السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قهقهات حزينة

نشر بتاريخ: 22/07/2023 ( آخر تحديث: 22/07/2023 الساعة: 11:46 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام



التوجيهات الحكومية في واد . والارشادات العائلية في واد ثان ، والتحفيز الإعلامي في واد ثالث . بينما رغبة الشاب الفلسطيني في اتجاه رابع مختلف تماما عن الاتجاهات الثلاث انفة الذكر .
الشرطة تدعو الى عدم استخدام المفرقعات لأنها خطرة ومزعجة . بينما تواصل وسائل الاعلام تمجيد استخدام أطفال احياء القدس ومدن الضفة الألعاب النارية في مواجهة الاحتلال . وتقوم الاسرة بتمويل شراء المفرقعات دون تعليق . امّا صاحب الشأن وهو طالب التوجيهي فلا يوجد خيارات أخرى امامه لينتقي منها ما يناسبه . لا يوجد حدائق عامة ولا سينما ولا مسرح ولا مدن ملاهي ولا قاعات للاحتفالات ولا ساحات مع فرق فنية .

التكريم والاحتفالات ومقابلات الصحافة للمتفوقين بعلامات تلامس المائة من مائة . بينما المستقبل الزاهر لمن يذهب للتخصص في المجال المهني والورشات . والاهم من هؤلاء الذين ينخرطون فورا في سوق العمل الذي لا يحتاج الى تعليم .
كل المديح للحب والوفاء والشهامة وطيبة القلب وقصص العاطفة وروميو وجولييت . ولكن حين تصل الأمور حد تكوين الاسرة فان الشاب يقف وحيدا امام محكمة الاستئناف الاجتماعي . ووفرة المال تتفوق على باقي الصفات التي تتراجع تلقائيا ويدفعها كمبيوتر المصالح الى اسفل الهرم .

على التواصل الاجتماعي تجد كل شيء مباح وغير مباح . واعجبني من قال ان من يدخل تويتر يجد كل الناس فلاسفة ، ومن يدخل فيس بوك يلقى كل الناس معارضة . ومن يذهب للانستغرام يعتقد ان كل الناس في شرم الشيخ وانطاليا . ومن يقرر الدخول الى سناب تشات ينصدم ان جميع الناس سعداء باستثنائه هو !! ولكن من ينزل الى الشارع يجد كل شيء على حاله ولم يختلف سوى مستوى الإحباط والهم وكثرة الفقراء والعاطلين عن العمل .
خريجو الجامعات من دون عمل ومن دون امل ، يسهرون الليل وينامون النهار . وبالفعل هذا سبب ان الانتفاضة انتقلت من النهار الى الليل ، فصارت انتفاضة ليلية .
تحاول العائلة حل معضلة عدم وجود وظائف حكومية للخريجين بتشجيع الزواج ، ومن هنا تبدأ رحلة التيه الى المجهول .
الحكومة تقول شيء ، والعائلة تقول شيء مختلف تماما . بينما الحركة الوطنية والتنظيمات لا تسأل أي عنصر جديد عن شهادته او تخصصه وتقبل أي متطوع بينما الحكومة لا تقبل أي موظف حتى لو كان من عباقرة الزمان ومن اهم العلماء في جيله !!!اما المواطن ومن قبله الوطن فهو الذي يدفع كل الاثمان في كل الازمان .
ذات مرة حين عاد الزعيم عرفات للوطن عام 1995 أسس الدكتور نبيل شعث وزارة اسمها وزارة التخطيط والتعاون الدولي . وفي 2015 صدر مرسوم رئاسي يجمع بين وزارة التخطيط ووزارة المالية !!
وحين التقيت نبيل شعث بادرته بالسؤال : يا دكتور أبو علي اين ذهبت وزارة التخطيط ؟ ام ان التخطيط كله انتهى ؟
فقال : لقد قسّموا وزارة التخطيط الى خمس وزارات : وزارة المرأة – وزارة العمل – وزارة الخارجية – وزارة المالية – ووزارة الاشغال العامة .

القاعات تمتلئ بالأفراح فصارت الشوارع تمتلئ بالحفلات وصوت مكبرات الصوت فوق المستوى المعقول . الجميع يرقص ويغني ولكن هل هناك مواطن سعيد ؟
هل من مواطن يعمل في الوظيفة التي يحبها ؟
الذكاء الاصطناعي يملأ الدنيا .. ولا تزال ثقافة القناع هي السلطة الأولى في بلادنا .