الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

سيادة العرب ستظل غير مكتملة بدون السيادة على فلسطين.

نشر بتاريخ: 06/06/2023 ( آخر تحديث: 06/06/2023 الساعة: 18:57 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

هذا المقال محاولة للطعن بقرار بعض حكام العرب بتطبيع علاقاتهم مع اسرائيل القوة القائمة يالاحتلال بزعم انه موضوع سيادي خاص بهم بينما هو في الحقيقة انهزام سياسي واخلاقي كونهم يعلموا بان اسرائيل عدو كاره لهم و لكل العرب وعليه فهي اي اسرائيل لا ولم ولن تقيم اي اعتبار ولا اي قيمة لاي عربي لا بصفة فردية ولا جماعية ولا لاي حاكم عربي وباختصار ولا لاي دولة عربية وهو ما يعني ان تطبيع هذا البعض مع دولة الفصل العنصري في وقت تدوس فيه بساطير جنودها غلى رقاب الفلسطينيين المرابطين بامر الهي وتدنس كل المقدسات الاسلامية والمسيحية في بلد الاسراء والمعراج ومهد سيدنا المسيح عليه السلام هو بحد ذاته نقيض لمفهوم السيادة لكل الدول التي طبعت مع هذا الكيان. .

ليس سرا بان قرار التطبيع هذا هو غير سيادي كونه انصياع لاوامر من حامي حمى هذه الانظمة وهو سيد البيت الابيض سواء اكان ديمقراطي ام جمهوري خصوصا وان ليس هنالك اي سبب لامنطقي ولا مصلحي ولا جغرافي ولا تاريخي ولا اخلاقي يتم بسببه التطبيع مع كيان اصبح شبه منبوذ من معظم شعوب العالم وذلك بعد ان ثبت بانه كيان فصل عنصري وثبت انه يقوم على ارض عربية محتلة بالقوة العسكرية وثبت انه تاسس على انقاض كيان عربي وهو فلسطين النتي كانت منارة للحضارة قبل ولادة اسرائيل وقبل ولادة بعض من هذه الدول المطبعة معها وهو ما يمنحني الجرأة بالقول بان سيادة كل العرب ستبقى منقوصة بدون السيادة العربية على فلسطين .

فلسطين ضاع ثلاثة ارباعها في حرب النكبة الاولى التي خاضتها خمسة جيوش عربية كانت تتبع سياديا في حينه لمن باع فلسطين وهي بريطانيا التي قاد احد ضباطها كل تلك الجيوش العربية بحكم قيادته للجيش الاردني في ذلك الوقت وهو غلوب باشا الملقب "ابوحنيك" . ابو حنيك البريطاني قاد الجيوش العربية ليس من اجل فلسطين ولكن تنفيذا لاوامر بلاده التي باعت فلسطين وهي لا تملك لعائلة روتشيلد اليهودية الصهيونية وهي لا تستحق ما يعني ان ابوحنيك قاد الحرب من اجل التاكد من نجاح تطبيق وعد بلفور باقامة وطن قومي لليهود على ارض فلسطين العربية وهو ما يشجعني ايضا على تحميل مسؤولية قيام دولة الكيان الصهيوني لانظمة هذه الدول العربية التي شاركت في نكبة الشعب الفلسطيني الى جانب بريطانيا مع كل الاجلال والتقدير والدعاء بالرحمة لكل عربي استشهد دفاعا عن فلسطين.

مسؤولية هذه الانظمة عن ضياع فلسطين كلها بدأت في النكبة الاولى وانتهت بحرب الايام الستة سنة 67 التي لا ادري لماذا يطلق عليها النكسة مع انها كانت نكبة ولكنها هذه المرة على كل العرب بضياع هيبة النظام الرسمي العربي بعد ان احتلت اسرائيل الربع الباقي من فلسطين كما احتلت اجزاء كبيرة وهامة لاكبر دولتين عربيتين .

حرب سنة 67 اسست لتبني امريكا للكيان الصهيوني وتم توظيف اسرائيل منذئذ شرطي المنطقة لحراسة المصالح الامريكية مقابل حماية ودعم غير محدود ولا مشروط من قبل امريكا لهذا الكيان لدرجة ان امريكا اصبحت تخوض حروبها في المنطقة من اجل حماية هذا الكيان الصهيوني حتى لو اضطرت لتدمير ميثاق الامم المتحدة كما فعلت في احتلالها للعراق سنة 2003 من اجل تدمير جيشه الذي هو في واقع الامر كان مطلب وهدف استراتيجي لهذا الكيان العنصري الذي وبعد 56 سنة من التبني الامريكي له اصبح اي اسرائيل هي من يملي على امريكا وليس العكس.

