منذ ربع قرن ونحن نراهن على التغييرات التي تحدث في الجبهة الداخلية الإسرائيلية ، وهذا خطأ استراتيجي قاتل . حيث وفي ذروة اهتمامنا بالتغيرات في داخل إسرائيل نسينا جبهتنا الداخلية .
ونسينا ما تفعله الأيام بشعب محاصر ومعذّب تحت الاحتلال من جهة ، ومن جهة ثانية ما فعله الانقسام وسوء الأداء ووقف الحياة الديموقراطية وسلب شرعية السلطات والتسلط واستبدال الكفاءات بالولاءات . حتى اصبحنا شعبا مناضلا وصلبا من جهة ، وفي نفس الوقت شعب مقهور وفاقد للأمل بالإصلاحات الداخلية من جهة أخرى .
نتابع بسعادة ضعف الجبهة الداخلية الإسرائيلية وشبح الانقسام والحرب الاهلية يحوم فوق رؤوسهم . وننسى للحظة اننا شعب بلا برلمان وبلا انتخابات وبلا مصالحة وبلا رقابة سياسية ولا مالية ولا ادارية ، وان كل " أبو فلان" يعمل على انشاء مملكة لوحده على منطقته او على حفنة المال التي يحكمها !!على طريقة سارحة والرب راعيها .
قبل نحو عامين غادرنا صائب عريقات رحمه الله وهو يصرخ على كل الشاشات ( نحن سلطة بلا سلطة وهم احتلال بلا كلفة ) . وقد ان الأوان ان نلتفت الى ذواتنا قبل ان نراهن على انقلاب الجبهة الداخلية الإسرائيلية على نفسها .وان نشعر مرة واحدة اننا سلطة لنا سلطة وان الاحتلال يدفع كلفة احتلاله لنا .
منذ ربع قرن وبعض المستشارين عند الرئيس يقنعونه ( وهو يقتنع بسهولة ) أن المجتمع الإسرائيلي سوف يتغير لصالح القضية الفلسطينية ، ولكننا لم نحصل سوى على مجتمع فاشي عنصري حاقد لا امل فيه .
امام القيادات الفلسطينية كلها ومن جميع التنظيمات وعلى رأيها فتح وحماس ، معركة اجبارية تجاه الجهاد الأكبر وبناء الذات . وامّا ان تحققها وامّا ان تغادر بصمت وهدوء وتترك المجال لمن هو أفضل منها وأقدر منها :
وقف الانقلاب القضائي الذي وقع في فلسطين قبل نحو عشرين عاما وإعادة الهيبة للمحاكم المدنية ورد الاعتبار للمحكمة العليا بموافقة واذن البرلمان الجديد . وان يكون القانون على الجميع وفي جميع المناطق من رفح وحتى جنين .
إعادة تشكيل برلمان يمثل الشعب . فمن غير المعقول حلّ البرلمان وعدم انتخاب بديلا عنه ويمر الامر مرورا صامتا وسهلا . فالناس تقرر من تنتخب وليست التنظيمات تنتخب نفسها وتفوز لوحدها كل مرة .
عدالة التوزيع هي الحل الأمثل والانجح في مواجهة الفقر والأزمات الاقتصادية . من دون عدالة توزيع يصبح المجتمع عبارة عن طرفين ( فاسد – ومظلوم ) .
وأخيرا احترام عامل الوقت ، لأن الوقت المحدد هو مفتاح الحل لكل الازمات . فكل برلمان له مدة صلاحية لا تزيد عن اربع سنوات ، وكل حكومة يجب ان تستمد شرعيتها من البرلمان وليس من الصحفيين العاملين لديها . وعلى كل رئيس ان يعلم انه تم انتخابه لأربع سنوات فقط وهو ليس استثناء . واذا كان الرئيس المنتخب من منظمة التحرير فان هذا لا يشفع له أن يمد في حكمه يوم واحد بعد السنوات الأربع ، واذا كان إسلامويا فان حركته الإسلامية لن تستطيع ان تمد في حكمه يوما واحدا والا يكون قد سلب الحكم عنوة .
اشاهد كل يوم سعادتنا ونحن ننظر الى المجتمع الإسرائيلي وهو يتحطّم .
ولكنني اشاهد كل يوم تعاستنا ونحن لا نشاهد نفس عوامل التحطم قد اصابتنا قبل ان تصيبهم .