الكاتب: د. جهاد الحرازين
شهدت جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال78 حدثا اثار الكثير من الغرابة والاستغراب عندما رفع ممثل دولة الاحتلال جلعاد اردان صورة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة اثناء كلمة الرئيس الإيراني تتعلق بإحدى المتظاهرات في ايران مخترقا بروتوكول الامم المتحدة وكانه يحاول ان يقول للعالم باسره بان دولته تعمل على حماية حقوق الانسان والحريات في أي مكان بالعالم وتدافع عن ضحايا الانتهاكات والتعذيب ومن تُصادر حقوقهم بأي بقعة بالأرض باعتبارها الدولة الاخلاقية ذات السجل الخالي من انتهاكات حقوق الانسان والجرائم الدولية والفصل العنصري، فهي الدولة التي تسمى نفسها بواحة الديمقراطية بمنطقة الشرق الاوسط الا انه بعد مشهده الدرامي الذى حاول افتعاله.
وكانه يريد البكاء على ما يحدث بالعالم من انتهاكات للحقوق والحريات متناسيا هذا الافاق بانه في اللحظة التي رفع فيها صورة الفتاة الايرانية كانت قوات جيش حربه تقوم بعمليات اقتحام لمخيم جنين وتمارس القتل والهدم مستخدمة الطائرات المسيرة والهليكوبتر ومدرعاتها وجيباتها المصفحة لتمارس القتل والبطش بالمدنيين العزل.
ويبدو بان ذاكرة اردان وقادته ضعيفة جدا لينسى حجم وهول الجرائم التي ترتكبها دولته بحق الشعب الفلسطيني فهناك يوميا اقتحامات للمدن وللأماكن المقدسة والابشع من ذلك تناسى ما فعلته قواته مع خمس نساء فلسطينيات من عمليات تفتيش عاري وترهيب تتناقض كليا مع القوانين والمواثيق الدولية والممارسات التى تمارس على الاسرى الفلسطينيين القابعين بمعتقلات وسجون الاحتلال بعد سلسلة قرارات اتخذها المتطرف بن غفير وزير الامن القومي الصهيوني ولذلك اذا نظرنا الى المشهد بشكل كامل من كافة زواياه سنجد بان دولة الاحتلال تمارس كل الجرائم التي تصنف وفقا للقانون الدولي جرائم دولية سواء بالاستيطان ومصادرة الارض وتهويدها وتدنيس الاماكن المقدسة والاعتداء على المصلين والمدنيين الامنيين ومحاولة تهجيرهم وتعذيب الاسرى وفصل المدن بالحواجز وعمليات القتل والاعدام بدم بارد والقرصنة على الاموال الفلسطينية واطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين السلميين وقنص الصحفيين والمسعفين ولم يتوقف الامر على تلك الممارسات بل انتقلت لتسود داخل المجتمع الإسرائيلي الذى يعامل بعنصرية وخاصة بعد قانون القومية وغيرها من محاولات السيطرة على القضاء.
ولذلك نجد بان كذب ودراما اردان بالأمم المتحدة لن تغطى على دولته التي يمثلها بانها الدولة الوحيدة بالعالم التي تمارس الفصل العنصري بشهادة وتقارير المنظمات الحقوقية الدولية وهى التي تنتهك حقوق الانسان بشكل متواصل ومتكامل وفق تقارير المفوضة الاممية لحالة حقوق الانسان والمجلس الدولي لحقوق الانسان الذى اصدر اكثر من 200 قرار جميعها متعلقة بانتهاكات حقوق الانسان من قبل دولة الاحتلال وهى الدولة التي ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية فهل اراد جلعاد اردان ان يطمس الحقيقة ويلفت الانظار عن جرائم دولته الاحتلالية ونقل المشهد الى دولة اخرى محاولا تضليل العالم من جديد برواية اسرائيلية كاذبة خادعة لا ترى سوى نفسها بانها دولة فوق العالم وفوق القانون الدولي ونظمه وعلاقاته ومنظماته ولكن لا بد لنا من العودة قليلا لنرى كيف شكلت هذه الحكومة المتطرفة التي تقود دولة الاحتلال والتي نسجت ووضعت مخططاتها الاحتلالية للقفز على كل ما هو أخلاقي وقانوني بالعالم وتنفيذ رغبات مستوطنيها ومتطرفيها الذين اتوا للقضاء على اية محاولة للاستقرار وتحقيق السلام بالمنطقة.
