الكاتب: د. جهاد الحرازين
تمتاز العلاقات الفلسطينية المصرية بحالة من التشابك والتداخل والترابط على مدار التاريخ بما يجسد حالة فريدة فى اطار علاقات الدول ببعضها البعض وهذا الامر نابع من حالة تراكمية بنائية استمرت منذ عقود طويلة مما ادى الى ترسخ جذور هذه العلاقة التي لم تترك تفصيلة صغيرة في تاريخ البلدين الا وكانت شاهدة على عمق هذه العلاقات ومتانتها رغم كل محاولات الوقيعة والدسائس التي جاءت وعبرت الا انها جميعها سقطت على صخرة التلاحم والانتماء القومي والوطني الذى جعل من قضية فلسطين هي القضية المركزية للامة العربية ولمصر خاصة وامام هذه التجليات العظيمة جاءت زيارة رئيس وزراء دولة فلسطين د محمد اشتية الى جمهورية مصر العربية بوفد وزاري على مستوى عال بعد دعوة تلقاها من نظيره المصري د مصطفى مدبولي لعقد مشاورات متعددة في كافة القضايا المطروحة على المستوى السياسي والاقتصادي والصناعي والزراعي والثقافي والصحي والتعليمي فكان لحفاوة الاستقبال الرسمي واللقاءات التي جرت على المستوى الثنائي الوزاري ورئيسي مجلس الوزراء وان يكون وفد دولة فلسطين هو الوفد الوزاري الاول الذى يستقبل بالعاصمة الادارية بمقر رئاسة الوزراء الكثير من دلالات الترحيب والتقدير والمحبة والعمل المشترك والتي ترتب عليها توقيع بعض مذكرات التفاهم ذات الاهمية الكبرى وفقا للتالي:
اولا: الدعوة التي جاءت بشكل رسمي من قبل القاهرة توضح حالة الاهتمام المصري بضرورة خلق افاق للتعاون المشترك وضرورة ان تكون حاضرة كشريك مساهم ومساعد بالقضية الفلسطينية وخاصة ان رئيس الوزراء المصري ومجلس وزراءه كانوا على راس مستقبلي وفد دولة فلسطين بارض المطار والتي اكد رئيس الوزراء المصري على عمق العلاقة والاهمية لوجود تنسيق وتعاون مشترك وما توليه مصر من اهمية تجاه القضية الفلسطينية وهو الامر الذى اكد عليه كذلك د اشتيه عن الدور المصري الفاعل والمهم فى المنطقة والمساند والداعم للقضية الفلسطينية.
ثانيا: اللقاءات التي اجراها رئيس الوزراء د اشتيه مع اكبر مؤسستين دينتين الازهر والكنيسة من خلال زيارته للإمام الاكبر الدكتور احمد الطيب والمواقف التي صدرت وتصدرعن الازهر واكد عليها الامام بخصوص مدينة القدس ومساندة ودعم الموقف الفلسطيني لما للأزهر من مكانة و دور كبير على المستوى الإسلامي والعالمي وكذلك لقاءه وزيارته لبابا الكنيسة القبطية تواضروس كأكبر مؤسسة قبطية ومسيحية لها من المكانة الكبيرة لدى مسيحي العالم وحديث قداسة البابا عن ضرورة انهاء الاحتلال وما يقوم به ويصدره من مواقف مساندة للقضية رافضة للجرائم الاسرائيلية وما ابداه من اهتمام كبير بالأحوال المعيشية للمواطنين الفلسطينيين الامر الذى جسد الموقف الفلسطيني مع مؤسستين من اكبر المؤسسات الدينية على المستوى العالمي
ثالثا: لقاء رئيس الوزراء الفلسطيني د اشتيه والوفد الوزاري مع رجال الاعمال واتحاد الصناعات المصريين كان له الاثر الإيجابي ِفى خلق افاق جديدة من خلال التطمينات السياسية والقانونية والتسهيلات لإيجاد بيئة استثمار واضحة ومفيدة تؤدى لتغطية الاستهلاك المحلى للتخلص من التبعية الاقتصادية للاحتلال والتي يستخدمها كأداة ابتزاز في بعض الاحيان وتقديم الدعوة لهم لزيارة فلسطين للاطلاع عن كثب على الواقع وحالة التطور والبناء التي تشهدها الأراضي الفلسطينية بما يعمل على بناء جسور التعاون والتبادل التجاري والاستثمار بين البلدين.
رابعا: لقاء رئيس الوزراء بمدير جهاز المخابرات العامة المصرية وتناول كافة القضايا التى تهم المواطنين الفلسطينيين وايجاد اليات عمل للتخفيف من المعاناة ومن وطأة الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني بالإضافة الى الدور المصري الكبير الذى يبذل على اكثر من مسار وخاصة بأزمات الحروب والعدوانات والاقتحامات وما يتعلق بملف المصالحة مع ضرورة تهيئة الظروف على الارض لمواصلة العمل بملف المصالحة الوطنية وتقديم تسهيلات تخدم المواطن الفلسطيني وخاصة من أهالي قطاع غزة لتسهيل عملية تنقلهم عبر المعابر وايصال الكهرباء الى قطاع غزة وعملية اعادة اعمار ما دمره الاحتلال بقطاع غزة والمساهمة فى انشاء محطات تحلية مياه وتفعيل شبكات الهاتف المحمول الفلسطيني بمصر.
