الكاتب: نافذ الرفاعي
قررت بالأمس إعادة قراءة الأرض اليباب أو الأرض الخراب للكاتب والفيلسوف ت.إس.إليوت.
وكنت أول مرة درستها في الجامعة على يد بروفسورة راهبة فرانسيسكانية أمريكية تحمل عدة درجات من الدكتوراه في الأدب وهي دمثة جدا في مساق للأدب الإنجليزي المعاصر.
وهذه القصيدة التي فيها مذهب الغرابة والتي جاءت بعد الحرب العالمية الأولى ،تُعبر عن خيبة أمل جيل ما بعد الحرب العالمية الأولى وقرفِهِ أو تَقزٌزه، وتصور عالماً مثقّلاً بالمخاوف والذّعر والشهوات العقيمة، فيها نبوءة وسخرية.
تشير الى ان الخراب ما بعد الحرب ينتشر ولم تكن الحروب طريقا للبناء حتى ما بعدها .
وأنا أقرأ في القصيدة أحذف منها بعض ما يتصل بأوروبا من شعراء وبدل دانتي أضع رهين المحبسين ابو العلاء المعري ، وحتى الأدب العربي المعاصر استبدلهم بالعقاد وطه حسين واعبر مرورا الى إمبراطوريات الشعراء الحداثيين والتي انهارت قبل قدوم الربيع العربي وأضحت يبابا من الفلاسفة والمفكرين والأدباء والشعراء.
لم يختف هؤلاء من العالم العربي بل غابوا عن المشهد التاريخي تأثيرا وحضورا وفعلا.
كان الحدث جللا خطف من التفسيرات المشابهة لأرض اليباب ذات أساطير من الاسرائيليات والتي ما زالت تعبث بتفسير قصص القرآن الكريم . وترويج المتأسرلين للهزيمة واستسلام المحدثين.
كان انهيار الأحلام الكبرى للانطلاق نحو المستقبل، اختطاف الربيع العربي ونشر الخراب والإحباط وروح العهن والاستسلام للفساد المستشري في طبقات الساسة والأحزاب والحركات الاجتماعية والثورات الخائبة.
ارض الخراب يستحضرني فنان عندما قرر انشاء مقهى يسميه "مقهى الخراب" على جانب جدار العزل العنصري ، ترسم حلمك الخارب، على مساحة من جدران المقهى او على قطعة قماش ورقة ما، جرة مكسورة،
ولك حرية الاختيار وإذا نالت إعجاب الرواد يعلقها في المكان المقترح، كنا مندفعين في الشرح والتوضيح نتبادل الأفكار المجنونة ، أرض الضياع والخوف وعنوان للمعرض الدائم " سأريك الخوف في قبضة من غبار" كما أنشدها إليوت.
الذعر من القادم وتهدم الطموحات وأحلام النصر والحرية، أمامك هذا الجدار الوحش الإسمنتي بكل أبعاده،
كانت الفكرة تكبر والتعليقات على الحال العربي والفلسطيني وغياب الأدب وتكسر أوزان الشعر تحت مطرقة التحبيط .
صرخ أحد الثمالى: يا قوم لن تصلحوا هذا الحال باشعاركم أو رسوماتكم.
أجبناه :ليكن ، محاولة كما الضياع .