السبت: 11/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الاستثمار المؤثر وبناء الاقتصاد الفلسطيني

نشر بتاريخ: 07/07/2023 ( آخر تحديث: 07/07/2023 الساعة: 23:19 )

الكاتب:

بقلم: باسل القاضي ( الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة شركة ازدهار فلسطين للتنمية والاستثمار )

مقالة رقم 2

هذه هي المقالة الثانية في سلسلة من ثلاث مقالات على هامش أعمال (مؤتمر بالاستثمار نبني) حيث كانت المقالة الأولى تعريفية حول مفاهيم ومبادئ الاستثمار المؤثر والتي يمكن اختصارها بأن الاستثمار المؤثر هو الذي يحقق عوائد مادية مجدية بالإضافة إلى تحقيقه مصالح ملحه للمجتمع، وفي هذه المقالة سنناقش الدور الهام والحيوي الذي من الممكن أن يؤديه الاستثمار المؤثر - من قبل المستثمرين الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، بالإضافة الى إخوانهم العرب، وأصدقائهم من أفراد ومؤسسات دولية - في الاقتصاد الفلسطيني وفي الحياة الفلسطينية.

معلوم للجميع الدور الكارثي والمدمر الذي لعبه الاحتلال الإسرائيلي على مدار عقود وكيف أثر ولايزال يؤثر في إمكانيات النمو الاقتصادي عدا عن تشويهه للبنية الهيكلية للاقتصاد الفلسطيني. أما السلطة الوطنية الفلسطينية المكبلة بالاحتلال واتفاقياته لم تتمكن من تحسين الحالة الاقتصادية بشكل مرضي أو يلبي طموح السلطة نفسها ولا طموح الفلسطينيين، كذلك فإن انسحاب الممولين الدوليين في العقد الأخير أدى إلى تراجع كبير في البنى التحتية بدلاً من تنميتها استجابةً للنمو السكاني المتسارع.

وعلى الرغم مما سبق ذكره من حالة تحدي سريالية، فقد نما القطاع الخاص الفلسطيني وحقق نتائجاً مبهرة في العديد من القطاعات وساهم أيضا في الكثير من الأعمال الخيرية الملحة، وطرح نفسه ويستمر في ذلك بشغف في أن يكون محركاً اقتصادياً هاماً ومؤثراً في الحالة الاقتصادية، ولعل أهم ما ساعد القطاع الخاص في ذلك هو حالة الانغلاق التي يعاني منها الاقتصاد نتيجة للظروف سابقة الذكر مما يعطيه ميزة وقدرة لن تتاح لغيره، أولاً بسبب حجم التعقيدات الهائلة التي لن يستطع أي طرف خارجي أو غير متمرس في التعامل مع ظروف الاحتلال، والسبب الثاني يعود لتطويره قدرات هائلة على التكيف والتجاوز لكافة أنواع المعيقات، وهنا يأتي دوره في القيادة والمبادرة ووضعه لرأسماله قبل الجميع في أي استثمار مقترح.

وإذا ما بحثنا سنجد العديد من القطاعات الاقتصادية التي ستترك آثاراً إيجابية هائلة على المجتمع الفلسطيني إذا ما تم الاستثمار بها:

• الاستثمار في الطاقة التقليدية والمتجددة والبنى التحتية الأخرى: حيث أن هناك ضغطاً هائلاً وعجزاً كبيراً في البنى التحتية وأهمها قطاع الطاقة، فالاستثمار في الطاقة سيساعد في تعزيز التنمية المستدامة وأيضا يفتح الآفاق للصناعة والقطاعات الأخرى، فضلاً عن البنى التحتية الأخرى كالاتصالات والطرق مما يعمل على خلق فرص عمل وتعزيز النشاط التجاري والصناعي وتعزيز القدرة التنافسية وتقليل التكاليف .. الخ.

• الاستثمار في الزراعة والصناعات الزراعية: بما يشمل ذلك الزراعة المستدامة والتنمية الريفية حيث أن الاستثمار في هذه القطاعات سيعزز الأمن الغذائي ويدعم المزارعين المحليين.

• الاستثمار في السياحة: يتمتع القطاع السياحي في فلسطين بإمكانيات كبيرة مميزة على المستوى الثقافي والديني والاستكشافي، لذلك فإن الاستثمار في تطوير المناطق السياحية والبنية التحتية والتراث الثقافي سيعزز القطاع السياحي ويعمل على تعزيز التواصل الثقافي.

• التكنولوجيا والابتكار: تشهد فلسطين نموًا في قطاع التكنولوجيا والابتكار، مثل تطوير البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. الاستثمار في الشركات الناشئة والابتكارات التقنية يعزز الاقتصاد الرقمي ويعمل على توفير فرص عمل للشباب.

• التعليم والتدريب المهني: تساهم الاستثمارات في التعليم والتدريب المهني في تحسين المهارات والمعرفة للشباب والعاملين في القطاعات الاستثمارية. هذا يعزز قدرات العمالة المحلية ويساهم في تطوير الموارد البشرية.

مما لا شك فيه أن هناك رغبة وشغف كبيرين يدفعان الفلسطينيين سواءً من الداخل الفلسطيني أو فلسطينيي المنفى للاستثمار في فلسطين، وذلك ليس بديلاً عن الأعمال الخيرية والمساعدات التي لم تنقطع يوماً، ولا سيما عندما يرون إخوانهم المقيمين قد بادروا في رؤوس أموالهم وأخذوا دور رأس المال المبادر بالإضافة الى توفير فرص استثمارية ربما تعطي عوائد أكثر من مثيلاتها في العالم. إن هذا التزاوج بين رأس المال المحلي والداخل والاغتراب مما يزيد من عمق التجربة ويعمل على إثرائها حيث نجدهم راكموا خبرات كبيرة ومميزه في كافة المناحي والمجالات، كما أن عملية نقل هذه الخبرات سيكون لها الأثر الأكبر في نجاح هذه الاستثمارات، أضيف الى ذلك أن هذه الاستثمارات ستعزز التواصل الاجتماعي للفلسطينيين بغض النظر عن أماكن تواجدهم أو مشاربهم السياسية ولاشك أن ذلك سيساهم في حالة أفضل تعزز الترابط بين الأخوة من جهة وتعزز صمود الفلسطينيين على أرضهم .

بقي أن أقول أن هناك عدد قليل جداً من المبادرات في فلسطين للاستثمار المؤثر لعل أهمها مبادرة صندوق ازدهار فلسطين للتنمية والاستثمار والذي سأخصه بمقالة منفردة كنموذج ناجح ومتميز........ يتبع