الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

قنابل صوت وسط تل أبيب.. يوم أسود على الفاشية وصيحة فجر لليبرالية!!.

نشر بتاريخ: 02/03/2023 ( آخر تحديث: 02/03/2023 الساعة: 10:14 )

الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة

كان يوم أمس الأربعاء؛ الأول من مارس، يوما ثقيلا على دولة الاحتلال، فقد شهدت المدن الإسرائيلية احتجاجات وتظاهرات وصلت إلى حد الاشتباك مع الشرطة؛ التي حاولت عبثا منعهم من التظاهر ضد نتنياهو وحكومته وخططه بالسيطرة على القضاء تحت مسمى "الإصلاحات القضائية" وذلك بهدف تأمين نفسه وعائلته من العزل والمساءلة القانونية في ملفات الفساد المتهم بها والتي نهاية طريقها القانوني السجن الحتمي له. كرة اللهب تدحرجت بوتيرة متسارعة بين الاقطاب الثلاثة (ائتلاف اليمين والمعارضة والمجتمع المدني بكل مكوناته) المتصارعة في الحلبة السياسة في إسرائيل بصورة غير متوقعة ،ولأول مرة منذ بداية الاحتجاجات قبل أكثر من شهرين ضد التعديلات القضائية استخدمت الشرطة الإسرائيلية الهراوات وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بهدف تفريق المتظاهرين واعتقلت عدد منهم بطريقة عنيفة جدا لم تشهدها إسرائيل وذلك تنفيذا لتعليمات وزير الأمن القومي الفاشي إيتمار بن غفير الذي اعطى تعليمات بقمع الاحتجاجات في خطوة غير ذكية منه وتنم عن غباء شديد لهذا الفاشي المعتوه الذي لا يعرف في حياته إلا إثارة العنف والفوضى؛ تارة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وتارة أخرى في تل أبيب ضد المحتجين اليهود، واي محتجين؛ إنهم من أساتذة الجامعات وطلابهم، ومن عمال الهايتك الذين يضخون ملايين الدولارات على خزينة الدولة ومن اقتصاديين وسياسيين وحتى من عسكريين وقادة امنيين أمثال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق، يوفال ديسكن الذي حذر من "حرب أهلية" وانقسام في إسرائيل ستؤدي حتما إلى تفكك المجتمع وبالتالي انهيار الدولة. لم يأتي التحذير من الحرب الأهلية فقط من ديسكن؛ بل أتى ممن كان رأس الهرم في الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، وهو الآن زعيم "معسكر الدولة" واحد اقطاب المعارضة والذي كان يوما شريك نتنياهو في الائتلاف الحكومي حيث قال في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إن "الحرب الأهلية قادمة، متى نتوقف؟ عندما يراق الدم". الصفعة الكبرى لنتنياهو جاءته من زعيم المعارضة يائير لبيد الذي اتهمه نتنياهو بأنه "يولد حالة من الفوضى في محاولة لإسقاط الحكومة" ورد عليه لبيد في تغريدة له عبر تويتر: "نتنياهو الفوضى الوحيدة التي تتولد هي من قبل الحكومة التي فقدت السيطرة عليها. بيبي، كل من يسمح لوزير الأمن القومي باللعب بالمتفجرات يعرف أن الأمر سينتهي بانفجار".

لا شك أن نتنياهو وشركائه من اليمين الصهيوني والديني المتطرف أصبحوا في وضع لا يحسدوا عليه ووضعوا أنفسهم في ورطة، بل ربما وضعوا دولتهم في أزمة لن تخرج منها إلا باختفاء هذا الائتلاف الفاشي عن المشهد وعودة الأحزاب الليبرالية والديمقراطية كما كانت ايام رابين قبل مقتله من شركاء نتنياهو الحاليين وبتحريض شخصي منه. نعم وبالتأكيد فإن نتنياهو أصبح الآن محاصر وفي ورطة وفي حيرة هل يستمر في إصلاحاته القضائية التي ستنقذ رأسه وتهدم الدولة أم سينقذ الدولة ويذهب للسجن؟!! هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة، ولكن يمكننا استشراف المستقبل من خلال تحليل خطاب نتنياهو الذي جاء ردا على المتظاهرين الذين كانوا يغلقون طريقا سريعا في تل أبيب، فقد كان خطابه مرتبكا ولم يجيب على أسئلة مهمة يحتاج جمهوره ليعرف اجاباتها، وبدلا من ذلك كال الاتهامات لمعارضيه بأنهم يبحثون عن "الفوضى" لإسقاط حكومته وأن لبيد يريد خلق أزمة حكومية دستورية لأنه من خلال ذلك ينوي الوصول إلى انتخابات جديدة. وبدلا من ان يستمع نتنياهو للاحتجاجات والأصوات العالية في الشوارع الإسرائيلية ،استمر في غيه، وذهب للكنيسيت ليصادق بالقراءة التمهيدية الأولى على مشروع قانون يمنع عزله، وهذه إشارة منه إنه ماضي في طريقه ولن يستسلم، لذلك فإن الأيام القادمة ستكون مليئة بالأحداث وستشهد الساحة السياسية في إسرائيل مزيدًا من التطورات والاضطرابات وربما يحاول نتنياهو وحكومته تصدير ازمته الداخلية للخارج عبر توجيه ضربة لإيران او أحد حلفاءها في المنطقة بهدف إخراس المعارضين بطريقة غير مباشرة، لأنه لا يمكن للمعارضة ان تقوم بتظاهرات بينما هناك اشتباك خارجي تخوضه دولتهم، حتى لو جن جنون نتنياهو وذهب لتصعيد أمني فهو سيزيد من تبلور الحالة الاسرائيلية الجديدة، وهو قد يكسب مزيدا من الوقت لكنه بالتأكيد سيخسر دولة إسرائيل اليهودية الديمقراطية.

في كلتا الحالتين، سواء استمر الحراك والاحتجاجات ضد نتنياهو او صدّر نتنياهو أزمته للخارج، فإن نتنياهو وحكومته هما الخاسرين لأن الناس فهمته ولم تعد تصدق اكاذيبه التي كان يروجها طوال سنوات حكمه، وبات زمنه وزمن اليمين المتطرف والفاشي في ساعاته الأخيرة وبدأ فجر اليسار والوسط بالبزوغ ايذانا بعهد جديد في إسرائيل.

ملاحظة: تصريحات الوزير الفاشي الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش التي دعا فيها إلى "محو" بلدة حوارة الفلسطينية يتطلب من الرسمية الفلسطينية الذهاب للمحكمة الجنائية الدولية فوراً لمحاكمة هذا الإرهابي بتهمة الدعوة لارتكاب مجازر بحق الشعب الفلسطيني، والانتظار عليه سيكون عار وتخاذل عن أداء الواجب".

تنويه خاص: دعوة السيد محمد دحلان للتفكير بحل الدولة الواحدة يحتاج للكثير الكثير من التفكير الاستراتيجي وأيضا يحتاج مناخ سياسي أفضل بكثير مما هو قائم الان، دعونا نتوحد أولا ثم نفكر!!.