الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تراكمات المرحلة الراهنة فاقت توقعات الحكومات ، وقد دخل الصراع مرحلة جديدة من " تشابك الساحات " ببعضها . فلا يستطيع أي طرف ان يقرر لوحده ولا أن ينجو بمفرده . وقد ساهم وجود متطرفين وارهابيين يهود في حكومة نتانياهو ، ساهم في تسريع التفاعلات وتشكيل الوعي نحو مواجهات أشمل وأقوى وأسرع .
تعيش حكومة نتانياهو قلقا شديدا . وفي المائة يوم الأولى لوجودها أحرقت الجسور مع مكونات المؤسسة في داخل الكيان ، واحرقت الجسور مع السلطة الفلسطينية ومع العواصم العربية . وصولا الى تدهور العلاقة بشكل غير مسبوق مع الإدارة الامريكية والبيت الأبيض .
نتانياهو يحتاج هذه الحرب للتخلص من فواتير الصراع الداخلي والتظاهرات وفقدان شرعية حكومته امام الجمهور الناخب وامام المؤسسات العسكرية والأمنية . والفلسطينيون يحتاجون لهذه الحرب للدفاع عن انفسهم وعن أولادهم وعن مقدساتهم ، ولوضع حد لأطماع التهويد ولوقف العدوان على جنين ونابلس وعلى كل الأرض المحتلة . اما محور المقاومة فهو جاهز لهذه الحرب من أجل إعادة توزيع الأدوار وتثبيت دوره كصاحب قرار في كل قضايا الإقليم .
هناك عقبة واحدة ولكنها كبيرة لدرجة منع الحرب ، وهي ان قيادة التصعيد هذه المرة هي قيادة شعبية وليست رسمية . فالمؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية لا تريد الحرب رغم جنون اليمين والمتطرفين ورغم سقوط قتلى إسرائيليين . والسلطة الفلسطينية لا تريد الحرب رغم القتال المتواصل في الشوارع ورغم العدوان الذي لم يسبق له مثيل . والدول العربية تتوسط وتفعل المستحيل لمنع الحرب رغم اطلاق الصواريخ من لبنان وسوريا . وحركة حماس في غزة لا تريد الحرب رغم حماسة الجهاد الإسلامي وأذرع المقاومة . والإدارة الامريكية تمنع نتانياهو من خوض حرب .
وقد اعتادت المنطقة منذ سبعين عاما وأكثر على ان قرار الحرب هو قرار رسمي وليس قرار شعبي .. وحين تقرر الدول خوض الحروب لن تعجز عن اختلاق الأسباب . وحين تقرر عدم خوض الحروب فإنها لا ترى الدماء التي تسيل في الشوارع وتنسى العمليات واطلاق الصواريخ .