السبت: 11/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

معركة مخيم جنين الثانية» ما بين الرسمية الفلسطينية وفصائل الانتظار!!

نشر بتاريخ: 05/07/2023 ( آخر تحديث: 05/07/2023 الساعة: 13:45 )

الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة

بتاريخ 4/7/2023، بدأت حكومة تحالف الفاشية في دولة الاحتلال عدواناً على مخيم جنين بهدف كسر "الإرادة الفلسطينية بمقاومة الاحتلال" وذلك عبر عملية عسكرية جهز لهذا طويلا بدأها بضربات جوية على المخيم وتبعها بجرافات تدخل المخيم تقوم بتجريف الطرق وبقوات خاصة لا تمر عبر الطرق بل من خلال فتحتات بين البيوت، ثم تبعها "ببروبجندا" صورة تهجير بعض أهل المخيم، ليفاجئ هذا الاحتلال بمقاومة قوية وصمود أسطوري ولينهي عمليته بعد 40 ساعة بمقتل احد جنوده من الوحدات الخاصة التي اجتاحت المخيم ويغادر المخيم في مشهد هروبي اشبه بالسينمائي حيث قوات الاحتلال تنسحب والمقاومين يلحقون بهم وسط اطلاق النار من جهة وقذفهم بالحجارة والزجاجات الحارقة من جهة أخرى لينسدل الستار على مشهد قصير زمنيا لكنه مليء بالأحداث والأطراف التي تداخلت فيه.

وأول هذه الأطراف هي حكومة تحالف الفاشية بقيادة نتنياهو المأزوم بمحاكمة على اربع تهم فساد والمأزوم بأزمة داخلية وتظاهرات بمئات الالاف تخرج كل أسبوع ضد حكومته وتحالفه الفاشي، وأراد من عدوانه على مخيم جنين أن يصدّر أزمته للخارج ويلفت الأنظار عن فشل حكومته ويخرس معارضيه بأنه "لا صوت فوق صوت المعركة" فكانت الصفعة الكبرى له أن مخيم جنين عصي على قواته وأن عمليته العسكرية التي قال أنها جاءت لتصفية واجتثاث الوجود الفدائي في المخيم ما هي إلا أضغاث أحلام وأن مخيم جنين وكل فلسطين عصية على الانكسار وان أقصى ما يمكن أن يحققه هذا الجيش المهزوم هو اغتيال عدد من الشبان وهدم مسجد ومنزل وتجريف طريق ولتبقى إرادة الفلسطيني عصية على الانكسار.

وثاني هذه الأطراف هم الفدائيين والشباب الثائر في المخيم الذين ينتمون اغلبهم لحركة فتح وحركة الجهاد الإسلامي والذين سجلوا "وحدة كفاحية" شبيهة إلى حد كبير بالوحدة الكفاحية التي حدثت في المخيم أيام المعركة الأولى عام 2002، أيام كان الشهيد محمود طوالبة، قائد سرايا القدس، كتفا بكتف مع الشهيد علاء الصباغ، قائد شهداء الأقصى في جنين والشمال، والشهيد أبو جندل من قوات الامن الوطني، والشهيدة مريم وشاحي، السيدة التي اعتادت إعداد الطعام للمقاومين يومياً، التي استشهدت وهي تحضر العجين لإعداد الخبز، وبعدها بيومين استشهد ولدها منير وشاحي، لتتجسد حالة المخيم في 2002 في تربية الجيل الجديد 2023 الذي يحمل السلاح ويتصدى لاقتحامات الاحتلال اليوم، وما اجملها من وحدة ليتها تنعكس على وحدة القيادة الفلسطينية!!!!.

وثالث هذه الأطراف هي "الرسمية الفلسطينية" والتي تعاني منذ سنوات من "خمول سياسي" وصلت أحيانا على حد انعدام الفعل وحتى ردات الفعل لأسباب كثيرة، لا مجال لسردها في هذه المقال، إلا أن هذه "الرسمية" انعقدت بعد اجتياح مخيم جنين وهي التي لم تنعقد منذ زمن، واتخذت جملة من القرارات واهمها تعليق التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال ودعوة الأمناء العاميين للفصائل الفلسطينية للاجتماع مع الرئيس محمود عباس، الا أن هذه القرارات غاب عنها تحديد "إطار متابعة" وتحديد جهات "المتابعة والتنفيذ"، وخاصة ما يحتاج منها للتنفيذ العملي المباشر. ومع أهمية هذه القرارات إلا انها قرارات "ناقصة" إذا لم تستكمل بقرارات أخرى مثل تعليق الاعتراف المتبادل بدولة الاحتلال، مشروطا كاملا باعترافها بدولة فلسطين، وقرار مفصلي وهو: إعلان دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 19/67 لعام 2012، والذي أصبحت به عضوا مراقبا رقم 194، وأكده قرار صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية. مثل هذه القرارات ستجبر العالم بأثره أن يتحرك باتجاه فلسطين في ظل الصمت الدولي تجاه جرائم الاحتلال.

رابع هذه الأطراف هي "الفصائل الفلسطينية" وأهمها حركة حماس في غزة والتي وقفت موقف المتفرج إلا من بعض "البيانات والضجيج الإعلامي" وبضع صواريخ "بعد" انسحاب انهزام جيش الاحتلال وانسحابه من مخيم جنين، وكان يمكن لحماس ان تفعل الكثير إن أرادت خاصة أنها تمتلك القوة في غزة، وليس شرطا أن تستخدم الصواريخ ولكن لديها وسائل أخرى يمكن أن تستخدمها إن ارادت ولكن يبدو ان وراء الاكمة ما وراءها!!!!.

أما حركة الجهاد الإسلامي في غزة، فهي تلملم جراحها بعد معركتين خاضتهما لوحدها وخذلها الصديق قبل القريب ومسألة فتح معركة ثالثة لوحدها أصبحت تشوبها الكثير من المخاطر أهمها ان "حاكم غزة" لن يسمح لها بخوض هذه المعركة وأشياء أخرى.

واما حركة ام الجماهير فتح فهي كانت حاضرة بقوة في جنين وإن لم تكن على المستوى القيادي، فكما هو معروف فإن حركة فتح أكبر من قيادتها، وعلى هذه الحركة تقع المسئولية الكبيرة في قطع الطريق على الاحتلال واعوانه والمسؤولية الكبرى في بناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.