الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة
للأسبوع التاسع على التوالي تعيش دولة الاحتلال مشهداً تاريخياً غير مسبوق، ويعيش رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أزمة حادة، لم يواجهها أبدا طوال حياته السياسية الطويلة، حيث تتواصل التظاهرات والاحتجاجات ضد محاولات نتنياهو وحلفاءه من اليمين الفاشي الانقلاب على القضاء، وشهد مساء السبت أول الأمس أكبر تظاهرات حتى الآن منذ انطلاق الاحتجاجات، حيث تظاهر حوالي ربع مليون إسرائيلي في جميع المدن، وأعلن منظمو الاحتجاجات أن الخميس المقبل سيكون "يوم مقاومة الدكتاتورية". واللافت في هذه التظاهرات والاحتجاجات مشاركة رؤساء أجهزة وضباط كبار في المنظومة الأمنية والعسكرية، إضافة لقطاعات مختلفة من تشكيلات الجيش وسلاحه الجوي والقضاة والمحامين ورجال الصناعات وأحزاب المعارضة المختلفة، كما أنه من اللافت ايضاً في هذه التظاهرات التعبيرات المستخدمة فيه وفي وصفه، مثل: "الحرب الاهلية"، و "الفوضويين" و "الإرهابيين" و "الدكتاتورية".
ولكن الأخطر في هذه التظاهرات هو دخول مؤسسة الامن على الخط، وتهديد بعض ضباط وجنود في الاحتياط برفض أداء خدمتهم العسكرية، حيث أعلن 37 طيارا احتياطياً يشكلون غالبية أحد الأسراب المقاتلة المهمة، أنهم لن يشاركوا في تدريبات مقررة الأربعاء المقبل، وذلك رفضاً للانقلاب القضائي الذي تجريه حكومة نتنياهو، وكتبوا عريضة قالوا فيها: قالوا فيها "إنَّ خدمتهم العسكرية تتطلب التطابق الكامل مع قيم الدولة وحرية الفكر من دون خوف، هذه أمور بالتأكيد ستختفي إذا أصبحنا دولة ديكتاتورية"، الامر الذي استدعى تدخل رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وتحدث مباشرة مع وزير الدفاع يؤاف جالانت ومع نتنياهو وحذرهما من ان استمرار ظاهرة رفض الخدمة العسكرية هي أمر خطير وقد تضر بالكفاءة العملياتية للجيش الإسرائيلي، مما حدا بوزير الدفاع جالانت بمطالبته المعارضة والائتلاف بضرورة البدء بحوار سياسي بناء لحل الازمة وذلك خوفاً على مستقبل الدولة.
ما كان لرئيس الأركان أن يتحدث علناً في أمور سياسية، خاصة وأنه يحضر على الجيش التدخل في السياسة أو التحدث فيها، لولا أن الموقف خطير جداً وأصبح يمثل تهديد على دولة الاحتلال، بل أكثر من ذلك، أن تحالف نتنياهو أصبح يمثل خطرا على المشاريع الامريكية في المنطقة لذلك تداعت الولايات المتحدة إلى إسرائيل وتحدثت مع كل الأطراف من معارضة وائتلاف لضرورة تهدئة الموقف ولو بثمن تفكيك الحكومة والذهاب لانتخابات جديدة.
ما يحدث داخل دولة الاحتلال من جدل سياسي حاد انتقل الى خارجها ليصل اليهود في جميع انحاء العالم وخاصة "يهود بريطانيا وأمريكا" الذين يرفضون ما يقوم به نتنياهو من انقلاب على "الدولة الديمقراطية" لصالح "دولة الهلاخاة" أي دولة الشريعة، وهذا بالتأكيد سيؤثر سلباً على الدعم الكبير يقدموه لهذه الدولة، سواء دعم سياسي أم اقتصادي.
الأيام القادمة مهمة جدا، إما ان تنهار حكومة الائتلاف الفاشي وإما نتنياهو يرفض كل الوساطات ويستمر في مشروعه لإنقاذ رقبته من السجن وهذا هو المتوقع، وعندها الأمور ستذهب لمزيد من التعقيد وقد نشهد حدثا غير اعتيادي في دولة الاحتلال وهو إجبار هذه الحكومة الفاشية على الاستقالة من قبل المؤسسة الأمنية وهو ما سوف يعتبر انقلاباً لم تشهده دولة الاحتلال من قبل.
ملاحظة: جيد ان استجاب رئيس الوزراء محمد اشتية لبعض من مطالب المعلمين المضربين بصرف علاوة لهم بنسبة 5% وبنفس النسبة للمهندسين والعاملين بالمهن الطبية، وياريت يستجيب لبعض مطالب المتقاعدين قسرا في قطاع غزة الذين ظلمتهم الحكومة وسرقت مدخراتهم وجعلتهم متسولين بعد ان كان مستورين.