الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تعميق مأزق حكومة نتنياهو

نشر بتاريخ: 05/02/2023 ( آخر تحديث: 05/02/2023 الساعة: 14:51 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

يسعى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لتفكيك مأزق حكومته وصواعق الانفجار التي تتراكم على عدة مستويات، السياسية والقانونية والأمنية.
نتنياهو استغل الاتصال الهاتفي الذي اجراه معه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون للتعزية بالقتلى الاسرائيليين في عملية القدس، والزيارة لفرنسا، كما استغل تجديد الدعوة الامريكية لاستئناف المفاوضات والاستمرار في توقيع اتفاق تطبيع بين اسرائيل والسودان، وزيارة وزير الخارجية الاسرائيلي ايلي كوهين للخرطوم واجتماعه مع رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان.
وفي بيان لوزارة الخارجية الاسرائيلية قال: الوزير كوهين، أن الحكومة تبني واقعًا جديدًا مع السودانيين تتحول فيها اللاءات الثلاث إلى ثلاث "نعمـ ات"، نعم للمفاوضات بين إسرائيل والسودان، نعم للاعتراف بإسرائيل ونعم للسلام بين الدول وبين الشعوب.
الهدف من الزيارة لفرنسا والخرطوم، والاعلان عنها يأتي في سياق محاولة الهرب من الوضع الداخلي الاسرائيلي المتفجر ، وصرف الانظار عن الاحتجاجات الداخلية، وتحقيق انجازات سياسية لحكومة نتنياهو الذي يركز في كل خطاباته وحديثه عن توسيع رقعة اتفاقيات التطبيع، وسعيه الحثيث لتوقيع اتفاقية تطبيع مع السعودية.
يبدو أن نتنياهو والاجهزة الامنية الاسرائيلية ترى في العلاقة مع بعض الانظمة العربية المطبعة المنقذ، ومنح حكومة نتنياهو شرعية دولية على غرار دعوة سفارة الامارات في تل ابيب للوزير الفاشي ايتمار بن غفير قبل تنصيبه وزيراً للمشاركة بالاحتفال في اليوم الوطني للامارات.
وكذلك استغلال تلك العلاقة كوسيلة للضغط على الفلسطينيين ومحاولة احتواء مقاومتهم ضد الجرائم التي ترتكبها اسرائيل يومياً، والتنكر لحقوق الفلسطينيين، وكذلك الضغط على السلطة الفلسطينية لاستئناف التنسيق الأمني، وتجنيد الأردن ومصر، وفق ما ذكرته وسائل الاعلام الاسرائيلية.
نتنياهو في مأزق ويتجه تدريجياً لتعميقه أكثر، في ظل معارضة كبيرة وتتوسع رقعة الاحتجاجات ضده وخطة إضعاف جهاز القضاء، والتغيرات الدستورية التي ستغير وجه النظام السياسي الاسرائيلي وفق المعارضة واطراف اسرائيلية وازنة.
ووجد نتنياهو والائتلاف الحاكم المشكل من احزاب يمينية متشددة وفاشية والمكبل في اتفاقيات ائتلافية من أجل تخليص تفسه من المحاكمة بتهم الفساد. في ازمة كبيرة بدأت بقرار المحكمة العليا باستبعاد الوزير وزعيم شاس درعي.
وتتوالى عناصر الأزمة والانفجار التي تتراكم تدريجيا على جميع المستويات ومنها تفجر الوضع الأمني في عملية اطلاق نار من قبل شاب مقدسي في قلب مدينة القدس.
حتى في الوضع الأمني وبحسب محللين أمنيين اسرائيليين
بأنه لا توجد بحوزة بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت وإيتمار بن غفير أدوات مختلفة عن تلك التي كانت بحوزة يائير لبيد ونفتالي بينيت (في الحكومة السابقة) من أجل إحداث ردع صباح الغد.
وبالرغم من أن الجمهور الذي انتخب الحكومة الحالية يريد أن يرى تغييرا فوريا، لكن يبدو أن هذا ليس مطروحا، والامتحان الحقيقي للحكومة سيكون في المدى البعيد.
ووفقا لما ذكره المحلل العسكري في صحيفة هارتس عاموس هرئيل، أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة وجدت نفسها في بداية أزمة أمنية خطيرة، وفي ظل تقديرات أمنية إسرائيلية حول تصعيد أمني في آذار/ مارس المقبل، بسبب تزامن حلول شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي وأنشطة المستوطنين خلاله، وأن الأجهزة الأمنية يعمل هذا العام تحت إنذار بـانقلاب الجرة، وأي حدث دراماتيكي يقود إلى اشتعال واسع مثل انتفاضة ثالثة.
وأن هذا لم يحدث حتى الآن، لأن الجمهور الفلسطيني الواسع الذي خرج إلى مواجهات في الشوارع مع إسرائيل لم ينضم إلى مئات الشبان الذين نفذوا عمليات.
على ضوء ذلك والضغط التي تمارسه الولايات المتحدة الامريكية وكذلك فرنسا وسماع نتنياهو كلام من ماكرون لم يعجب نتنياهو في الموضوع الداخلي الاسرائيلي المتعلق بالتغييرات القضائية وكذلك في الموضوع الفلسطيني والتأكيد على حل الدولتين والموقف من الحكومة وسياساتها العدوانية والاستيطانية.
وتصريحات وزير الخارجية الامريكية بلنكن، والوفود الامريكية رفيعة المستوى التي زارت إسرائيل هي للضغط على نتنياهو وحكومته الفاشية بتهدئة الاوضاع وعدم اتخاذ خطوات دراماتيكية تشعل المنطقة.
مع عدم الرهان تماماً على الموقف الامريكي والاوروبي وعدم القدرة على اتخاذ قرارات وخطوات حقيقية للضغط على إسرائيل، وما يعني تلك الجهات حسب زعمها الحفاظ على هوية إسرائيل كدولة ديمقراطية واستقرارها السياسي والاقتصادي.
محاولات نتنياهو الخروج من الأزمة مستمرة مع عدم القدرة على التنبؤ بتغيير ائتلافه الحاكم فهو طوق النجاه لتخليصه من المحاكمة. كما لا يمكن للفلسطينيين الرهان على ما يسمى المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة الامريكية ودول أوروبا، وكذلك أنظمة التطبيع العربي التي تعمل على ممارسة الضغط علي الفلسطينيين واحتواء مقاومتهم.
هي فرصة للفلسطينيين للخروج من مأزقهم وانقسامهم، والاتفاق على توحيد مؤسساتهم وتحديدها بالانتخابات ووضع خطط وطنية لمقاومة الاحتلال. وتعميق مأزق نتنياهو وإسرائيل المنشغلة بالوضع الداخلي خاصة ما تسمى المعارضة التي تعارض سياسات الحكومة الاسرائيلية في ما يتعلق بالمساس بالنظام القضائي والقانوني، ولا علاقة لمًا يجري بالسياسات العدوانية والاستيطانية والجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين. فهذا محل اجماع صهيوني يهودي على استمرار الاحتلال وتعزيز وتعميق نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني.