الإثنين: 13/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

‏تجنيد الشباب دون علمهم هو أمر مرفوض وغير أخلاقي !

نشر بتاريخ: 09/01/2023 ( آخر تحديث: 09/01/2023 الساعة: 14:21 )

الكاتب: ندين روز علي




‏من تداعيات انقلاب عام 2007 في غزة، قيام علاقة انفصال مركبة بين شعبنا الفلسطيني في الضفة وشعبنا الموجود في غزة، وهو انفصال ليس بالمعنى الجغرافي والحكومي فقط، بل هناك شبه قطيعة في التواصل اليومي العادي بين المواطنين، في التواصل التجاري والاقتصادي والاجتماعي.
‏وطبعاً فإن الحصار الذي فرضه الاحتلال على غزة هو نتيجة مباشرة للانقلاب وليس مفصولاً عنه. هذه الظروف أدت إلى شبه قطيعة تواصل ليس فقط بين حركة حماس وكوادرها في الضفة ولكن بين الحركة وعموم سكان الضفة، ويظهر أن محاولات البعض في الحركة للتفتيش عن طرق التواصل وإثبات الوجود في الضفة قد تمت المبالغة فيها وتم التاغاضي عن الخط الأحمر بين دعم المقاومة وبين حفظ الأخلاق وحقوق الغير واختلاف الرأي واختلاف الرؤية الوطنية.

‏فقد قامت قوات الاحتلال في الفترة الأخيرة باعتقال العشرات من الشباب والتحقيق معهم بتهمة نقل أموال من الحركة لنشيطين وقادة هنا وهناك في الضفة، دون علم الشاب أنه يفعل ذلك لصالح حركة حماس . وخلاصة الأمر الذي انتشر الكلام عنه في وسائل التواصل الاجتماعي أن نشطاء حماس يفتشون عن شباب يعملون إما في نقل الطرود البريدية، أو توصيلات المشتريات والبضائع الخفيفة أو كسائقي تاكسي الأجرة ، أو أعمال مشابهة، ويستغلونهم دون علمهم ودون موافقتهم لنقل أموال من مصدر لآخر، ويعتقد الشباب أنهم ينقلون طروداً بريدية أو مشتريات أو مراسلات، حسب ما صرح به بعض الشباب المعتقلين الذين أفرج عنهم.

‏وقد اعتقل الاحتلال العشرات من هؤلاء الشباب المضلَلين، الذين استخدمتهم حماس طعماً دون أن يعلموا ودون أن يوافقوا على هذا العمل. وغني عن القول ما يجري لهم في الاعتقال والتحقيقات ، وهم أناس بعيدون كل البعد عن هذه الأعمال، وكذلك ما يجري لعائلاتهم . بعضهم تم إطلاق سراحه، وبعضهم ما زال سجيناُ . على المقاومة أن تكون مستقيمة وأخلاقية في تعاملها مع شبابنا وأفراد شعبنا ككل، عليها أن تكون طاهرةً نقية وأن تجند من يريد التجند بإرادته ورغبته وموافقته، وليس أن تستغل وتغش الشباب السذج الذين خرجوا للحياة وسوق العمل للرزق الحلال ولا يعلمون عن خبث الحياة شيئاً بعد! كل أساليب المقاومة مشروعة إلا هذه الأساليب التي تدل على الإفلاس وعلى اليأس من المسارات المشروعة والأخلاقية.

‏وإذا كانت هناك أزمة في طرق التواصل بين غزة والضفة أو بين بلدة وبلدة أخرى في الضفة فيجب التغلب عليها بأساليب مقبولة يقوم بها نشطاء المقاومة أنفسهم وليس استخدام شباب لا يعلمون بالأمر شيئاً. لا الشاب يقبل ذلك ولا أهله ولا المجتمع. نتمنى جميعاً أن تكون تلك كبوة وليس أسلوباً دائماً، كما نتمنى أن لا يتم استخدام هذا الأسلوب في مهام أخرى نجهلها ويجهلها منفذوها.

‏إن ظروف الحياة تحت الاحتلال مركبة ومعقدة، فهناك من يرى أنه يريد أن يؤمن لقمة العيش لأولاده وعائلته كهدف أسمى، وهناك من اختار الانضمام للمقاومة، وهناك من يئس من هذه الظروف الصعبة ومن أعمال المقاومة ويطرح حلول مقاومة شعبية سلمية، وهناك من يطرح شعار التحرير من النهر إلى البحر، وهناك من يرى في ذلك غير قابل للتنفيذ، وهناك من يرى الأفضل في تسيير حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية كخيار رئيسي، وغيرهم وغيرهم، وكلنا نتناقش ونعرف ما يجري لدينا من اختلافات في الرأي وفي ترتيب الخيارات والأولويات. فليحترم كل منا رأي الآخر وخياراته، ولنبتعد عن فرض الرأي وفرض الخيار وفرض أسلوب الحياة الذي يريده كل منا .