الإثنين: 13/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

رداً على مقال رون بن يشاي الذي نشرته صحيفة يديعوت بعنوان "رعب حقيقي" بعد الإنقلاب القضائي

نشر بتاريخ: 22/02/2023 ( آخر تحديث: 22/02/2023 الساعة: 21:40 )

الكاتب:

مصطفى عبدالهادي


انه المقال الأصدق في توصيف الواقع الجيوسياسي الهجين الذي انتجته الأنتخابات الإسرائيلية الأخيرة وأتى بسموترتش وبن غافير. انه الواقع "المخطط" الذي يعني ضمناً أن الدولة الفلسطينية (الإمارة) هي في قطاع غزة وأن للفلسطينيين في الضفة الفلسطينية ثلاث خياراتٍ لا رابع لهما: الأول ان يموتوا ذلاً تحت حكم الأسياد المستوطنين كعبيدٍ لا حقوق لهم. والثاني أن يموتوا قهراً باجبارهم على الهجرة وترك اوطانهم للمستوطنين كلاجئين يْذلوا في طوابير الحصول على الإقامة أو الإعانة. وأما الخيار الأخير أن يموتوا برصاص جيش الأحتلال وزعران التلال من المستوطنين إن حاولوا المقاومة.. انها خطة الموت للفلسطينيين لا شيئ فيها سوى الموت من وجهة نظر سموترتش ومن يؤيده بالسرِ أو بالعلن دون أي مواربة أو تجميل .. انه الجهل والوقاحة أن يعتقد أحدهم قدرته على التفرد بالفلسطينيين وسلبهم وطنهم وأرواحهم وكرامتهم مرة واحدة مسقطاً من حساباته خيارات الطرف المقابل وقوته وقدراته ومتغافلاً عن عواقب سلوكه الإجرامي.. انه حلم مراهق تحركه نزواته وغرائزه الحيوانية دون ادراكٍ لحجم وقوة رد الفعل الفلسطيني سواء بالضفة الفلسطينية أو بقطاع غزة وحتى فلسطينيي الداخل ويسقط ايضاً من المعادلة ردات فعل الجماهير العربية والغليان القادر على اجبار الأنظمة الحاكمة على اتخاذ مواقف اكثر تشددً فيما يخص مسيرة التطبيع "التطويع"مع الإحتلال وإعادة النظر بالإتفاقيات الموقعة معه.. وهي كفيلة بأن تجبر الموقف الدولي وتحديداً الأمريكي للضغط على اسرائيل ضغطاً حقيقياً لا صورياً لتفادي هذا السيناريو الشرق أوسطي المخيف وللتراجع عن هذا المخطط.

إن السؤال البديهي الذي يتبادر الى ذهني هو هل تستطيع اسرائيل تحمل هذه التكلفة السياسية ؟ قطعاً لا تستطيع . إن الرعب الحقيقي هو الرعب الذي سيصيب الإسرائيليين عندما ينقشع غبار هذه المغامرة ويبدأوا بإحصاء خساراتهم وما سَتُنتج بالضرورة ظرفاً سياسياً قاهراً يجبرها للجلوس على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين الذين اعتقد سموترتش انه كان قادراً على سحقهم، ومع اشِقاءْ فلسطين وعِزوتها من الدول العربية.

اسرائيل من جانبها ستحاول كسب الوقت والعمل اعادة ترتيب وضعها الداخلي وترميم صورتها على الساحة الدولية ومحاولة اعادة سيناريو افشال المفاوضات والصاق تهمة فشلها على الجانب الفلسطيني طمعاً باستعادة التعاطف العالمي معها . وأما بالنسبة لفلسطين فإن افشال المخطط واجبار اسرائيل على التراجع والجلوس على طاولة المفاوضات يعتبر انجازاً وانتصاراً على النهج العنصري الاسرائيلي الذي آمن بقدرته على فرض الحل بالعصا والرصاص …

وفي نهاية الأمر ستدرك القيادة الاسرائيلية والنخب المجتمعية هناك أن مسلسل الإنهيار قد ابتدء وأن الرعب الحقيقي يتمثل بظهور خيارات ثلاث للأسرائيليين : أولهم تقبل الخسارة والرضوخ للتدخل الدولي والجلوس على طاولة المفاوضات والخيار الثاني التراجع بصمت والإنسحاب من الضفة الفلسطينية كأجراء أحادي ومحاولة الحفاظ على ما احتلته اسرائيل منذ العام 1948 . والخيار الثالث أن تتمسك بالعناد والظهور بمظهر القوي الذي لا ينكسر بالرغم من كل مظاهر الوَهن وتزيد من وتيرة الخلاف مع امريكا والغرب الأمر الذي سيقود الى النهاية الحتمية لهذا الإحتلال .. هكذا هي الحقيقة التي لا خداع فيها . الحقيقة التي توفر الكثير من الوقت والكثير من الألم إن اختارت اسرائيل السلام بديلاً عن القتل والموت .