الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

نبوءة العقد الثامن بزوال اسرائيل ومونديال قطر.

نشر بتاريخ: 26/01/2023 ( آخر تحديث: 26/01/2023 الساعة: 20:30 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

اسرائيل ولدت مشوهة خَلقِيا قبل 75 سنة بسبب التطبيق الخاطيء لقرارنشأتها وهو قرار التقسيم ويحمل رقم 181، وبالتالي وعلى الرغم من كل محاولاتها لتجميل نفسها على مداركل هذه السنين الا انها ازدادت بشاعة اخلاقيا وسياسيا بسبب ممارساتها العنصرية وغير الانسانية بحق الفلسطينيين وما فعلته اليوم الخميس في جنين هو مجزرة نازية بكل اركانها.

اسرائيل قامت على انقاض كيان آخر وبدون اي اعتبار لا تاريخي ولا اخلاقي لاصحاب هذا الكيان وهم الفلسطينيون الممتدة جذورهم في الارض الفلسطينية الى ما قبل التاريخ الذي شارك الفلسطينيون في صناعته، ومن يقلب في صفحات التوراة وهو اول كتاب سماوي انزله الله على البشرية نجد انه قد تم فيه ذكرفلسطين والفلسطينيين اكثر من سبعين مرة الى ان اجتمع سايكس الانجليزي وبيكو الفرنسي على انقاض الحرب الاولى واقتسموا فيما بينهم غنائم العثمانيين ووقعت فلسطين في فخ الانتداب البريطاني بتكلبف من عصبة الامم بحجة تطوير بنيتها الادارية من اجل ان تصبح فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة وبدلا من ان تنتهي المهمة الانتدابية البريطانية بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتكون حاضنة لكل مواطنيها من يهود ومسيحيين ومسلمين ، انقلبت الامور لصالح اقامة وطن قومي عنصري للاقلية اليهودية ليكون مركز يتجمع فيه كل يهود العالم وذلك تجسيدا لوعد بلفور المشؤوم ولكن وهوالاهم حتى يكون هذا الكيان الصهيوني اداة تفتيت للجسد العربي خدمة لهدف استعماري غربي بعدم قيام كيان عربي واحد لما في ذلك من تهديد للغرب ومصالحه.

اسرائيل وبسبب تشوهها الاخلاقي والسياسي والتاريخي عملت منذ قيامها كل ما هوممكن لتجميل هذا التشوه من اجل تسويق نفسها ككيان طبيعي متحضر لكي تستطيع الاندماج في المجتمع الدولي وذلك من خلال تقمصها للديمقراطية بالرغم من التناقض الشديد بين الديمقراطية كقيمة حضارية وانسانية واحتلال شعب اخر وسرقة ارضه بالقوة العسكرية وفي نفس الوقت ممارسة سياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي بحق هذا الشعب ولانها ديمقراطية مصطنعة وهشة وملك حصري لليهود فهي في طريقها للمصادرة من قبل الحكم الفاشي الحالي برئاسة النتن ياهو المدان قضائيا ليحمي نفسه من سجن مستحق ليس ذلك فحسب وانما ايضا التجميل الاسرائيلي الاصطناعي من خلال التقدم النووي والتكنولوجي والتي هي بضائع مسروقة ايضا من اجل توظيفها في ردع وتهديد لاستقرار المنطقة باكملها خدمة للاستراتيجية الصهيونية التي اقامت اسرائيل على اساسها وهي الهيمنة على المنطقة كلها.

المضحك المبكي في كل ما ذكرناه هو ان اسرائيل وبالرغم من كل ذك توفرت لها في اكثر من فرصة لتصبح فعلا دولة طبيعية كما باقي كل دول العالم تتعايش بسلام مع اصحاب الارض ومن خلالهم مع كل الجوار والعالم الذي يقيم مع اسرائيل علاقة من المؤكد انها غير طبيعية بسبب شذوذها في التكوين والممارسة والذي ما زالت اسرائيل تحصنه بسيف العداء للسامية تارة والابتزاز بسبب المحرقة تارة اخرى .

