الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

«نفق ساحة البراق» بين زمنيين!!

نشر بتاريخ: 22/05/2023 ( آخر تحديث: 22/05/2023 الساعة: 11:55 )

الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة

يوم أمس 21 مايو 2023 قام وزير الأمن القومي الإسرائيلي، ايتمار بن غفير، باقتحام للمسجد الأقصى المبارك، وبعدها قامت حكومة الفاشية برئاسة بنيامين نتنياهو بعقد جلستها الحكومية الأسبوعية في نفق تحت "ساحة البراق وجدارها"، ولتعلن هذه الحكومة أن أنها قررت زيادة 17 مليون دولار لعمليات تهويد حائط البراق ومنطقة المسجد الأقصى، وتعزيز الاستيطان في القدس، وأن الاجتماع هو تأكيد على أن "القدس يهودية"، وأنها ستبقى.

وقبل حوالي 27 عاما، وفي 25 سبتمبر 1996، حاولت، (مجرد محاولة)، حكومة الاحتلال، وأيضا كانت برئاسة بنيامين نتنياهو، فتح نفق تحت ساحة البراق، ليكون الرد الفلسطيني بقيادة الخالد أبو عمار هو فتح نار جهنم على نتنياهو وحكومته، وليعلن "هبة النفق" والتحام شعبي ورسمي، استمر لعدة أيام، ولتسجل قوات الامن الوطني الفلسطيني ملحمة بطولية منقطعة النظير ارتقى حلالها عشرات الشهداء ومئات الجرحى وقتل أزيد من 15 جندي ومستوطن إسرائيلي في هذه المواجهة ولتهرع كل دبلوماسية العالم الى المنطقة وعلى رأسها الولايات المتحدة في محاولات لإيقاف "الهبة" ولكن بمقابل إيقاف الإجراءات الإسرائيلية في القدس وقفل النفق، وهذا ما حدث بالفعل.

وماذا كانت ردة الفعل يوم أمس على الاقتحام والاجتماع؟!!، لا شيء، بيانات شاحبة وضعيفة، لتكشف هذه البيانات حجم البون الشاسع بين "تاريخ وفعل"، ولتكشف هذه البيانات إلى اين وصل حالنا الفلسطيني والعربي والإسلامي. وأيضا لتكشف هذه البيانات زيف وكذب ودجل بعض الفصائل التي نصبت نفسها "حامية الحمى" وكانت على كل صغيرة وكبيرة تطلق الصواريخ، وإذ بها عند لحظة "الحقيقة" تختبئ وراء بيانات.

هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها المتطرف بن غفير باقتحام باحات المسجد الأقصى منذ توليه منصب وزارة الأمن القومي، فهو كان قد اقتحم الاقصى قبل بضعة أشهر عندما أصبح وزيرا في حكومة الفاشية ليتحدى بها مشاعر المسلمين وليثبت لمؤيديه أنه اوفى بوعوده لهم بأن يهود الحرم القدسي الشريف عبر خطوات مدروسة تبدأ بالتقسيم المكاني ثم الزماني. ان هذا الاقتحام وعقد الحكومة الإسرائيلية ثاني لقاء لها في نفق تحت المسجد الأقصى، وقبلها بيومين مسيرة الاعلام الكبرى، لهو امتداد لحملات التصعيد التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية كسياسة رسمية لخلق الفوضى والتوترات والعنف في ساحة الصراع، ولتثبت للقاصي والداني أنها ماضية في عملية التهويد، دون أن يحاول احد ايقافها.

ان عقد الحكومة الإسرائيلية ثاني لقاء لها في نفق تحت المسجد الأقصى واعتداءات بن غفير وجماعات المستوطنين المتطرفين لها تداعيات خطيرة ليس على الأراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، بل على كل المنطقة. وما محاولات بن غفير وأمثاله من المتطرفين لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى مدانة ومرفوضة وستبوء بالفشل، وأن الشعب الفلسطيني سيكون لها بالمرصاد.

ما جرى امس من اقتحام للمسجد الأقصى وقيام الحكومة الفاشية بعقد جلسة لها تحت المسجد الأقصى لهو امر خطير، ويندرج تحت بند تهويد القدس ويستدعي أولا من الرسمية الفلسطينية ومن الفصائل ومن العمل الشعبي ومن الامة العربية والإسلامية ومن المجتمع الدولي -وتحديدًا الإدارة الأمريكية التي تطالب بالحفاظ على الوضع القائم في القدس- التحرك الفوري لأن المساس بالمسجد الأقصى لعب بالنار، وسيدفع المنطقة إلى حرب دينية لا تُحمد عقباها، ستطال الجميع.

الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بالتزامن مع استمرار الإجراءات الأحادية من توسع استيطاني واقتحامات متواصلة للأراضي الفلسطينية المحتلة، تنذر بالمزيد من التصعيد، وتُمثل اتجاهًا خطيرًا يجب على المجتمع الدولي العمل على وقفه فورًا قبل فوات الأوان وتفجر الوضع في كل المنطقة.