الخميس: 14/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

(التدريب على الحياة) نظرة في مُستقبل التنمية البشرية.

نشر بتاريخ: 09/05/2023 ( آخر تحديث: 09/05/2023 الساعة: 11:19 )

الكاتب: أ.صخر سالم المحاريق






من مفاهيم التنمية البشرية المعاصرة والمُستحدثَةِ؛ مفهوم "التَدَّرُبَ والتَّدريبَ على الحياة" (Life Coaching)، وهو بمثابة مفهوم المستقبل القريب والقادم، في عالم تنمية الذات وتوجيه سلوكها في ما يَنفعها ويُفيدها، والذي خُصِّصَ في ماهية عملياته التدريبية لِنَّيلِ النصيب الوافر من قمة هرم ماسلو للحاجات والمعروفِ باسم “تحقيق الذات”؛ تلك النظرية المعبرة في طرحها عن بعضٍ من حاجات الانسانِ ورغَباتهِ المُتدرجة والمتدحرجة، والتي يَقّعُ "تقدير الذات وتحقيقه" في قمةِ تَدرجها، حيث يَسْتَخدم المختصون في مجالات التنمية البشرية وأنواعها، أساليبَ وطرائقَ مختلفة من التَّدريب لغاية صقل تلك الذات، من خلال توجيهها فيما تملك إلى ما تسعى لبلوغه، ومن ذلك على سبيل المثال - لا الحصر - مفهوم "المهارات الحياتية والناعمة" (Skills Life Skills/Soft)، مفاهيم "الريادة وريادة الأعمال" (Entrepreneurship)، ومفاهيم (تنمية الذات، والتخطيط الشخصي..) وأخرى، والتي وُجدت في مقصدها لغاية تطوير وتأهيل وصقل الشخصية في إطارها "الفردي والجماعي"، لغايات اتخاذ القرارات الحياتية السليمة، والتكيف في ظل الثورتين الصناعيةِ والتكنولوجيةِ، وإفرازاتهما من متطلبات مهارات القرن 21.
يُقال في أن “التَّدريب على الحياة” عبارة عن مهنة مختلفة اختلافاً جوهرياً عن الاستشارات أو التوجيه أو العلاج النفسي. بحيث تتناول في محتواها التدريبي (مشاريع شخصية مُحددة، ونجاحات تجارية، وظروف عامة، وعمليات انتقال أو تحول في حياة الفرد الشخصية، أو في شبكة علاقاته أو مهنته، ويتم ذلك من خلال فحص ما يجري الآن، واكتشاف أشكال العقبات أو التحديات والتي تواجهه، واختيار مسار العمل الذي يجب القيام به، بحيث تكون “حياتك ما تريد أن تكون”.
لكن! هل يُجدي ذلك نفعاً في مجتمعاتنا العربية، وهل سنتناوله بمهنية أم لمجرد موضة مُعاصرة؟ أليس هو بامتداد للمهارات الحياتية والريادية في ثوبٍ وحُلةٍ جديدتين، ولكنهُ أكثر تعميماً في مُسماه بلفظ (الحياة)، وتخصيصاً في مُحتواه المقترن ببناء الذات (الشخصية) وتكوين اتجاهاتها الإيجابية، إضافة إلى كونه علاقة بين طرفين: "طرف يُشير" و"آخر يَستَّشير" في موضوعات حياتية متخصصة ومرتبطة ببناء الذات وتطويرها، بحيث سنسمع عمَّ قريب عن لقب استشاري أو خبير أو مُدَّرِبْ في “التَّدريب على الحياة” أو ما يعرف بالإنجليزية ب(Life Coach)، شأنه شأن اختصاصات نعرفها ونزورها ونسمع بها يومياً كأخصائي الأطفال أو الكلى، أو حتى استشاري قانوني أو مالي ... إلخ، ولكن بنكهة خبراء التنمية البشرية.
إن نجاح مفهوم “التَّدريب على الحياة” وأثره على الفئة المستهدفة منه، يتوقف على عِّدة عوامل منها أولاً: مدى إدراك المُختص في ذلك المجال من جوانب الحياة، وتنمية مواجهة الذات لها، كسواتر ومُعيقات حالت دون بُلوغ الهدف الشخصي، ثانياً: الأساليب التدريبية المُستخدمة لأجل ذلك، إضافة إلى مدى نجاعتها ومُناسبتها لكل حالة بعينها، ثالثاً: مدى قناعة وإيمان المُتَّدَرِبْ نفسه (وأقصد هنا مُتَّلَقي عملية التدريب) واستعداده للتغيير والتطوير الذاتي، وما يملك لأجل ذلك من مقدرات وملكات شخصية يُمكن أن يُسْتثمر فيها. أكاديمي ومُختص في التنمية البشرية - الكُلية الذكية للتعليم الحديث.