الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
رفع نتانياهو سقفا عاليا ، وأخطأ في حساباته بشان الحصول على إنجازات سياسية سريعة تساعده على الخروج من ازماته الداخلية . واعتقد انه ومن خلال اغتيال ثلاثة قادة من الجهاد الإسلامي في غزة سيوفر زخما سياسيا لتحسين صورته المتدهورة في استطلاعات الرأي . ولكن السحر انقلب على الساحر .
تكتيك الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة الصاروخية في الانتظار 34 ساعة قبل الرد ، دفع المستوطنين الى حافة الجنون . ودفع نتانياهو وجنرالاته المنافقين لاسترضائه ( وزير الجيش غالانت مستعد لفعل أي شيء ليحصل على رضاه وليضمن عدم فصله ) دفعهم الى القيام بخطوات غبية في استفزاز المقاومة وتسريع الرد.
بدت المقاومة منذ الساعة الأولى للرد متمكنة ومسيطرة تماما ، وبدت تصريحات جنرالات الاحتلال مليئة بالكذب والتباهي والخيلاء ما رسم مسارا واضحا للأحداث . وكانت هي التي تقرر كثافة النيران او مدى الصواريخ . وقامت بتجريب صواريخ جديدة تحمل رؤوسا بوزن نصف طن ما أدى الى بث مباشر لحجم الاضرار في عسقلان وسديروت وحتى تل ابيب . فاختبأ المستوطنون مرة أخرى وأخرى وأخرى.
الجميع يعرف ان نتانياهو لا يريد ان يجرب حرب إقليمية واسعة . والقول الدارج عند الإسرائيليين ( دعوا الجيش ينتصر ) بدا هذه المرة مبتذلا وساذجا . فجيشهم لم يستطع الانتصار على جنين ولا على حي الياسمينة ولا على مخيم عقبة الجبر ، وهل سينتصر على حزب الله او ايران او غزة !!
والذي يقتل الإسرائيليين أكثر هو تصريحاتهم انفسهم ، وان حماس لم تشارك في القتال واطلاق الصواريخ . واذا كانت المعركة بهذه النتائج مع صواريخ الجهاد الإسلامي فقط ، فكيف تكون لو نزلت حماس الى المعركة بثقلها الكبير وصواريخها النافذة وتنظيمها المتماسك !
البحث عن تهدئة صار في اليوم الأول للقتال وفي اليوم الثاني للمعركة التي اطلق عليها الاحتلال اسما منفصلا عن الواقع ( الدرع والسهم ) فما كان عندهم درع يحمي تل ابيب من الصواريخ ولا كان عندهم سهم يوقف اطلاق الصواريخ .
في ساعات الليلة الماضية حشر نتانياهو نفسه في خانة وقف اطلاق نار لا مبدا له ولا قيمة . وبعد ذلك سعى للخروج منه بمعادلة الهدوء يقابل بالهدوء . ولما فشل في كل هذا أيضا وأغضب الإدارة الامريكية واستفز الوسيط المصري . صار يشتري تذاكر للمستقبل.
مقربون من نتانياهو قالوا ان اهم شيء الان ان تنجح مسيرة الاعلام " المقررة بعد أسبوع " . ويأمل هو ان تنطلي هذه الحيلة على اغبياء الشوارع مثل بن غفير وسموتريتش .
انا اكتب بصفتي صحفي تابعت التجارب الأولى لإطلاق الصواريخ والقذائف في الضفة الغربية وفي بيت لحم بالذات عام 2000 . ومن ثم تجارب الصواريخ من غزة والتي قال عنها السياسيون والخبراء العسكريون حينها انها " دمى أطفال " ولا تجلب سوى الضرر للشعب الفلسطيني . أقول ان هذه التجارب تستهوي شباب الضفة الغربية الان ، وبالذات الطائرات المسيرة .
وفي حال لم تسارع حكومات الاحتلال في البحث عن حلول سياسية وليست عسكرية . فان كل متر في فلسطين التاريخية سيكون تحت رحمة صاروخ او طائرة مسيرة بيد الفلسطينيين وبيد العرب ، وان استمرار الاحتلال في الاغتيالات وفي استخدام الحل العسكري لن يجلب عليهم سوى الحروب تلو الحروب تلو الحرب حتى يشاء القدر .