فهذه الحكومة اتت بتشكيلة من اقطاب اليمين المتطرف بزعامات تربت على الكره والحقد والتطرف وازدادت تطرفا وكراهية لكل من حولها مستغلة شعارات دينية خادعة لا علاقة لها بالدين وانما نبعت من فكر وايدلوجيا صهيونية متطرفة فى كل اساليبها مؤمنة بالمزيد من الاستيطان والاستيلاء على الارض داعية لعمليات القتل والاعدام واطلاق النار بتحالف يقوده نتنياهو خائن الامانة والمجرم الفاسد الذى تلاحقه قضايا الفساد فوجد ضالته مع الاكثر تطرفا وحقدا ايتمار بن غفير الفاشستى الجديد الذي اراد ان يصنع لنفسه مكانة بالمزيد من التطرف وشعارات القتل والطرد والملاحقة للفلسطينيين لأنه ترعرع فى حركة الارهاب والتطرف كهانا حى وتتلمذ على يد مائير كهانا وتنقل بين حركات التطرف والارهاب الصهيونى مرتكبا العديد من الجرائم الجنائية ويبدا مسلسل اجرامه الاخر بالاعتداء على المواطنين العرب وحمل سلاحه والتهديد به واقامة الجماعات الارهابية المتطرفة وتمويلها ودعمها ودفعها للقيام بارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين والدعوة لتسليح المستوطنين وتسهيل اجراءات اطلاق النار على العرب لينتقل من خانة الاجرام الى راع للأجرام ومشرعا وممارسا له ضد ابناء الشعب الفلسطينى والطرف الثالث المتطرف سموتيريش الذى يريد ضم الضفة وشرعنة الاستيطان فيها واقامة المزيد من المستوطنات على الارض الفلسطينية والدعوة لقتل الفلسطينيين والطرف الاخر ارييه درعى الذى حكم عليه بقضايا جنائية.
ولذلك نحن امام حكومة خلفياتها اجرامية وجنائية تتنكر لحقوق الانسان تمارس التطرف والعنف والارهاب وتدعو للقتل والتمييز العنصرى فى تحد واضح لكافة الاعراف والمواثيق الدولية والقانون الدولي وكل قرارات الشرعية الدولية ومبادئ العدالة والانصاف وهنا تنكشف دولة الاحتلال الكاذبة والخادعة التى حاولت ان تروج للعالم بانها هى الدولة الديمقراطية الوحيد بالمنطقة وهى راعية حقوق الانسان وان جيشها هو الجيش الأخلاقي الاول بالعالم ولكن على ارض الواقع سنجد بانها الدولة الوحيدة بالعالم التى تمارس الارهاب الدولى المنظم وترعاه وهى الدولة الوحيدة التى تمارس سياسة الفصل والتمييز العنصري وهى الدولة الوحيدة التى تشرع وتسن قوانين مخالفة لكافة الاعراف والمواثيق الدولية وهى الدولة الوحيدة التى لا زالت تحتل ارض الشعب الفلسطينى وتصادر حقوقه المشروعة وهى الدولة الوحيدة التى ترتكب كافة الجرائم التى نص عليها القانون الدولى واعتبرها جريمة دولية والسجلات حافلة بتلك الاحداث والجرائم وجيشها اللاأخلاقي الذى مارس القتل والاعدام على مجرد الاشتباه وقام بالسرقات واقام الحواجز واغلق الطرقات واقتحم دور العبادة وقدم الحماية للإرهابين والمستوطنين وارتكب المجازر واعتقل الالاف وعذب الاطفال والشيوخ والنساء واجهض الحوامل.
وامام تلك الحقائق كان يجب ليس فقط طرد اردان من قاعة الامم المتحدة بل كان يجب طرد دولته من عضوية الامم المتحدة ومقاطعة كلمة رئيس وزراءه ومحاسبة هذه الدولة المجرمة وقادتها على جرائمها واسقاط قناع الزيف والخداع عنهم واظهار صورتهم الحقيقية البشعة القائمة على انتهاك حقوق الانسان وارتكاب الجرائم ومواصلة احتلال ارض الشعب الفلسطينى ومصادرة حقه بالحرية والاستقلال
ولذلك ان كان هناك مجتمعا دوليا يؤمن بمبادئه ومواثيقه واتفاقياته وعهوده وقرارات مؤسساته الاممية ان يقف وقفة جادة وحقيقية امام هذه الدولة المتطرفة والفاشية وادراك الحقيقة بان ديمقراطية وانسانية الاحتلال هى كذبة كبيرة ضللت بها العالم وخدعتهم لسنوات طوال .