الكاتب:
الكاتب:د محمد عودة
الحق في التعليم أساسي كفلته كل الشرائع والقوانين، أما الاضراب فهو أيضاً حق غير قابل للتصرف كفلته القوانين وإن كان هناك قصور في بعض الجوانب القانونية فإن التشريعات الفلسطينية أعطت الموظفين سواء في القطاع العام أو الخاص ووضعت ضوابط صحيح أنها غير كافية إلا أن الأخذ بروحها يكفي مؤقتاً مع الإصرار على أن يتم الضغط على المشرعين لوضع اللوائح الناظمة للمطالبة بالحقوق. وإلى ذلك الحين لابد من وجود قيود ناظمة تضمن عدم تعسف أي من الطرفين (الموظف والمشغل) ضد الطرف الآخر وبالتالي ضد المجتمع برمته.
إن ممارسة الحق في الاضراب تؤثر سلباً على تقديم الخدمات عبر تقليص عدد المواطنين المستفيدين من الخدمة التي هي أصلا غير كافية في الظروف العادية؛ لابد من الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة للمواطنين والمعروف أنه عند تعارض المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة يتم تغليب العامة بهدف الحفاظ على أمن واستقرار الدولة.
لقد شهدت المرافق العامة في كل من الضفة وقطاع غزة بعد انشاء السلطة الوطنية العديد من الإضرابات الأمر الذي يجب ان يدفع المشرع وكضرورة ملحة لتقنين أحكام الاضراب وصياغة لوائح خاصة لتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها -في حال تم تجاوز القانون - ووضع الضوابط والقيود اللازمة، بما في ذلك جزائيات تأديبية في حالة الضرورة إلى حين وضع كل ما سلف من لوائح ونظم سنحتكم للقوانين المقرة والمعدلة والتي نورد منها ما يلي: -
(المادة 67) من قانون العمل رقم (7) لعام 2000، عن شروط الاضراب والتي تمثلت في: -
يجب أن يصدر تنبيه من الجهة التي ترغب بممارسة الاضراب إلى الجهات المختصة قبل 4 أسابيع في المرافق العامة.
وجوب أن يكون التنبيه مكتوباً وموقعاً من (51%) من العاملين في المنشأة الراغبة في الاضراب.
منع الاضراب أثناء إجراءات النظر في النزاع الجماعي.
ينشا عن عرض النزاع أمام الجهات المختصة ووجوب وقف الاضراب
يحظر ممارسة الإضراب على: -
موظفي القطاع الصحي، ماعدا الإداريين منهم.
موظفي الرئاسة.
موظفي مجلس الوزراء.
موظفي السلك الدبلوماسي.
موظفي الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
القضاة وأعضاء النيابة العامة.
انطلاقاً من كل ما سلف أرى اننا جميعا ملزمين للعمل بروح القانون خاصة المواد السالف ذكرها واعتماد المنطق من أجل ممارسة الموظف العمومي لحقه في الاضراب بما لا يضر بالمصالح الوطنية العليا (بحيث يكون الاضراب ضد المشغل وليس ضد متلقي الخدمة).
انني أقف بشكل مطلق في خندق الدفاع عن حق الموظفين في ممارسة حقهم في الاضراب لتحصيل حقوقهم المتوجبة على الحكومة، وفي نفس الوقت أقول وبصوت عالي انه لا يجوز اتخاذ أي اجراء يصادر حقوق الغير من اجل ان احصل على حقوقي. حيث لا يجوز حرمان شريحة عريضة من المجتمع من حقها في التعلم والتعليم واو الطبابة والمعرفة. كما ان أخذ المجتمع رهينة من أجل تحقيق مطالب هي أصلا شرعية وغير قابلة للنقاش مرفوض.
إن اضراب المعلمين بشكله الحالي يقدم من غير قصد خدمة جليلة للعد عبر اختطاف مستقبل البلد من خلال تجهيل جيل بأكمله.
اعتقد أن على القائمين على الاضراب تحكيم العقل والمنطق وأن يبحثوا عن وسائل ضغط أخرى على الحكومة لتحقيق مطالبهم غير تعطيل التدريس والطبابة ومهن أخرى كما أن عليهم أن يراعوا الظروف التي يمر بها الوطن دون التنازل عن حقوقهم قيد انملة.
هل من الممكن التعلم من الأعداء؟ إن المطالبة بالحقوق القانونية من خلال الاضرابات والاحتجاجات في الكيان الصهيوني تجري بشكل لا يسلب حقوق بقية المجتمع كان تتم الاعتصامات بعد ساعات العمل ولمدة محددة فهل يستطيع القائمون على اضراب المعلمين والعاملين في القطاع الصحي من البحث عن وسائل خلاقة لا تؤذي المجتمع وتكفل حق المجتمع وحق المضربين؟
فيما يخص القطاع الصحي فإن المادة الرابعة واضحة وضوح الشمس ففهي تمنع اضراب القطاع الصحي باستثناء الإداريين، فهل تستطيع النقابات العاملة في القطاع الصحي ابتكار طرق خلاقة لا تؤثر على صحة المواطن وفي الوقت نفسه تكفل حقوق العاملين في القطاع الصحي بكل تخصصاتهم.
من خلال هذه المحاولة استصرخ ضمائر الطواقم الصحية بأن يعالجوا أبنائهم وأبناء شعبهم أثناء الاضراب بهمة أعلى أثناء الاضراب، سطروا ملحمة وطنية عبر زيادة انتاجكم الإنساني حيث الكثيرين منكم عملوا أثناء الانتفاضة الأولى في مغائر جبال فلسطين في ظروف صعبة ومعقدة وبلا اجور. كونوا أنتم ابطال المرحلة الحالية كما كنتم حينذاك دون أي تفريط في حقوقكم.
أما أنتم صناع المستقبل ومربي الأجيال فقد عملتم بنظام التعليم الشعبي في الاحياء والبيوت لتجاوز إجراءات الاحتلال في الانتفاضتين الأولى والثانية وافشلتم خططه في التجهيل، عودوا كما كنتم طالبوا بحقوقكم دون اختطاف مستقبل ابنائكم.
أخيرا حقوق الموظفين مقدسة وغير قابلة للتصرف وأمن واستقرار البلد أكثر قدسية