الكاتب: هديل ياسين
في ظل غياب الإنتخابات الرئاسية والإنتخابات التشريعية الفلسطينية، يسعى الشعب الفلسطيني إلى سد الفراغ السياسي من هذه الناحية بالإهتمام في الإنتخابات التي تخوضها الجامعات الفلسطينية، باختلاف الانتماء إلى الأحزاب المشاركة في الانتخابات.
بذلك تحظى الإنتخابات التي تقوم بها مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية إهتمام كبير من قبل الأحزاب وأنصارها خارج الحرم الجامعي، ويظهر ذلك في حملات ومهراجانات الأحزاب في الجامعات الفلسطينية، إلى جانب آلاف الدولارت التي يتم إنفاقها على الدعايات الإنتخابية لكل حزب.
وتعتبر الأحزاب المشاركة في الإنتخابات الطلابية مقياس لمدى شعبيتها في المجتمع الفلسطيني، وأحد أهم المؤشرات في حال وجود إنتخابات تشريعية، وفي ظل المشهد الحيّ في جامعة بيرزيت الذي توالي لمدة أربع سنوات على مقاعد الدراسة، تبين ليّ بأن المشهد السياسي داخل الحرم الجامعي بتماثل مع لو أنه وجدت إنتخابات تشريعية، وحتى إنتخابات رئاسية سوف يكون الإهتمام بالإنتخابات بذات المستوى.
عملت الأحزاب على حشد حصتها القومية من المجتمع الفلسطيني بالتركيز على الطلبة والشباب في مؤسسات التمثيل الفلسطيني، ونظراً للأهمية التي تحتلها الإنتخابات في حياة المجتمعات البشرية، ونظراً لما تنطوي عليه ممارستها من حق يجب على الدول ضمانه لمواطنيها، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان أكد على تلك الأهمية، وشدد على حق الأفراد في اختيار ممثليهم وحقهم في المشاركة في إدارة الحياة العامة لبلادهم.
وتعد الإنتخابات العمود الفقري للديمقراطية حيث إنها ليست غاية في حد ذاتها بل هي شرط ضروري وإجراء ديمقراطي لا بد منه، لضمان عدم تفرد فئة سياسية معينة بالسلطة وتهميش عموم المجتمع، ولضمان مشاركة مواطني الدولة في حق تقرير المصير الداخلي بإختيار النظام السياسي وممثليهم كما يشاءون، وترجع الأهمية في النظم الإنتخابية إلى أنها تحقق وجود الدولة الديمقراطية، كما تحقق التمثيل الأفضل لإرادة الشعب وإتاحة المجال للأحزاب السياسية للوصول إلى الحكم والتعبير عن أرائها في خدمة المجتمع.
ويمكن إعتبار إنتخابات جامعة بيرزيت نموذجاً يحتذى به بخصوص الديمقراطية والحرية والتعبير، لكل المرشحين كل حسب موقعه وأيدولوجيته، وهو الأمر الذي يعكس التنوع الفلسطيني سياسياً واجتماعياً، مستبعدة أن تكون حالة إنتخابية منفردة وإنما نموذجاً للشعب الفلسطيني.
أن الانتخابات في الجامعات الفلسطينية لا تعقد بشكل منتظم ولا تشمل جميع الكتل والتوجهات بإستثناء جامعة بيرزيت، التي تعطى الثقة بنزاهة إنتخاباتها التي تشير إلى إمكانية إجراء إنتخابات مثيلة لها في أي جامعة وربما في الوطن الفلسطيني.
أن الانقسام لعب دوراً سلبياً فيما يتعلق بالعملية الديمقراطية في قطاع غزة والضفة الغربية بما يشمل المجتمع والجامعات، وهو السبب الرئيسي الذي أدى إلى تأخر إنعقاد الإنتخابات الرئاسية والتشريعية للسلطة الفلسطينية، إلى جانب الأجواء المسممة التي تلعب دورها في إعاقة العملية الديمقراطية في الجامعات، والأصل بأن تجري انتخابات في الجامعات الفلسطينية كافة حتى يتم تربية الجيل الجديد بمبادئ الديمقراطية.
ان جدية الديمقراطية في المؤسسات الفلسطينية من بينها الجامعات متفاوتة، وأن المعيار الأساسي لذلك هو وجود حرية عمل تشمل كافة الاتجاهات والكتل وأن يكون هناك ممارسة دورية للانتخابات كل عام، وهو الأمر الغائب عن معظم الجامعات الفلسطينية، الأمر الذي يغيب آلية المطالبة بالإنتخابات الرئاسية والتشريعية التي هي حق للشعب الفلسطيني، كما هي حق للطالب ممارسة العملية الإنتخابية وحرية تقرير المصير بما يخص وطنه.