الكاتب: هيثم زعيتر
يُحاول رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الهروب من "مقصلة" القضاء، التي ما زالت تُطوق عنقه بالتهم المُلاحق بها مُنذ سنوات عدة: بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة.
وأيضاً التي تطال حلفائه بالائتلاف، رئيس حزب "شاس" أرييه درعي، رئيس حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريش ورئيس حزب "القوة اليهودية" ايتمار بن غفير، ما بات يُهدد مصير الائتلاف والحكومة، والعزلة الدولية.
وسجل أمس (الثلاثاء) تطور هام، تمثل باستقبال ملك الأردن عبدالله الثاني بن الحسين، نتنياهو، في العاصمة، عمان، حيث شدد خلال اللقاء على "ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك". وهو السائد مُنذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967، الذي يتضمن تأكيداً بأن دائرة الأوقاف الإسلامية هي المسؤولة عن إدارة شؤون المسجد، من دون أي صلاحية للحكومة الإسرائيلية بالتدخل فيه.
وأكد الملك عبدالله، على "ضرورة الالتزام بالتهدئة، ووقف أعمال العنف لفتح المجال أمام أفق سياسي لعملية السلام، ووقف أي إجراءات من شأنها تقويض فرص السلام".
من جهته، تعهد نتنياهو خلال اللقاء بـ"الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للأقصى"
تكمن أهمية هذا اللقاء، بأنه جاء:
- مع ارتفاع حدة التوتر في الأراضي الفلسطينية المُحتلة بفعل الاقتحامات الإسرائيلية المُتكررة للمدن والأحياء الفلسطينية.
- بعد حوالى 20 يوماً من اقتحام بن غفير ومجموعة من المُستوطنين باحات المسجد الأقصى الشريف، في أول زيارة له مُنذ عودة نتنياهو إلى السلطة، وما أعقبها من منع السفير الأردني في تل أبيب غسان المجالي، من دخول المسجد الأقصى.
في غضون ذلك، ما تزال مُحاولات أركان الائتلاف الحاكم في الكيان الإسرائيلي، الانقلاب على القضاء، من خلال القانون الذي تقدم به وزير القضاء ياريف ليفين، بحيث يتم تقييد "المحكمة العليا" والقضاء، بما لا يُمكنهم رد أي قانون يصدر في "الكنيست" حتى لو كان مُخالفاً للقوانين.
هذه القضية تستأثر على جانب كبير من الاهتمام، عبر التظاهرات المُتكررة، للأسبوع الثالث على التوالي، والتي يتزايد عدد المُشاركين فيها، الذين يعتبرون هذه الخطة تدمير للديمُقراطية.
وقد تجاوزت مُحاولة إضعاف الجهاز القضائي، المُجتمع الإسرائيلي إلى الخارج، حيث حذر عضو "الكونغرس" الأميركي عن "الحزب الديمُقراطي" براد شيرمان (أحد أبرز مُؤيدي الكيان الإسرائيلي) من مخاطر مساعي حكومة نتنياهو، ضرب القانون، والتحذير من تضرر المصالح الإسرائيلية بوقف الدعم الأميركي.
وبرز خلال الساعات الماضية، تطور هام بالإعلان أن المُستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، ستبدأ مُشاورات مع مسؤولين في وزارة "القضاء"، والنيابة العامة الإسرائيليتين، خلال الأيام المقبلة، لبحث إمكانية إلزام نتنياهو بالتنحي عن منصبه، بسبب تضارب المصالح داخل الائتلاف القائم.
يأتي ذلك، بعدما أبلغت المُستشارة القضائية، نتنياهو، الأسبوع الماضي، "أن اتفاق الامتناع عن تناقض المصالح الذي وقعه، قبل 3 سنوات، لا يزال سارياً، وأنه يسري على كل ما يتعلق بشؤونه القضائية، ما يعني أنه يُحظر على نتنياهو الانشغال بتعيينات أو بتغييرات في "جهاز القضاء" الإسرائيلي، من شأنها التأثير على مُحاكمته وعلى شؤونه الخاصة".
وكان نتنياهو قد وقع على اتفاق الامتناع عن تناقض المصالح، قبل 3 سنوات، كي يمنع المستشار القضائي السابق أفيحاي مندلبليت، من الإيعاز له بالتنحي، حيث تتواصل مُحاكمة نتنياهو، الذي وُجهت إليه تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
وكان نتنياهو قد عبر عن مُعارضته لإمكانية أن تقوم المُستشارة القضائية الإسرائيلية بتنحيته، واعتبر أن "المُستشار القضائي للحكومة يتولى منصباً من دون أن ينتخبه الجمهور، ولا تُوجد إمكانية أو منطق في منحه صلاحيات بالغة التأثير بإقالة رئيس حكومة أثناء ولايته".
جاء ذلك بعد أيام من إلزام "المحكمة العليا" الإسرائيلية نتنياهو، إقالة درعي من منصبيه كوزير للداخلية والصحة لإدانته سابقاً بتهم الفساد.
يُسعى نتنياهو إلى "لملمة" الخلافات داخل ائتلافه، خاصة بعد بروزه إلى العلن، على خلفية التوترات حول إخلاء أول بؤرة استيطانية جديدة "أور حاييم" في نابلس، بين وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت، ووزير المالية سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصباً في وزارة جيش الاحتلال، حول الصلاحيات، حيث حاول سموتريتش استخدام صلاحياته، لوقف إخلاء البؤرة الاستيطانية، فيما أمر غالانت، الجيش الإسرائيلي بإخلائها وفقًا للقانون، وهو ما تم.
وعقد نتنياهو اجتماعاً جمع إليه غالانت وسموتريتش، الذي طالب رئيس الحكومة تقسيم الصلاحيات بينهما.
إلى ذلك، اتفق رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي على هدم كل مبنى جديد يُقام داخل المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية خلال وقت قصير.
من جهته، أبدى رئيس الكيان الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، قلقه من "إمكانية أن تدخل "إسرائيل" في صراع داخلي قد يُفجر الأوضاع بسبب الخلافات السياسية والانقسام في أوساط مُختلف فئات المُجتمع".
وقال: "أرى أمام عيني الانقسامات والتفككات في داخلنا، التي تزداد عمقاً، إننا نُواجه لحظات مصيرية ستُؤثر علينا، يجب أن نعود إلى رشدنا ونتحمل المسؤولية، ونحمي ما بنيناه هنا، "إسرائيل" يُمكن أن تصل إلى العام الثمانين".
هذا في وقت انتقدت فيه مُنظمة "هيومن رايتس ووتش"، إجراءات الاحتلال الإسرائيلي الجديدة بشأن دخول الأجانب للضفة الغربية المُحتلة، مُشيرةً إلى "نتائجها الكارثية على أوضاع الفلسطينيين، خاصة ما يتعلق بتصعيد عمليات فصلهم عن العالم، وتكريس عزلتهم، وهذه الإجراءات تختلف تماماً عن إجراءات الدخول الى الكيان الإسرائيلي".
وحذرت من "تأثير تلك الإجراءات السلبي على جميع أشكال علاقات الفلسطينيين مع العالم الخارجي".