الكاتب:
د. سهيل الاحمد
إن العمل لأجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم، ورجائهم للضر والنفع منهم: لا يكون من عارف بهم البتة، بل جاهل بشأنهم، وجاهل بربه، فمن عرف الناس أنزلهم منازلهم، ومن عرف الله أخلص له أعماله وأقواله.. لأن من كانت الدنيا همه وإلمصلحة الذاتية مطلبه فهو مثل الأحمق يعيش ليأكل ولا يدرك مآلات الأفعال، ومن كانت الآخرة مطلبه وإعمار الحياة منهجه. فهو مثل العاقل يأكل ليعيش ويعمل بغية قبول عمله. وهو لا ينسى في كل ذلك إن المؤمن يعيش ليعبد الله تعالى. ومن المشكلات التي يجب التنبه إليها. وقوع النفس في التكبر والغرور ومن أعظم ذلك: التمادي في الذنوب على رجاء العفو من غير ندامة، وتوقع القرب من الله تعالى بغير طاعة. وانتظار زرع الجنة ببذر النار، وطلب دار المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير عمل، ومع كل ذلك يحسب الإنسان نفسه أنه يحسن عملا. وهنا ينصح أحد الصالحين غيره ليذكرهم بما يجب عليهم لإصلاح قلوبهم وتصرفاتهم فيقول: فساد القلوب متولد من ستة أشياء، أولها: يذنبون برجاء التوبة، ويتعلمون العلم ولا يعملون به، وإذا عملوا لا يخلصون، ويأكلون رزق الله ولا يشكرون، ولا يرضون بقسمة الله، ويدفنون موتاهم ولا يعتبرون. وهذا حتى لا يظن الناس أن الأمانة مسألة وقت ليصل إلى مصالحه . ليحاول جاهداً تضليل غيره من خلال العمل على غبنهم والتغرير بهم. وهو قد ينسى أن تضييع الأمانة من علامات الساعة وانه إذا أخذ ما ليس له بحق فقد ظلم نفسه قبل أن يأتي على فعل محظور لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ (إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ قالَ: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إذا أُسْنِدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ). وهنا يعلم أنه يشاركنا هوى النفس في تقرير موقف..ليسأل العقلاء هل كلنا إنْ رمت الدواﺀَ طبيبُ؟. بل ويخبرنا بحقيقة مفادها... أن كل الخلق يظن في قراره وقضائه أنه عادل ورهيبُ. ثم لا ينسى كيف أن صواب العلم لا يقبل رأي الجهل. حتى يظن أنه يفتي دائمًا برأيه ويصيبُ.. ولو أراد من وافق الهوى معرفة اختصاصه.. ما أدى إلى أن يقرر في المسائل من هو جاهل وكذوب.. بل يطلب منا أن نرفق بالنفس وأن نجعل لغة العقل تجنبنا غلو الأهواء في الأحكام قبل أن نشيب. فلنخش الله تعالى ونحسن الظن به. ولن يخيب الله سبحانه أمل آمل ولا يضيع عمل عامل قد أقبل عليه فخشيه بالغيب. لأن الخشية أن تخشى الله تعالى حتى تحول بينك وبين المعاصي ومخالفة أوامره وارتكاب نواهيه. وهذه الخشية من قبيل طاعة الله تعالى، فمن أطاع الله فقد خشيه..