خامسا: اللقاء الثنائي الذى جمع رئيس الوزراء بنظيره المصري والجلسة المفتوحة لمجلسي الوزراء الفلسطيني والمصري وما صدر عن هذه الجلسة من مواقف اكدت على عمق الرابط التاريخية واحتضان مصر لأى شئ يطلب من القيادة الفلسطينية واستعدادها التام لتوفير كل ما يلزم للشعب الفلسطيني وهو الامر الذى عبر عنه الوزراء اثناء الجلسة واستعدادهم للعمل سويا مع نظرائهم من الوزراء الفلسطينيين بما يتعلق بتقديم الدعم والمشورة والخدمة والتدريب وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه عبر مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي وقعت وستوقع.
سادسا : جرى التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزير الخارجية الفلسطيني د رياض المالكي ونظيره المصري الوزير سامح شكري بعد لقائهما تتعلق بالمشاورات السياسية والتعاون الدبلوماسي وتنمية وتعزيز العلاقات بين البلدين في كافة القضايا والمسائل التي تهم البلدين على المستويات كافة ولهذه المذكرة اهمية كبرى حيث تعمل وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية ممثلة بمعالى الوزير وطاقم السفراء والمستشارين بجهد كبير للوصول الى مثل هذه التفاهمات بما يعود بالنفع على القضية الفلسطينية وتصليب الموقف السياسي العربي ومساندة الموقف السياسي الفلسطيني ولذلك هناك جهد كبير في هذا الاتجاه للوصول الى مثل هذا التفاهم والمذكرة مع بقية الدول العربية والاسلامية .
سابعا: وقعت مذكرة بين وزيري الزراعة الفلسطيني والمصري متعلقة بالزراعة واليات الاستفادة من الخبرات في هذا المجال والتعاون في مجال تقديم المنتجات الزراعية وتطوير اساليب الزراعة وفى مجال التدريب والتصنيع الزراعي والاسمدة والثروة السمكية والطب البيطري بما يعود بالنفع ويغطى الاحتياجات وذلك بشراكات متعددة.
ثامنا: لقاء جمع امين عام مجلس الوزراء الفلسطيني مع امين عام مجلس الوزراء المصري وبنائب وزير الاتصالات المصري والذى تم الاتفاق على الاستفادة من التجربة المصرية فى مجال الحكومة الالكترونية وذلك من خلال المشاركة بالمؤتمرات التي تقيمها مصر و الاستعداد لتدريب الكوادر الفلسطينية.
تاسعا : لقاء وزير التعليم العالي الفلسطيني بنظيره المصري والاتفاق على تنفيذ العديد من التفاهمات بين الجانبين و التي تساهم فى تقديم الخبرات العلمية المصرية وفتح افاق التعاون بين الجامعات المصرية والفلسطينية وحل الاشكاليات التي يتعرض لها الطلبة الفلسطينيين .
عاشرا: لقاء وزير الاوقاف الفلسطيني مع نظيره المصري تم التوافق على ايجاد برامج تدريبية للائمة وسبل التعاون المشترك بين الدولتين.
حادي عشر : لقاء رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطيني بوزير الكهرباء المصري وتم التوافق على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مجال الطاقة الكهربائية والمتجددة ومتطلبات الربط الكهربائي بين البلدين خاصة ان مصر لديها فائض وتعمل ضمن مشروع الربط الثماني العربي.
ثاني عشر: لقاء وزيرة الصحة نظيرها المصري وتوقيع اتفاقية تتضمن تقديم منح طبية فى عدة تخصصات بشكل سنوي وتوفير اصال ولقاحات فى فصل الصيف وتوفير كتيبات لكيفية التعامل مع التخصصات الطبية وتدريب كوادر طبية متخصصة .
ثالث عشر : المهنية العالية والقدرة الادارية والتنظيمية التي اظهرها فريق سفارة دولة فلسطين في سياق هذه الزيارة ممثلة بسعادة السفير دياب اللوح والمستشارين بالسفارة والاداريين وكافة العاملين حيث شكلوا نموذجا ناجحا متفانيا فى العمل للمساهمة في انجاح هذه الزيارة .
كان لهذه الزيارة التي جاءت وفقا لتوجيهات الرئيس ابو مازن للوفد الفلسطيني اهمية كبيرة يبنى عليها الكثير لصالح القضية الفلسطينية ولصالح شعبنا فى تعزيز صموده والتخفيف من معاناته وهذا ينبع من الدور الذى قام به رئيس الوزراء د مجمد اشتيه بحكمته وسلالة اسلوبه وحسه الوطني الراقي مع وفده المتفاني الذى يمثل كل منهم خلية عمل وحرص كبير بدءا من وزير الخارجية ووزير الداخلية ووزير الاقتصاد ووزير الاسكان ووزير الاوقاف ووزيرة الصحة ووزير الزراعة ووزير التعليم العالي ووزير النقل والمواصلات ورئيس سلطة الطاقة ووكيل وزارة المالية وامين عام مجلس الوزراء والناطق باسم الحكومة ومستشاري رئيس الوزراء. والسفير الفلسطيني بالقاهرة ومستشاريه.
هى زيارة عمل وشراكة تعود بالخير على شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة