الكاتب:
المقالة رقم (3) ضمن سلسلة مقالات الاستثمار
باسل القاضي الرئيس التنفيذي لشركة ازدهار فلسطين
تأتي هذه المقالة كختام لسلسلة من ثلاثة مقالات تحدثت الأولى منها عن الاستثمار المؤثر، والتي أوضحت أن الاستثمار المؤثر هو الاستثمار الذي يحقق شرطين أساسيين : الأول أن يكون مجدياً مادياً والثاني أن يكون له أثر إيجابي على المجتمع بحيث يساهم في حل إحدى إشكاليات المجتمع الأكثر إلحاحاً، وفي المقالة الثانية تعرضنا للاستثمار المؤثر في فلسطين، وكذلك كيف بإمكان القطاع الخاص الفلسطيني وبالشراكة مع الفلسطينيين وإخوانهم العرب وأصدقائهم من كافة أنحاء العالم، و تناولت المقالة أيضاً كيف بالإمكان تعزيز وجود الشعب الفلسطيني وصموده على أرضه من خلال استثمارات يكون المبادر والمستثمر الأول والضامن والفاعل فيها هو القطاع الخاص المحلي الذي يبدأ ويطور ويستثمر في المراحل الأولى من المشروع ثم يتجه لجلب المستثمرين العرب والدوليين.
التأسيس والمبادرة
بدأت شركة ازدهار فلسطين كمبادرة من مجموعة من رجال الأعمال الناجحين في مدينة الخليل وبدأوا بطرح الفكرة النظرية على شبكة علاقاتهم ولاقت رواجاً منقطع النظير. وكان التسويق للعمل يتجاوز في أثره العمل الخيري ويأخذ صفة الديمومة والاستثمار، وبالفعل وخلال وقت قصير تم تأسيس الشركة في الربع الأخير من العالم 2019 وتم تسجيلها كشركة مساهمة خصوصية برأسمال مبتدأ 25 مليون دولار وبهدف جلب مستثمرين اخرين للوصول الى راس مال 100 مليون دولار بحيث يكون رأس المال هنا رافعة استثمارية لمشاريع قد تتجاوز 1.5 مليار دولار لمضاعفة استثمار سيتعدى 15 مرة.
حوكمة الشركة وهيكليتها
كما أوضحت وبسبب عدم وجود قوانين لتنظيم عمل الصناديق الاستثمارية في فلسطين وللرغبة الأكيدة في أن بتم تأسيس الصندوق ضمن القوانين الفلسطينية تم تسجيل الشركة كمساهمة خصوصية قابضة محدودة المسؤولية حيث تم تنظيم الشركة وحوكمتها وفقاً لأفضل الممارسات العالمية. تشمل هيكلية الشركة على مجلس للمساهمين، ومجلس للمستشارين ومجلس إدارة وإدارات تنفيذية على أعلى مستويات الخبرة اللازمة، ويتعاون في سبيل إنجاح وتأسيس استثمارات الصندوق أكبر الشركات الاستشارية العالمية مثل PWC وآخرين وتخضع أعماله لعدة مستويات من التدقيق الخارجي من مكاتب عالمية وتدقيق داخلي مستمر.
الانطلاقة
نظراً للثقة العالية التي يحظى بها المؤسسون سواء من مجتمع الأعمال الفلسطيني أو المجتمع الفلسطيني بشكل عام ونجاحاتهم المثبتة على الأرض، فقد كان التأسيس والانطلاق سريعاً في بداية العام 2020. ما لبثت الشركة أن وضعت الشركة ملامح استراتيجيتها حتى أتت مشكلة الكورونا إلا أن شركة ازدهار فلسطين استغلت هذه الفترة لإكمال دراساتها والإعداد للمشاريع.
كيف تعمل ازدهار فلسطين وكيف تؤسس مشاريعها
بدايةً ووفقاً للأحكام الداخلية للصندوق فإن الشركة لها ضوابط هامة عند اختيارها للمشاريع ، حيث أن هذه المشاريع تخضع لاختبارين أساسيين: جدوى العوائد المادية حيث يجب أن لا تقل نسبة العائد على الاستثمار في مشاريعها عن 14 بالمئة وكذلك جدوى الأثر حيث يجب أن تكون هذه الاستثمارات ذات أثر واضح إيجابي وفعّال في الاقتصاد الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني. ونظراً لحاجة فلسطين الماسة لتأسيس عدة مشاريع فإن أغلب مشاريع ازدهار هي مشاريع أرض خضراء ( GREEN FIELD PROJECTS) أي أن ازدهار تبدأ في المشاريع من الصفر وتقوم بعمليات التطوير بما يشمل الدراسات وأعمال الهندسة والتصميم وتوفير الأرض وبناء البنية التحتية.
مساهة ازدهار في المشاريع
ازدهار فلسطين تساهم في رأس المال الابتدائي لجميع مشاريعها ولن تتجاوز نسة مساهمتها 35% بحيث تقسم المساهمات المتبقية لعدة شرائح من المساهمين:
أولاً: مساهمو ازدهار أنفسهم لمن يرغب منهم في الاستثمار بأي مشروع
ثانياً: مساهمون استراتيجيون وهم المساهمون الذين لديهم ميزة تتعدى قيمة المساهمة كخبرة معينة أو أسواق أو مصادر أخرى.
ثالثاً: جذب مساهمين خارجيين سواءً من فلسطينيي الداخل او الاغتراب.
رابعاً: صغار المساهمين ما يعني فتح الفرصة للمساهمين المحليين في المجتمع المحلي بنسبة استثمار
30 بالمىة .
مشاريع ازدهار فلسطين:
في الاجتماع الأول لشركة ازدهار فلسطين تم إقرار آلية البحث عن المشاريع وتم اعتماد سلسلة المسوحات الاقتصادية والتي تصدر من دائرة الإحصاء الفلسطيني كمرجع أساسي، وتصدر الدائرة تقريراً عن البضائع الأكثر استيراداً سواء من إسرائيل أو من العالم. وقد تقرر أن أهم أثر يمكن إحداثه هو من خلال إحلال صناعات محلية بدلاً من المستوردة لما لذلك من أثر هام سواء على ميزان المدفوعات أو على ميزان التجارة الخارجي أو التشغيل أو خلق القيمة المضافة في الاقتصاد الفلسطيني.
الأعلاف: نظراً لأن قطاع الطاقة والأعلاف هما من أول 5 سلع يتم استيرادها فقد تم إقرار العمل في الدراسات لهذه المشاريع بحيث أن أكبر مصنع للأعلاف شارف على الانتهاء وسيكون الأكثر انتاجاً والأكبر قدرةً على التخزين. وسينتج هذا المصنع كافة أعلاف الدواجن والمواشي والأبقار بالإضافة إلى مصنع لإنتاج المضافات العلفية مع قدرة تخزينية للمواد الخام تتجاوز 100 الف طن سواء كانت على شكل صوامع أو مخازن مستوية ومغلقة أو مخازن مفتوحة للسيلاج.
الطاقة: من أهم مشاريع ازدهار هي مشاريع الطاقة فقد بادرت الشركة بطلب ترخيص محطة توليد كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي وتتجاوز 200 ميغاواط وقد حصلت على الترخيص اللازم لذلك. وقامت الشركة بشراء الأرض اللازمة للمشروع بمساحة 80 دونم وحالياً تعمل على إتمام كافة التعاقدات الأخرى اللازمة مع الجهات المعنية سواء الحكومة الفلسطينية أو الطرف الآخر أو عقود التوريد والبناء والعقود الأخرى، وقريباً سوف يتم طرح أسهم هذه الشركة للاكتتاب الخاص وفي مرحلة لاحقة للاكتتاب العام.
الصناعات الزراعية : استثمرت ازدهار فلسطين مع المجتمع المحلي من المزارعين في قرية كفردان في جنين بمصنع لإنتاج المخللات وخصوصاً مخلل الخيار حيث أن هذا المشروع يعزز جزء من الصناعات الزراعية التي تشغل الأيدي العاملة بكثافة وكذلك تزيد من مساحة الأرض المزروعة.
مشروع التكنولوجيا والذي أٌطلق عليه اسم شركة ازدهار تكنولوجي فالي ويهدف
هذا المشروع بمشاركة العديد من المساهمين من أصحاب الاختصاص إلى توفير عشرة آلاف فرصة عمل للخريجين والمهندسين خلال عشر سنوات وذلك بالشراكة مع أكبر الشركات العالمية وقريباً ستقوم الشركة بالتوقيع على عقد شراكة من إحدى الشركات الألمانية الرائدة في هذا المجال.
الدور التحفيزي لازدهار فلسطين
مما سبق نرى أن الأثر الأكبر لازدهار فلسطين هو الدور التحفيزي في الاقتصاد الفلسطيني من خلال عدة محاور أهمها:
1. توفير مشاريع جاهزة للتنفيذ مما يوفر الفرصة للعديد من المستثمرين سواء بشكل مستقل أو بمساهمات جماعية أو بالشراكة مع ازدهار على تنفيذها.
2. إمكانية تكرار تجربة ازدهار لمبادرات أخرى سواء في الضفة الغربية او القدس او قطاع غزة او الداخل الفلسطيني، حيث ان ازدهار جاهزة لنقل التجربة أو المساهمة في مثل هذه الصناديق.
3. فتح الآفاق أمام الجميع للمبادرة بفرص استثمارية خلاقة لتتبناها ازدهار فلسطين أو لتسوقها.
4. تحضير القطاع العام أو البلديات للمشاركة مع القطاع الخاص في مبادرات للاستثمار المشترك تقوم البلديات بطرحها للمستثمرين للبحث عن شروط أفضل ، وهنا أذكر مثالاً ناجحاً لذلك حيث عرضت ازدهار فلسطين على بلدية الخليل الاستثمار المشترك في موضوع الفايبرالمنزلي للاتصال المرئي للانترنت وطلبت من البلدية أن يتم ربط الخطوط من خلال الكهرباء وبالفعل طرحت الفكرة على شركة مدى للاتصالات والتي قدمت عرضاَ أفضل من عرض شركة ازدهار فلسطين واستثمرت في مد خطوط الفايبر الموجودة في جميع منازل مدينة الخليل.
وأخيراً يبقى أن أقول أن ازدهار فلسطين متاحة للجميع للاستثمار فيها وهي نموذج ناجح وجذاب ومجدي ويمكن تكراره.