الفرصة الذهبية الاولى كانت اوسلو والتي لا اعتقد انها ستتكرر والفرصة الثانية سقوط النتن ياهو من على سدة الحكم بعد ان دمر الفرصة الاولى وكان سقوطه بمثابة معجزة بدليل عودته بعد اقل من سنتين غياب عن مسرح الحكم ولكنه عاد في هذه المرة ومعه كل ادوات الدمار الشامل للسلام وهو ما يعني ان اي محاولة لاعادة انتاج ادوات التفاوض بعد تجربة ثلاثة عقود من الفشل او البحث عن افق سياسي حقيقي كما خرج عن القمة الثلاثية في القاهرة في السابع عشر من هذا الشهر هو مجرد اطالة في عمر الوضع القائم وهو الوضع الذي ما انفك البعض يبشرنا فيه بنزول المطرمن غير غيوم وهو الوضع الذي ما زلنا وعلى مدار ثلاثة غقود نسمع فيه جعجعة ولكننا لم نرى طحنا.

تضييع الفرص انفة الذكر صهيونيا يفسر وحدة الحال بين اليمين والتطرف والفاشية واليسار الوهمي في اسرائيل وهو بالتالي تجسيد للاستراتيجية الصهيونية التي تعمل على ادارة الصراع وليس حله وذلك منذ اقامة كيانها سنة 1948 بدليل احتلالها في حينه لنصف الارض التي خصصها قرار التقسيم لاقامة دولة فلسطينية واحتلالها بعد ذلك لباقي الارض في سنة 1967 من اجل بقاء الباب مفتوح خدمة لاطماع وجشع الحركة الصهيونية في السيطرة ليس على فلسطين التاريخية والجغرافية وانما على المنطقة باكملها والتي وبسبب الخذلان الرسمي العربي صارت حتى اكبر من خارطة اسرائيل الكبرى المرسومة على الاغورة (من الفرات الى النيل) بعد ان بدأ الحديث يدور حول مملكة حِميَر.

تضييع الفرص كان مع سبق اصرار صهيوني بسبب وهمية التفوق اليهودي على كل ما هو غير ذلك (الاغيار) مع ان ما حصل في مونديال قطر من نبذ جماعي عربي للكيان الصهيوني من المفروض ان يكون نذير خطروجودي على اسرائيل كونه يبشر بصحة نبوءة العقد الثامن من خلال رسالة المونديال الواضحة للمتطرفين الحاكمين في اسرائيل بحقيقة ان اختزال 400 مليون عربي ب 22 حاكم هو درب من دروب المستحيل وهو ما يستدعي وقفة مراجعة صهيونية من اجل وقف عربة التطرف التي تجر اسرائيل خلفها نحو الهاوية ، لعلها بهذه المراجعة تتفادى نبوءة الزوال التي اقر بها المؤرخين والمثقفين الصهاينة وحتى الساسة العسكريين منهم من امثال ايهود باراك وهي نبوءة العقد الثامن الذي ينذر بزوال اسرائيل.

ما سبق يؤكد على ان التطبيع الذي يجب ان تلهث اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال خلفه لا يجب ان يكون مع حكام دول الخليج او غيرهم من حكام العرب وانما مع اصحاب الارض وذلك بضرورة التزام اسرائيل بكل القرارات الدولية ذات الصلة والعيش داخل حدود رسمتها الشرعية الدولية ، لان التطبيع الاسرائيلي حتى ولو كان مع كافة دول العالم ولكن بدون اصحاب الارض هو بمثابة بناء قصور في الهواء وذلك بسبب ان هناك قنبلة فلسطينية موقوتة مزروعة في خاصرة كل صهيوني يعيش على ارض فلسطين التاريخية وهوالامر الذي احال سلاح اسرائيل النووي الى مجرد سلاح من ورق.

هذا لا يعني اننا سنذرف الدموع على زوال الكيان الصهيوني العنصري ولكنها محاولة انسانية لوقف سفك الدم والقتل اليومي اليومي والاضطهاد غير الانساني الذي تمارسه قوات الاحتلال الصهيوني العنصري بحق اصحاب الحق و الذي بدوره يراكم كم من الكره والعداء لدى المضطهدين الفلسطينيين والذي لا يعلم غير الله ماذا ستكون نتائجه والذي يبدو ان اول غيثه قد بدأت قطراته تنزل في جنين ونابلس وذلك بعد قحط دام حوالي ثلاثة عقود وللنتنياهو وصحبه من الفاشيين امثال بن غفير وسموتريتش نقول بانه عبثا تحاولون افناء ثائر عاشق للحرية لان عودته هي قدر فهو كالقيامة ذات يوم آت .