الكاتب: رامي مهداوي
زكريا.. حينما يلتقي الشعر بالفلسفة ويتحرك المثقفون في دنياه الجميلة. إنها قصة شاعر وفيلسوف ومثقف عبقري يحمل في جعبته عوالم من الجمال والحكمة. زكريا محمد ابن قرية الزاوية، الذي توفي قبل أيام، لم يكن مجرد شخصية عادية، بل كان أيقونة منيرة في عالم الأدب والفكر.
ولد زكريا في عالمه الذي يعشق الثقافة والعلم، فكانت المكتبة ترفيهه الأول، والكتب كانت رفيقه الدائم، أبدع في كتابة القصائد الشعرية وعمق في فهم الفلسفة والأفكار العقلية. كانت كلماته تلامس أعماق النفوس، وأفكاره تثير الفضول والتأمل.
بينما كانت أفكاره تتقاطر من مداد قلمه، كان يعبر عن تعاقب المشاعر والأحاسيس في قصائده، فكان الحب والحنين والألم والأمل يتجسدون في كل بيت شعري. لم يكن يراعي القواعد الشعرية المألوفة فقط، بل كان يتجاوزها ليبدع أسلوبًا فريدًا من نوعه.
وكان لزكريا مهارة أخرى فريدة من نوعها، وهي توظيف الفلسفة في شعره وكتاباته. كان يعبّر عن فلسفته الخاصة بأسلوب شعري جميل، حيث يمزج بين الأفكار المعقدة والعبارات الساحرة ليصل إلى تأملات عميقة في طبائع الإنسان ومعنى الوجود.
كان زكريا شاعرًا يمتاز بلون شعري فريد، حيث كانت كلماته تصبح لوحات فنية تنبض بالحياة. كان يتغنى بالحب والجمال والطبيعة بأسلوب يلامس أعماق الروح. كتاباته الشعرية كانت تحمل روحًا عاطفية وثقافية تجذب القلوب وتلامس الوجدان.
لم يكن زكريا محصورًا في عالم الشعر فحسب، بل كان أيضًا فيلسوفًا بارعًا. كان يناقش القضايا الفلسفية المعقدة بأسلوبه السلس والممتع، مما يجعلها مفهومة وملهمة للعقول المستنيرة. كانت أفكاره ترتقي إلى أعلى المستويات الفكرية وتحدث نقاشًا حيويًا بين المثقفين وخصوصاً بموضوع الميثولوجيا والأديان القديمة.
كمثقف، كان زكريا يمتلك خزانة معرفية ضخمة، كان يتقن العديد من المعرفة العالمية الحديثة والتاريخ القديم ويطلع على الثقافات المختلفة. تجلى ذلك في كتاباته التي تجمع بين التراث الأدبي والفكري من مختلف البلدان. كان يتنقل بين الموضوعات بسلاسة ويُلقِّن الحكمة والمعرفة في أدق التفاصيل.
وإنه لمن المؤلم أن نفقد هذا العبقري الذي أثرى حياتنا بجمال الكلمة وعمق الفكر. إنها خسارة كبيرة للثقافة والفلسفة، ولكن إرثه الثقافي والأدبي سيظل حيًا في قلوب المثقفين والباحثين.
لقد ألهمنا زكريا برؤاه العميقة وفلسفته المبدعة. إنه كان نجمًا مضيئًا في سماء الأدب، وسيبقى اسمه يلمع كالشمس في عالم المثقفين الأكاديميين. رحم الله زكريا وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا جميعًا الاستمرار في نشر العلم والفكر والثقافة التي كان يحبها ويعمل من أجلها.