الكاتب: أ. سناء الشرافي
تصريحات وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو والتي قال فيها إن الصين تمثل خطراً أكبرعلى العالم من روسيا وأن الرئيس الصيني يسعى للهيمنة السياسية والإقتصادية للصين على العالم فيما لا توجد لدى الرئيس الروسي أوهام بأنه قد يسيطر على العالم، ما هي إلا إضاءة جديدة على ما تخطط له الولايات المتحدة بعد إنتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، أو إضعاف روسيا عسكرياً واقتصادياً وسياسياً لعدة عقود.
الهدف الإستراتيجي للسياسة الخارجية الأمريكية هو هزيمة روسيا من خلال ضخ أسلحة قتالية متطورة لأوكرانيا وإجبار موسكو على توقيع إتفاقية ذل أشبه بهدنة كومبين في الحرب العالمية الأولى الموقعة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1918 بين الحلفاء وألمانيا والتي حملت شروطاً مذلة قاسية لألمانيا.
قد يتحقق الهدف الأمريكي وقد تجر موسكو أوروبا إلى حرب عالمية ثالثة لا يستبعد أن تكون نووية، ولكن هزيمة روسيا وإضعافها هي معركة في حرب الهيمنة الأمريكية والحفاظ على عالم أحادي القطب، ومن هنا يبرز الخطر الصيني الذي أصبح على مسافة قريبة من الولايات المتحدة التي لم تغفل يوماً عن الزحف الصامت للتنين.
صحيح أن الفرق مازال واضحاً بين حجم الإقتصاد الأمريكي والصيني لكن الوتيرة المتسارعة التي تتقدم بها الصين في كافة المجالات باتت تقلق واشنطن خاصة وأن توقعات الخبراء تشير إلى أن تتصدر الصين العالم خلال فترة تقل عن خمس سنين.
مهلة زمنية ضيقة بالنسبة للولايات المتحدة التي لن تسمح لأي دولة في العالم أن تحتل مكانها و لذلك فهي تحتفظ بتايوان كبؤرة توتر في الجزء الشرقي من بحر الصين، والتي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها فيما تغذي واشنطن النزعة الإنفصالية للجزيرة التي تعترف بها ثلاث عشرة دولة كبلد مستقل كامل السيادة، ومع أن الولايات المتحدة ليست ضمن هذه الدول، وأعلنت إلتزامها بسياسة الصين الواحدة فإنها الأكثر دعماً لتايوان سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
هذا الدعم يؤكد أن واشنطن تسعى إلى زعزعة استقرار الصين من الجبهة التايوانية وبمجرد أن تضعف روسيا و تنتهي حرب أوكرانيا ستشعل الإدارة الامريكية جبهة الصين وتايوان، معادلة يعرفها المسؤولون الصينيون جيداً، ويستعدون ليوم كهذا ولكن يبدو أن بكين لا تقدر أهمية الحلفاء في الحروب والأزمات بعد أن انتهجت سياسة النأي بالنفس في الحرب الروسية الأوكرانية، والتي هي في الحقيقة حرب حلف الناتو وروسيا بتكتيك أمريكي، وقد نعود هنا إلى ماقاله قائد الأسطول البحري الياباني عندما جاءه ضابط يبشره بنجاح الهجوم على الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي: "أخشى ان نكون قد أيقظنا تنيناً نائماً" و كان يقصد حينها أمريكا التي أرغمها هذا الهجوم على الإنخراط في الحرب العالمية الثانية، لكن اليوم التنين الحقيقي الذي أستيقظ هو الصين.