ما سبق كله توطئة لما اريد ان اوصله لزعيمة العالم السني وتحديدا ولي عهدها محمد بن سلمان الذي اصبح الحاكم الاكثر جدلا في العالم وهو يعمل بصمت وبثبات للوصول الى كرسي العرش ولكن بمجهود كبير بعد ان انتزع ولاية العهد بكل حنكة وذكاء من ابن عمه وهو ما يجعلنا نعتقد جازمين من انه سيكون ملكا مختلفا عن كل من سبقوه في حكم المملكة العربية السعودية وذلك منذ تاسيسها في عشرينات القرن الماضي من حيث صغر سنه ومن حيث ثورة الحداثة التي اطلق لها العنان منذ اليوم الاول لتوليه ولاية العهد والتي طالت كل مناحي الحياة في المملكة لدرجة انها قريبا ستصبح منافسا سياحيا لامارة دبي.

ثورة الامير بن سلمان بدأت بالاقربين من الامراء ومصادرة نسبة لا باس بها من ثرواتهم ليتفرغ بعد ذلك الى الرعية ولا ادري اذا كان ما حصل للخاشوقجي رحمه الله كان بمثابة رسالة لكل من يفكر قبل ان يحاول اعاقة مسيرة الامير الشاب التي لا يبدو انها ستتوقف بعد اعتلائه للعرش كملك.

سياسيا وعلى الصعيد العربي ما زلنا نستبشر خيرا بمعظم القرارات التي اتخذها ولي العهد السعودي منذ توليه ولاية العهد بما فيها تحديه لحاكم البيت الابيض والمصالح الامريكية وهي قرارات غير مسبوقة سعوديا، بداية برفضه للطلب الامريكي بزيادة انتاج النفط ثم مرورا بقرار اعادة العلاقات مع الجارة الاسلامية ايران وانتهاء بقرار عودة سوريا الى بيتها العربي ناهيك عن تطوير وتمتين العلاقة السعودية مع الصين.

ما يعنينا كفلسطينيين من كل ذلك هوالعلاقة السعودية الاسرائيلية وتداعياتها فنحن ما زلنا كشعب وقيادة نتشبث بمبادرة السلام العربية التي هي اساسا مبادرة المرحوم الملك عبدلله بن عبدالعزيز(عم ولي العهد) والتي اصبحت معتمدة من قبل كل العرب و المسلمين واخيرا العالم بعد تبني مجلس الامن لها وهو ما يجعل من هذه المبادرة اثراء سعودي للسلام العالمي وهو ما يوجب على ولي العهد التمسك بها من الفها الى يائها وباي ثمن.

تطبيع البعض الرسمي العربي مع اسرائيل بزعم انه حق سيادي لهم يعتبر طعن للمبادرة العربية و اهانة كبيرة للمملكة العربية السعودية كونها صاحبة المبادرة التي التزم بها واقرها كل العرب بمن فيهم المطبيعين في مؤتمرهم في بيروت سنة 2002 وهو ما كان يجب ان يثير حفيظة وغضب السعودية تجاه هذه الدول ومع ذلك فاننا ما زلنا نرى ان هناك فرصة ذهبية امام الامير السعودي لاصلاح ما افسده هؤلاء المطبعين واثبات جدارته وقدرته على ادارة دفة الحكم من خلال تشبثه بالمبادرة واجبار اسرائيل على تنفيذها ان هي حقا تود ان تكون كيان شرق اوسطي معترف به سعوديا وعربيا .

التطبيع مع السعودية منفردة يعتبر هدف استراتيجي لاسرائيل ككيان وللنتن ياهو يعتبر قارب نجاة من جرائمه ولكن في المقابل ليس هناك اي فائدة تذكر لبلاد الحرمين. الا ان تنفيذ المبادرة بجهود الامير بن سلمان سيدخله التاريخ من اوسع ابوابه لانه بنجاحه هذا سيعيد للعرب بعض من كرامتهم التي اهدرتها هزائمهم امام الكيان الصهيوني المغتصب اخذين بعين الاعتبار ان السلاح الامريكي الذي تطالب به السعودية مقابل التطبيع ومهما كان متطورا فانه لن يمكن لا السعودية ولا غيرها من تحقيق اي نصر عسكري الا بقرار امريكي لان سر قوة هذه الاسلحة يبقى ملكية خاصة لامريكا لا تكشفه لاحد .