الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

ولا بد من تدارس فقه الوعي

نشر بتاريخ: 26/01/2023 ( آخر تحديث: 26/01/2023 الساعة: 00:40 )

الكاتب:

د. سهيل الأحمد

إن من فقه الوعي أن تدرك طبيعة ما يصدر عن لسانك من أقوال فترأف به وتضبطه لأنه سيكون لا محالة حجة عليك..، ومخالط للتصور اللفظي الذي يجب عليك فيه التمعن في الكلام قبل أن يخرج عنك.

ومن فقه الوعي كذلك أن تدرك كيف تهتم بتعليم قلبك وتتلطف به لينفعك في تقرير العلاقة الطيبة مع الله سبحانه ومع الناس... وهذا الفقه هو بحق مما يجب تدارسه وتطبيقه.. ومعرفة أدواته ومظانه، فلا ينبغي عليك تجنب ذلك أو إهماله، بل مذاكرته وإعماله.

حيث يأتي إليك هذا الفقه ليقول لك: عندما تسأل أحد الصالحين المنصفين عن السبب في عدم ذكره غيره بسوء سيقول لك: أنا غير راض عن نفسي فكيف سأقوم بذم الناس، وسينصحك كذلك بأن تحذر ممن نقل إليك حديث غيرك، لأنه سينقل إلى غيرك حديثك... وهنا نعلم أن العدل مع غيرك يتمثل بأنك إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه..

وفي فقه الوعي وصدق التعامل وحسنه يقرر مبدأ مفاده أنه: ليس من المروءة والكرامة أن يربح الإنسان على أخيه... وهنا يقال: فكيف بمن يظن أن ربحه ومصالحه لا تقوم إلا بالنيل أو الإضرار بأخيه!!!، أو المداهنة لتحقيق موهومات ظاهرها المصلحة وباطنها إضرار معنوي يعقبه إضرار مادي ممقوت كل منهما.

ونحن بدورنا نتذكر أنه يحسن بنا الإنصاف مع النفس بأن نحاسبها عن جميع أعمالها وانفعالاتها. وعن كسبها في أكلها وشربها وملبسها.. ويجدر بنا في هذا المقام أن نعلم أنه يفترق العاقل عن الغافل الذي لا يبالي كيف يكون كسبه وإلى أين يتجه عمله.. حيث يتعمد ألا يقبل على نفسه فلا يحاسبها أو حتى يوقفها فيعاتبها ... وشتان في هذا بين العقل والغفلة من حيث التفكير والمصير.

وعندها لا نغفل عن أنه قد يشاركنا هوى النفس في تقرير موقف..ليسأل العقلاء هل كلنا إنْ رمت الدواﺀَ طبيبُ؟. بل ويخبرنا بحقيقة مفادها... أن كل الخلق يظن في قراره وقضائه أنه عادل ورهيبُ. ثم لا ينسى كيف أن صواب العلم لا يقبل رأي الجهل. حتى يظن أنه يفتي دائمًا برأيه ويصيبُ.. ولو أراد من وافق الهوى معرفة اختصاصه.. ما أدى إلى أن يقرر في المسائل من هو جاهل وكذوب.. بل يطلب منا أن نرفق بالنفس وأن نجعل لغة العقل تجنبنا غلو الأهواء في الأحكام قبل أن نشيب..