الكاتب: د. أحمد رفيق عوض
كتب اسرائيلي متحذلق مقالا عدد فيه مكاسب اسرائيل بعد اتفاق اوسلو ملخصا ذلك بالقول ان اسرائيل تقدمت اقتصاديا و انفتحت على العالم و تخلصت من اعباء الاحتلال و قللت من اهمية و مركزية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي و ان اتفاق اوسلو كان بردا و سلاما على اسرائيل عكس كل الاراء التي اطلقها اليمين الاسرائيلي في حينه، و قد ترافق ذلك المقال مع ما نشر من وثائق سرية عن طبيعة الحوارات بين قادة اسرائيل العماليين في حينه حيث ارادوا من اتفاق اوسلو ما هو قائما الان تماما، اي اعادة تعريف الاحتلال بحيث يدوم الى الابد و انهاء فكرة الدولة الفلسطينينة و محاصرة الفلسطيني و تدجينه من خلال وسائل ناعمة و خشنة في ان معا .
بدا الامر و كأن اسرائيل حققت ما ارادت و انها انتصرت علينا عدة مرات ، مرة بهذا الاتفاق الذي جعلت منه اداة للتطويع و الاخضاع و السيطرة و مرة ثانية بتفكيك الفلسطينيين الى تجمعات متعددة جغرافيا و قانونيا و مرة ثالثة بالانقسام الجغرافي و السياسي و مرة رابعة بالقدرة على تجاوزنا او العبور من خلالنا الى العالم العربي ، و لكن و رغم كل ذلك و رغم ادائنا و رغم ارتباكنا و رغم تناقضاتنا ، فهل خسرت اسرائيل باتفاق اوسلو ايضا .
برأيي ان اسرائيل خسرت ايضا على المستوى التكتيكي و الاستراتيجي و ذلك على النحو التالي :
اولا: اسرائيل قتلت و الى الابد فكرة الاعتدال و فكرة التسوية ة فكرة التفاوض لان الاعتدال الفلسطيني و العربي لم يؤدي الى حلول مرضية او حتى نتائج يمكن الدفاع عنها .
ثانيا: خلال ثلاثين سنة من الاتفاق ، تحولت اسرائيل الى كيان متوحش و عنيف و عدواني و انتهى الى الفاشية ، بمعنى ان كل ما تدعيه اسرائيل من مشاريع السلام و قطاراته انما هو تمويه لصورة مدمرة و خربة عن هذا الكيان ، التوحش الاسرائيلي يهدد النظام السياسي الاسرائيلي نفسه ، اذ ان هناك قوى تريد اختطاف النظام لصالحها و ارتهان القوة و امتلاكها تعبيرا عن ذروة الفاشية .
ثالثا : خلال لاثين سنة خسرت اسرائيل الامن و الامان ايضا اي ان اتافق اوسلو لم يمنح اسرائيل الامن الشخصي و الجمعي على الاطلاق .
رابعا : اتفاق اوسلو المنقوص و الذي لم يحقق السلام اعفى اسرائيل لمدة طويلة جدا من البحث عن حلول اخرى غير تجديد الاجراءات الامنية التي دفعت الفلسطينين و غيرهم الى الاستعداد و من الاشتباك و عليه فأن اوسلو زاد من المخاطر و لم يقللها .
خامسا : خلقت اسرائيل خلال ثلاثين سنة جيلا من الشعب الفلسطيني لم و لن ير فيها سوا المحتل الغاشم الذي لا يمكن الحوار معه ، اي ان اسرائيل لم تستطع ان ترتفع الى المستوى الاخلاقي القادر على مخاطبة الفلسطيني كبشر بل هي تؤكد النظرة الاستعمارية السائدة بأعتبارهم مشكلة امنية او ديمغرافية و بهذا لم يقدم اتفاق اوسلو اي افق .
سادسا : برأي ان كل ما ذكره اسرائيل كاتس و قيادة اسرائيل للمنطقة و التحكم في مساراتها التجارية لتثبيت ما سما الامن و السلام و التنمية لا يعني شيئا على الاطلاق بعد ثلاثين سنة من اتفاق اوسلو ، لأن كل حل لا يضمن ولا يبشر بأنهاء الاحتلال و اقامة الدولة الفلسطينية انما هو طريق التفافي اخر لا يقود الى شيء و اسرائيل ماهرة في شق الطرق الالتفافية التي تتحول بفعل الوقت الى طرق عادية متربة ، و فيها مطبات كثيرة ولا تقود الى شيء .