولمبي والنظام الأساسي ولوائح الاتحادين الدولي والآسيوي لكرة القدم، وتقديم شكاوي لهم عن انتهاكات الاحتلال بحق الرياضة الفلسطينية وتعرض المنشآت والأندية والملاعب للقصف والدمار، واغتيال الرياضيين كما حدث مع المئات منهم، وكان على رأسهم الإعلامي والمدرب الرياضي البارز عاهد زقوت، وبطل فلسطين في الكاراتيه، برهام الجعبري، وغيرهم الكثير الكثير.
وأخيرا، لا بد في هذا المقال تذكر كلمات الخالد فينا، القائد المؤسس للكيانية الفلسطينية ابي عمار، حينما قال: " إن عظمة هذه الثورة أنها ليست بندقية فلو كانت بندقية وحدها لكانت قاطعة طريق، بل هي نبض شاعر وريشةُ فنان وقلمُ كاتب ومبضع جراح وابرة لفتاة تخيط فيها قميص فدائي"، وأنا أٌضيف على هذه الكلمات أنها "كرة قدم ورياضي".