الكاتب: دانييلا قرعان
يسعى مشروع قانون الجرائم الالكترونية الى إيجاد بيئة رقمية آمنة بتوازن ما بين حرية الرأي والبيئة الرقمية، وتأتي أهمية هذا المشروع بتجريم ما هو مجرما في الواقع، بحيث يكون مجرما في العالم الافتراضي. ويختلف مشروع القانون الحالي عن قانون الجرائم الالكترونية لعام 2015، ان هذا المشروع يتضمن جرائم الابتزاز والاحتيال المالي، وهو موجه لمن يرتكب الجريمة. أما بالنسبة للاختلاف ما بين قانون العقوبات وقانون الجرائم الالكترونية، ان قانون العقوبات يعالج الجرائم التقليدية، بينما يعالج قانون الجرائم الالكترونية تلك الجرائم الواردة في الفضاء الالكتروني.
تسعى الحكومة من خلال مشروع قانون الجرائم الالكترونية مواكبة التطورات المتسارعة، وتلبية احتياجات العصر، ويعنى في حماية الافراد والمؤسسات في عالم جديد وهو العالم الافتراضي، وهو ينافس الواقع الحقيقي، ويحافظ على الامن والسلم الاجتماعي؛ لأننا نعيش في مستقبل رقمي، يوجب إيجاد قانون ينظم العلاقة بين كل الأطراف، وهنالك حاجة ماسة لإعادة النظر بمشروع القانون والعقوبات الواردة فيه؛ وذلك لأن السياسة الوقائية لم تعد تجد نفعا يذكر، واعداد مرتكبي الجرائم الالكترونية ب ازدياد، وهنالك جرائم لا يوجد لها عقوبات، ويوجد العديد من الجرائم الجديدة ظهرت في الآونة الأخيرة، واصبح هنالك خلط ما بين وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث ان وسائل الاعلام محمية بقانون المطبوعات والنشر.
يشرع مجلس الامة بشقيه النواب والاعيان القوانين للوطن، ويسعى من خلال تلك التشريعات صون المصلحة العامة، وما يهم مجلس الامة عند تشريع هذا القانون هو عدم مخالفته لنصوص الدستور الأردني، او التضييق على الحريات، لكن في نفس الوقت يجب ان لا نخلط ما بين حرية التعبير والإساءة للأفراد، والمؤسسات على الشبكة العنكبوتية.
مشروع القانون برأيي فرصة وطنية للجم العابثين ومخترقي الحياة الخاصة، وضرب بنية الاسرة وإثارة الكراهية، الا ان بعض مواده تحتاج من اللجنة القانونية في مجلس النواب إعادة النظر فيها، تتمثل ب تخفيض العقوبات، وعدم التوقيف المسبق للمشتكى عليهم قبل صدور حكم قضائي، وبذات الوقت نرى ان القانون ركز على الحبس والغرامة بمالغ كبيرة، وهنالك غرامات تضاعفت عشرات المرات. من أبرز التعديلات في القانون المبالغ فيها، بقاء نص المادة 11 من القانون النافذ حول الذم والقدح والتحقير، وبقاء التوقيف فيها، وزيادة الغرامة من 20 ألف دينار إلى 40 ألفاً، هذا بالإضافة إلى تجريم اغتيال الشخصية بالحبس من 3 أشهر لثلاث سنوات وغرامة 25 ألف دينار، وتصل إلى 50 ألف دينار، والنص يجيز توقيف المشتكى عليه، وهذا ما يريده أغلب المشتكين ولو كان الحكم القضائي عدم مسؤولية أو براءة، والغرامة تذهب لخزينة الدولة وليس للشخص الضحية.
من المعروف ان كل القوانين العقابية في الأردن كانت تأخذ بمبدأ التفريد العقابي، فتنص على تدرج العقوبة من الحبس أو الغرامة أو كلتي العقوبتين، بما يتيح للقاضي اختيار العقوبة حسب تقديره وقناعته بأن الشخص المدان يمكنه الإصلاح ولن يعود لارتكاب أفعال مماثلة، لكن في هذا القانون الجزاء يكون بالحبس والغرامة، وليس بالحبس أو الغرامة أو بالعقوبتين معاً. ليس هناك إنسان معصوم عن الخطأ، ولكن هل إذا أخطأ الصحفي بمعلومة ولم تكن دقيقة تنتهي حياته المهنية بسبب العقوبات المالية الكبيرة؟
كقاعدة عامة الأسباب الموجبة لمشروع القانون تأتي نظراً للتطور السريع في مجال تقنية المعلومات الذي استوجب تجريم بعض الأفعال التي تتم بوسائل إلكترونية ومعاقبة مرتكبيها تحقيقاً للردع العام والخاص، ولمواءمة القانون مع الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات المصادق عليها من المملكة والمعايير الدولية بما يضمن مكافحة الجرائم الإلكترونية وفقاً لأفضل الممارسات المعمول بها كونها من الجرائم الخطيرة محلياً ودولياً.