الكاتب: د. جهاد حمد
إن بقاء الافكار كما هي وعدم تغيرها وتبدلها في عالم المتغيرات والثورات ، وبقاء الشخوص والزعامات المنتفعة والمنتفخة من أموال الدعم باسم القضية والصراع وحقوق الشعب الفلسطيني وتقديم الدعم له ، حتى أصابتها التخمة السياسية ، والخمول الفكري ، والسبات العقلي ، لهو مؤشر حقيقي وخطير على ما هو متوقع ومتخوف من حدوثه. وفي الجانب الاخر أسرائيل لاترى شريكا ولاتلتزم بعهود او مواثيق – ولا تعترف بشعب فلسطين وحقوقه – ولن تقدم أي تنازل ، ومستمرة في تهويد الارض الفلسطينية ، وقتل الشعب وسحقه ، وتهجيره وطرده ، فكيف يكون الاتفاق معها والتوصل الى اي حل يحقق طموح الشعب الفلسطيني في استرداد ارضه ومقدساته وحقه في العودة واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، أعتقد أن ذلك هو ضرب من ضروب الخيال.
واذا كانت الاتفاقات الموقعة - اوسلو وأخواتها – لم تحقق شيئا للشعب الفلسطيني ولم تحرر شبراً من ترابه ولم تعيد حقاً من حقوقه فلماذا الركوض ورائها ووصمها بانها هي الاطار الامثل للحل !
واذا كان قطبي الوطن لم يغيرا تصورهما للحل ولاسترداد الحقوق فإذاً صراعهما وانقسامهما كان سببه – وان تمترس كل منهم بانه هو الشرعية الحقيقية للشعب الفلسطيني ، ما هو الا على منصب وموقع تمثيل الشعب تحت ظل أوسلو واخواتها المخزية المشؤومة ، التي لم تجلب لنا الا الدمار والانقسام والضياع للحقوق وغيرها.
وفي الطرف الاخر إسرائيل ومواقفها من الفلسطينين:
إن هناك الكثير من المؤشرات التي تبين على أن إسرائيل لن تقدم أي شيء جديد جدي ملموس للفلسطينيين إن كان من خلال عملية التفاوض المباشر أو غير المباشر – بل انها ستنتهي بالفشل كما كان الحال منذ بداية المشروع السلمي واتفاقيات اوسلو سيئة الصيت – فقط إسرائيل تلعب على استراتيجية الوقت بحيث أنها دوماً تفرض حقائق جديدة على أرض الواقع، يحب على الجميع التعامل معها ووفق مواقفها.
إن إسرائيل لم تنفك ومازالت من استغلال الحالة الفلسطينية لصالحها وعلى كل الأصعدة، إن كان هناك انقسام أو مصالحة فهي لن تتغير وفقط الفلسطينين هم الذين يتغيرون ويجب عليهم الانصياع للمواقف الدولية وقررات الرباعية أو أو غيرها ذات الصلة بالعملية السلمية، بل اصبح مفهوم العملية السياسية السلمية : " عملية تأتي من طرف واحد" .
وعليه، هناك جملة من المواقف التي مازالت إسرائيل دوماً مصرة عليها:
1- إسرائيل مازالت: لن تتنازل أو توافق على إقامة دولة فلسطينية - حيث أنها تدير الصراع مع الطرف الفلسطيني بحنكة ودبلوماسية مبنية على إستراتيجية استغلال الزمن/الوقت والظروف العامة التي في صالحها وتعمل على تغيير واضح في الحقائق الميدانية بل وتنتهز كل الظروف الذاتية والموضوعية التي في صالحها ، وعلى رأسها التوسع من خلال سرقة الاراضي الفلسطينية والبناء الاستيطاني المستمر .
2- إسرائيل مازالت مصرة على انه لا يوجد إمكانية في قيام الدولتين، بل وتراوغ سياسياً على الصعيد الدولي في هذا السياق.
3- واهمٌ من يعتقد بقبول الولايات المتحدة الامريكية الحليف الاستراتيجي لإسرائيل على قيام دولة فلسطينية في الظرف الراهن وإن كانت هناك توجهات من الطرف الفلسطيني فهي غير مؤثرة ولم تخترق الموقف الرسمي الامريكي الاكثر تأثيراً عليها.
4- إسرائيل تقود حملة دولية على الفلسطينين وبكل السبل والطرق – بل كل هذا يدعم موقفها مع حليفها الاسترايجي الولايات المتحدة الامريكية بانها غير جادة في السلام.
عند دراسة الواقع بطريقة بعيدة عن العواطف، على الفلسطينيين الانتباه والعمل على تحقيق المعطيات الاتية في أوضاعهم الداخلية:
1- يجب العمل على العودة إلى ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي أولا وإعادة اللحمة الداخلية وتوحيد الجهود الداخلية المشتركة من اجل عملية الاعمار في فلسطين على قاعدة تقييم المرحلة السابقة من عوامل الفشل والنجاح
2- البدء بحوار وطني شامل قائم على أساس التعددية وثقافة الاختلاف على قاعدة : الشعب الفلسطيني ما زال " تحت الاحتلال"، أولاً ، وثانياً ان الهدف السياسي لأي فصيل فلسطيني لا يتمحور حول قضية القرب أو البعد عن السلطة ومغانمها لان السلطة في النظام السياسي الفلسطيني لا تشكل مغنما لأي فصيل بمقدار ما تلقي على كاهله أعباء تنوء الجبال بحملها. والكل يجب أن يعي على أننا في مرحلة تحرر وحتى هذا التاريخ لا يوجد هناك دولة ولا استقلال فعلي. وان لا تصبح القضايا الفرعية هي الاساسية، مثل مشروع الانتخابات المحلية، وغيره ....
3- يستوجب على جميع الفلسطينين التمسك بالوحدة الوطنية الفلسطينية وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من خلال البدء في الاتفاق على برنامج وطني تحرري بعيداً عن الضغوطات الخارجية والحساسيات الإيديولوجية والنزاعات الحزبية والشخصية – برنامج يكون شعاره إنقاذ ما يمكن إنقاذه من فلسطين الأرض والوطن من أجل تحقيق مرحلة التحرر الوطني والعودة ، وبعد ذلك بناء الدولة على ما يمكن إنقاذه من أرض فلسطين لتحقيق الاستراتجيات المستقبلية وتعزيز البناء الداخلي من اجل ذلك.