السبت: 11/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

العدالة المفقودة

نشر بتاريخ: 23/07/2023 ( آخر تحديث: 23/07/2023 الساعة: 13:21 )

الكاتب: منال غانم مصطفى

لماذا يموت شعب ليحيا نظام حكم ويموت وطن ليعيش على حساب موته وطن آخر!

لماذا يأكل إنسان ما في هذا العالم لقمته مغموسة بالقهر أو التراب، وآخر يتخم بلقمته بملعقة من ذهب، ويأكل كلبه أو قطّه ما يشبع قرية، وتبقى الفضلات مرميّة على قارعة الحاويات!

لماذا إيّها المتخمون! لماذا أيّها الجائعون!

لماذا أيّها الحكّام الظّالمون! لماذا أيّها المقهورون!

لماذا يعيش الغرب "الديمقراطيّ المتنوّر" على حساب الشرق الغنيّ الفقير!

بأيّ حقّ تنهب أميركا وأوروبا خيرات أفريقيا وثروات آسيا!

أعياني هذا التفكيربالظلم والعد ولطالما تساءلت أين العدالة السماويّة على هذه الأرض!

أتعجّب وأتشكّك وأبلع كلماتي أحيانًا وأخفي أحاسيسي كثيرًا وأبثّ أفكاري قليلًا.

ويبقى السؤال ماثلًا وطارحًا نفسه: "أين العدالة سماويّة أم أرضيّة"؟

كيف لي أن أومن بما لا يقبله العقل من انعدام الإنصاف بين البشر!

منذ الصغر علّمونا أنّ البشر متساوون، أخبرونا أنّ لكلّ منّا نصيبًا من الأرزاق! أين نصيبنا من المال والبنين والصحة والسعادة والحقّ في الحرّية والكرامة.

وإذا تطرّقت أو تطرّفت في تفكيري بأنّ الله لم يعدل بين عباده وشعوب الأرض، تساءلت في الوقت نفسه هل لله علاقة بما يفعله الإنسان بأمّ يديه، ومرّة أخرى كيف لشعوب أن تنعم بالرفاهية والنعم الوافرة وأخرى تعيش الفقر ومرار الحاجة ولقمة الذلّ والعرق! والله هو من قاتل لنا في قرآنه: "لا يغيّر الله ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم"، مجرد التفكير بهذا الأمر كان يشعرني بجهلي، فكيف يمكن ألّا يكون الله عادلًا! وإذا أجهرت تفكيري فسأتّهم بضعف الإيمان، فالإيمان لدى البعض هو أن أؤمن بما لا يقبله العقل بدل أن أبحث فيه وأخوض من أجل المعرفة واليقين.وإذا قرأت القرآن وتمعّنت مرارًا وتكرارًا بهذه الآية الكريمة: "انظُرْكَيْفَفَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍوَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا"!

إذن! فالبشر ليسوا متساوين في الدنيا ولا في الآخرة، وحكمة الله من ذلك أنّه سخر بعض البشر لبعض آخر، وأن يبلوهم ويختبرهم فيما آتاهم من غنى وثراء وفيما قسم لبعضهم بالفقر والحرمان والجوع ونقص في الأنفس والثمرات، فالإنسان الغنيّ ممتحن في غناه أينفقه فيما أحلّ الله ويتصدّق منه أم ليستغلّ به أخاه الإنسان المحروم، والفقير ممتحن في فقره، والشعوب المقهورة ممتحنة بخذلان قادتها، وأخرى بكوارث طبيعيّة، وشعوب ممتحنة بأخلاقها وأصالتها وهذه أشدّ البلوى لأنّ انعدامها يزيد الفساد في الأرض ويمنع العدالة الأرضيّة والسماويّة. ليس الله ظالمًا لعبيده بل كانوا أنفسهم يظلمون.