نشر بتاريخ: 16/04/2023 ( آخر تحديث: 16/04/2023 الساعة: 17:58 )
الكاتب:
د. فؤاد سليمان صبح
كأيِّ متابعِ مطلع تراودني نفسي للتعبير أننا على أعتاب ميلاد خطابٍ عربي جديد يلبي الحد الأدنى من تطلعات الشعوب العربية تجاه القضية الفلسطينية يأتي كنتيجة لحالة التشكُّل الجديدة لدول المنطقة الذي بدأته السعودية وتسعى فيه لإيجاد حالةٍ من التوازن الإقليمي والتخلص من السيطرة الأمريكية وما كانت تمارسه من الغطرسة والاستفراد.
والسؤال هنا ما الجديد الذي يُبشرُ به هذا التموضُع الإقليمي الجديد للقضية الفلسطينية؟
تبدأ الإجابة من الخطوة الأولى التي بدأتها الدبلوماسية السعودية الساعية إلى التقارب من إيران لينتهي بذلك مسلسل التخويف الذي مارسته الولايات المتحدة وإسرائيل على دول الخليج من أجل إشراكها ضمن تحالف إقليمي ضد إيران الذي كانت نتيجته في المقابل استفراد أمريكي إسرائيلي بالقضية الفلسطينية، وإشغال النظم السياسية بهذا العدو المصطنع وبقضايا أخرى تُختلقُ هنا وهناك بهدف التشتيت وزيادة الهوة بين النظم العربية الرسمية والقضية الفلسطينية.
ومع ميلاد هذه الأقطاب الجديدة يُولدُ التوازن في التعاطي الإقليمي مع قضايا المنطقة عموما والقضية الفلسطينية خصوصا بعد زلزال القناعات الذي ضرب بعض الدول العربية بهذه القضية سواء بالتطبيع أو المهادنة.
وكيفما اتفق إن التبعات التي أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانيا على الساحة الدولية وتنامي الدور الصيني في المنطقة والاتفاق السعودي الإيراني، وعودة العلاقات العربية مع سوريا، وما عكسه وسيعكسه ذلك على العالم والمنطقة العربية تحديدا يمثل إرهاصات إيجابية ورياح ردة تعصف بالقطب الواحد ويصبُ في صالح القضية الفلسطينية التي ستشهد واقعا جديدا متعدد الأقطاب تُطوى فيه صفحة الغياب وتراجع الدور العربي على أم القضايا العربية.
وفي هذا الإطار يبرز سؤالٌ آخر هل ستكون قمة الرياض المزمع عقدها في التاسع عشر من أيار القادم بداية التأسيس لهذا الخطاب العربي الذي سيعيد القضية الفلسطينية إلى حيز الوجود والحاضنة العربية بعد حالة التشرذم التي شهدها وطننا العربي؟
وما هي معالم هذا الخطاب الذي ننتظره من كل هذا المخاض؟
نأمل كفلسطينيين من كل ما سبق أن تحظى قضيتنا العادلة بخطابٍ عربي يبعث الرصيد الغائب والغاضب من الانتماء في الأمة العربية التي لن تكتسب وجودها إلا بوجود هذا الجزء المقهور من الشعب العربي ويعيده إلى كنف الوئام الجماعي، خطاب يصل إلى حالة من الانعتاق من السيطرة الأمريكية الصهيونية ويتخلص من براثن الانكسار والشعور بالهزيمة أمام الاحتلال وممارساته، خطاب يعيدُ إنتاجَ الحقيقة في ظل تشوُّه المسلمات، ويقلِّصُ المسافات المصطنعة بين الشعوب العربية وأنظمتها السياسية من جانب وبين قضيتهم المركزية من جانب آخر، خطاب تصبحُ فيه القضية الفلسطينية جزءا من مادته وأدواته يحقق المواءمة بين تطلعات الشعب الفلسطيني والجمهور العربي الداعم له، خطاب يستلُ سيفه من غمد الانتماء للأمة العربية، يرفض المهانة ولا يغازل المعتدي أو يرضى أن يكون على هامش الأحداث أو في دائرة الحيادية البليدة.