السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ثلاثة عيوب في الخطاب السياسي تقتل الإرادة وتفشل العمل

نشر بتاريخ: 30/05/2023 ( آخر تحديث: 30/05/2023 الساعة: 13:16 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

الخطاب السياسي تعبير واضح ومكثّف عن برنامج التحرر والنماء والتقدم عند أي شعب . وعلى هذا الأساس يكون الخطاب السياسي هو خطة عمل متفق عليها لترجمة السعي بأفضل الأدوات المشروعة ( شرط ان يكون التغيير تقدمي ) التي تضمن استعداد المجتمعات لمواجهة الأحوال ,والاهوال القادمة بتحضير كاف يضمن تخطي العقبات والانتصار على الظروف الصعبة .

الخطاب السياسي الفلسطيني المعاصر فقد قدرته على التأثير الإيجابي ويتحوّل الى معادلة داخلية مريضة بالأنانية الحزبية . ويتحول الى مرثية سقيمة عاجزة عن تحديد الهدف . وحين نقول الخطاب السياسي نقصد الخطاب السياسي الجمعي الذي لا يستثني أحدا .

ان تشبث القيادات الفلسطينية بالخطابات العريضة مثل الخطاب القومي والخطاب الإسلامي أو الخطاب الليبرالي الغربي ليس ذنبا ، ولكنه لا يعفيها من المسؤولية المحلية ولا يحميها من الذنوب . فالخطاب السياسي الفلسطيني في هذا الحال يبقى امام خيارين : اما ان يكون غائب وفقير ومتذلل

. واما ان يكون عاطفي عالي الصوت وفارغ من المحتوى وبعيد عن الواقع .

العيب الأول هو الانفصال عن الواقع – فالجمهور الفلسطيني ليس صاحب قرار ولا يتم التشاور معه في أية قرارات مصيرية سواء في السلم او في الحرب . من ناحية خطاب الموالاة منفصل عن الواقع ومن ناحية أخرى خطاب المعارضة منفصل عن الواقع . وكل طرف يقول عكس ما يفعل ويفعل عكس ما يقول بلا حسيب ولا رقيب .

العيب الثاني عدم الاتفاق على تحديد معسكر الأصدقاء ولا معسكر الاعداء ، وكل حزب اصبح له حلفاء ظاهرين ومخفيين ، وقوى دخيلة تشارك في صناعة القرار الفلسطيني اكثر من الجمهور الفلسطيني نفسه .ما يترك هامشا خطيرا على حتى الخطاب السياسي . كل طرف يتحالف مع أي طرف يضمن له مصلته الحزبية دون خطوط حمراء . حتى وصل الامر الى حالة الاستباحة التامة والضياع الكبير .

العيب الثالث هو تحطم المؤسسة العامة ، والدخول في حالة عشوائية لا سيادة للقانون فيها ما يجعل صمود الناس أصعب الف مرة ، ويدفع بالكفاءات للتفكير بالهجرة ويمنح السفهاء فرصة للسيطرة على المال العام وعلى المنظمات والمؤسسات .

لم يكن من أهداف أية حكومة من الحكومات التي تشكلت ان تحرر القدس ، ولكن على الأقل ان تعمل بنجاح على تنظيم حياة الناس وحماية ارزاقهم ومنح المواطن الامل بإمكانية وجود حكم رشيد في يوم من الأيام . ولو ان كل حكومة تم تشكيلها في فلسطين قامت بعمل حديقة عامة واحدة في مدن قطاع غزة وفي مدن الضفة لكان في جميع المدن الفلسطينية حدائق عامة مجانية للأطفال . ولكنها حكومات سياسية خائفة لا يوجهها خطاب سياسي شامل بل رؤية لطرف ما أي جهة ما .