الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
من السهل معرفة ما الذي يجري في السودان. ولكن من الصعب معرفة الى اين يأخذون السودان ؟.
فبعد تجربة العراق وسوريا واليمن ، يبدو لي ان السودان يراد لها ان تكون مثل ليبيا، وان تصبح غابة من السلاح والمدافع للتحارب الداخلي فيما الدول الاستعمارية تنهب خيراتها من بترول وذهب ومعادن وثروات.
وتعريف الدول الاستعمارية الجديد لم يعد يقتصر على أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومثلها. بل أصبحت دول عربية وإسلامية تسابق الغرب على استعمار الدول المنكوبة. وتذهب هذه الدول، تارة باسم الدين وتارة باسم العروبة الى تسليح ميليشيات قادرة على تعطيل أي حل فيما شركاتها تنهب البترول والغاز والذهب .
حاولت طوال أيام ان احصل على معلومة دقيقة لما يجري في السودان، ولكن هذا بدا صعبا للغاية لان قنوات الاخبار حسمت سياستها بالوقوف مع هذا الجنرال او ذاك . وفي كل خبر خدعة وفي كل تغطية تورية تجعل من المستحيل الالمام بالتفاصيل الصحيحة.
واغرب الاخبار ، بل الهوان بعينه على كل مواطن عربي . ان وزير خارجية الاحتلال الحقير يتجرأ ويقول: ان إسرائيل تعمل كل ما بوسعها لتهدئة الأوضاع في السودان ..
ان هذا الخبر لوحده يعتبر بصقة في وجه امين عام جامعة الدول العربية وفي وجه امين عام الدول الإسلامية . انه العار الحقيقي الذي يورثه الحكام العرب للامّة، وانه الذنب الذي لا يغتفر والذي لن تغسله الأيام .
وزير خارجية الاحتلال المريض بالاستعمار والمنحط بجرائم ضد الشعوب العربية يتجرأ ويقول هذا الكلام !!!.
مع وجود مثل هؤلاء القادة للعالم العربي، نفكر أحيانا أن نتنازل عن ثقافتنا ونترحم على أيام الدكتاتوريات العربية .
عشنا زمن جمال عبد الناصر وتأميم القنال ونعيش زمن امراء التطبيع الذين اهانوا الامة بذلهم وانحطاطهم !!!!.
عشنا زمن جيفارا وعمر المختار وعبد القادر الحسيني وابطال العبور وابطال معركة الكرامة ونعيش زمن ملك عربي يطلب من جهاز الموساد حمايته !!!.
عشنا زمن عرفات وأبو اياد ووديع حداد وكارلوس وليلى خالد وعلي طه وأبو جهاد وكمال جنبلاط ونعيش زمن التصاريح للدخول الى الصلاة في المسجد الأقصى !!!.
عشنا زمن الامجاد والكرامة والشرف وتربينا على اشعار عز الدين مناصرة ومعين بسيسو ومحمود درويش وسميح القاسم ، ونعيش الان زمن تصوير طبخة ونطلب من الجمهور ان يضعوا "لايكات" عليها!!!.
قال الشاعر الكبير نزار قباني في ( مرثيته للعرب ) بمهرجان قرطاج :
من أين أدخل في القصيدة يا ترى وحدائق الشعر الجميل خراب
لم يبق في دار البلابل بلبل لا البحتري هنا ولا زرياب
يا تونس الخضراء هذا عالم يثري به الأمّي والنصاب
فمن الخليج إلى المحيط قبائل بَطِرَت فلا فكر ولا آداب
أمشي على ورق الخريطة خائفا فعلى الخريطة كلنا أغراب
أتكلم الفصحى أمام عشيرتي وأعيد .. لكن ما هناك جواب
لولا العباءات التي التفوا بها ما كنت أحسب أنهم أعراب
قبلاتهم عربية .. من ذا رأى فيما رأى قبلا لها أنياب
وخريطة الوطن الكبير فضيحة فحواجز ومخافر وكلاب
والعالم العربي إما نعجة مذبوحة أو حاكم قصاب